جسر: متابعات:
اتهمت صحيفة “أوبزيرفر” البريطانية الحكومات والأمم المتحدة بالفشل في وقف الحرب المخجلة في سوريا.
وفي افتتاحية لها قالت إن الحرب في سوريا التي ستدخل عامها العاشر الشهر المقبل تعتبر عارا على العالم. فقد كان بإمكان الولايات المتحدة، وبريطانيا والدول الأوروبية تحديدا عمل المزيد لوقفها. وعوضا عن هذا فشلت في التحرك بحسم ضد نظام بشار الأسد الذي ارتكب عددا لا يحصى من الجرائم ضد الشعب السوري وبمساعدة من روسيا وإيران.
وقالت إن حصار مدينة إدلب، آخر المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة المسلحة له دخلت مرحلة الذروة. وأدى القصف الذي لا يرحم إلى حصيلة رهيبة، حيث قتل أكثر من 200 شخص منذ بداية العام الحالي وهرب حوالي 600.000 مدني وقتل أكثر من نصف مليون سوري منذ بداية الحرب عام 2011. وتضيف الصحيفة إن حكومات العالم التي تخلت عن واجبها الأخلاقي والقانوني لحماية السكان والإلتزام بالقوانين الدولية، بل وعرت الأزمة السورية الامم المتحدة ومجلس الأمن المنقسم على نفسه.
وترى الصحيفة أن البرلمان البريطاني أخطأ عام 2013 الذي خاف من عراق أخرى ومنع التدخل العسكري ثم تبعه الكونغرس الأمريكي.
وهزت أزمة اللاجئين أوروبا في عام 2015 وربما حدثت أزمة مشابهه، ولا يزال الاتحاد الأوروبي لم يشكل موقفا أو نهجا إنسانيا للأزمة. وفي الوقت نفسه لم تعد “عملية السلام” التي ترعاها الأمم المتحدة مهمة لأنها تفتقد الحيوية والدعم وهمشتها عملية تدفعها مصالح قوى أخرى مثل روسيا وإيران وتركيا، ولهذا السبب جرى خرق اتفاق إطلاق نار بعد آخر.
وتعلق الصحيفة أن مستوى الكارثة السورية يمكن مقياسه بطرق أخرى. من خلال النظر للضرر الذي أحدثه الإجماع الدولي بشأن حظر استخدام السلاح الكيماوي والقانون الدولي الإنساني بشكل عام.
ومن التداعيات الأخرى للحرب السورية أنها قدمت فسحة للجهاديين الذين هزموا وتشتتوا في العراق بعد زيادة القوات الأمريكية. وقدمت سوريا للإسلاميين ساحة حرب جديدة، وكانت النتيجة دولة إسلامية وخلافة هناك. وواصلت بريطانيا التي انضمت إلى التحالف الدولي لسحق تنظيم الدولة الإسلامية سياساتها غير المتماسكة في القضايا الأخرى المتعلقة بالحرب وتداعياتها مثل زيادة التهديد الإرهابي وتصاعد كراهية الإسلام.
وكشف الهجوم الأخير الذي نفذه متشدد خرج من السجن في جنوب لندن عن وجود جهاديين إسلاميين لديهم القدرة على تجاوز الرقابة المفروضة. وتتأثر الحريات المدنية واحترامها بطريقة سلبية كما في حالة شميما بيغوم، البريطانية الساذجة ومن أصول بنغالية والتي سافرت إلى سوريا للإنضمام إلى الجهاديين وتزوجت هناك والآن تريد العودة إلى بلدها. وخسرت في الأسبوع الماضي المرحلة الأولى من الإستئناف ضد قرار وزارة الداخلية تجريدها من جنسيتها. وأوضحت الصحيفة موقفها سابقا وهو أن معاملة الحكومة البريطانية لزوجات وأطفال وأيتام الجهاديين غير منصفة وتعبر عن قصر نظر.
والمدخل الصحيح من البريطانيين مثل بيغوم، مهما كانت افعالهم مثيرة للقرف ليس التخلي عن “قيمنا” أو “تجاهل الإجراءات القانونية” و”يجب السماح لبيغوم العودة إلى بريطانيا ومواجهة المحاكمة وتقديم الأدلة ضدها إن سمح ذلك”، ونفس الأمر ينطبق على بقية الجهاديين الذين ألقي القبض عليهم.
وبالضرورة فالفوضى المنتشرة في سوريا سمحت للقوى الأجنبية التي لا تهتم بوقف المعاناة الإنسانية باستغلال الوضع. ولا يمكن غفران السلوك الروسي. ففلاديمير بوتين مثل الأسد لديه الكثير لكي يجيب عنه. ويجب على تركيا وقطر قطع علاقاتهما مع الجماعات الإسلامية. كما يجب على إسرائيل التوقف عن استخدام سوريا كساحة حرب لمواجهة إيران.
وترى الصحيفة أن الأخطاء السابقة يجب ألا تقف أمام التحرك لوقف الكارثة المتزايدة في إدلب. ودعا الأطباء والعاملون في مجال الإغاثة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التدخل رسميا. وعليه السفر إلى هناك والإطلاع شخصيا على الحطام الإنساني ودمار الأمة وعار القوانين الدولية التي كانت يوما مثال فخر للجميع.
(القدس العربي)