جسر: ترجمة:
نقلت مجلة “فورين بوليسي” عن مسؤول الشؤون اﻹيرانية في وزارة الخارجية اﻷمريكية، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعتقد بتزايد الحوافز لدى إيران ﻹنهاء تدخلها العسكري، الذي كلفها مليارات الدولارات، في سوريا؛ بعد اﻷضرار الكبيرة التي لحقت بها جراء تفشي وباء كورونا.
وقال المبعوث الأميركي الخاص للشؤون الإيرانية براين هوك، إن الولايات المتحدة شهدت “انسحابا تكتيكيًا” للقوات الإيرانية في سوريا، بحسب المجلة التي لفتت إلى أن تعليقات هوك تأتي وسط دلائل على انخفاض حماس طهران ﻻستمرار تخدلها عبر وكلائها في أنحاء الشرق الأوسط، بعد أن قتل COVID-19 أكثر من 7000 شخص في إيران حتى الآن، فيما يعتقد مسؤولون الأمريكيون أن الرقم قد يكون أعلى بكثير.
وأشارت المجلة إلى تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي التي قال فيها إنه رأى القوات الإيرانية تغادر سوريا، فيما صرح نائب إيراني أن دعم إيران لنظام اﻷسد كلفها ما يصل إلى 30 مليار دولار.
وفي حوار أجرته “فورين بوليسي” معه، قال هوك، إن إيران أعلنت مقتل 7000 شخص، لكن، واستنادا لمعلومات اﻹدارة اﻷمريكية، ربما يكون الرقم خمسة أضعاف ما أعلن عنه، مؤكدا على وجود نمط من السلوك تنتهجه إيران والصين، يقوم على سجن من يكشف عن إحصاءات دقيقة، مشيرا إلى طرد أطباء وتهديد آخرين لقولهم الحقيقة.
وأضاف هوك، “لقد رأينا نوعا من اﻻنسحاب التكتيكي للقوات الإيرانية، ونرى إدراكا من قبل روسيا والنظام لفوائد مغادرة القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها لسوريا، وهو ما اشترطته أمريكا والمجتمع الدولي الذي يقدم المساعدة لإعادة الإعمار”. مشيرا إلى أن هناك عدد من اﻷطراف يريدون الانتقال إلى سيناريو ما بعد الصراع في سوريا “المضي قدما نحو عملية سياسية بعد الصراع”، والنظام الإيراني يقف عقبة أمام ذلك، لذا تعتقد اﻹدارة أن هناك حوافز متزايدة لدى إيران لمغادرة سوريا.
وفي حديثه عن سياسة الضغط اﻷقصى التي تمارسها اﻹدارة اﻷمريكية على إيران، قال هوك “بعد مرور عام، ما زلنا نجد العديد من الأهداف التي تشكل فرصا للضغط على النظام ماليا”، مؤكدا أن بلاده ستواصل الوقوف مع الشعب في مواجهة النظام اﻹيراني الذي قتل في تشرين الثاني/نوفمبر أكثر من 1500 شخص، وجرح الآلاف، وسجن في مناطق متفرقة من البلاد ما بين 8000 إلى 10000 شخص، لذا فقد فرضت واشنطن مؤخرا عقوبات على 12 إيرانيا متواطئين في انتهاكات حقوق الإنسان، كان وزير الداخلية واحدا منهم، بعد أن أذن للقوات الإيرانية باستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين السلميين. إضافة إلى عقوبات على القضاة، والقطاع القضائي، ووزارة الداخلية، وهي عقوبات لا تقتصر على الجانب المالي بل وتشمل منح تأشيرات السفر أيضا، وبالنظر إلى نفوذ أمريكا في الاقتصاد العالمي، فإن لها عواقب، بحسب ما أكد هوك.
وحول المطالب اﻷمريكية المتوقعة من المحادثات المرتقبة مع الحكومة العراقية في حزيران/يونيو المقبل، قال هوك، إن المشكلة في العراق مماثلة لنظيراتها في أماكن أخرى مثل لبنان وسوريا، وأن النظام الإيراني يسعى منذ عهد الخميني إلى السيطرة على جميع الحكومات في الشرق الأوسط، وأضاف أن سياسة أمريكا تقوم على كبح نفوذ إيران عبر الشرق الأوسط ومساعدة دول مثل العراق ولبنان على التحرر منه، اﻷمر الذي يستدعي الكثير من الدعم للشعب العراقي في سبيل تحقيق ذلك، وقال موضحا “أعتقد أن أحد الأشياء التي سيركز عليها رئيس الوزراء هو استعادة سيادة العراق من التدخل الإيراني، وأعتقد أن مقتل قاسم سليماني يقدم فرصة أفضل للشعب العراقي ليكون لديه حكومة تمثل مصالحه وليس مصالح النظام الإيراني”.
وعن امكانية أن يتصرف النظام الثوري في إيران كـ”دولة طبيعية”، وهو ما تطالب به إدارة الترامب بشكل مستمر، بيّن هوك، أنه لا يوجد نظام تمثيلي في إيران، وأنها ليست دولة فقيرة، بل “دولة غنية يحكمها اللصوص”، حيث يسرق النظام شعبه المغيّب منذ 41 عاما، مؤكدا أعتقده بوجود رغبة حقيقية لدى الشعب الإيراني في التغيير، عبر عنها في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، بعد أن سئم من سلوك حكومته كنظام خارج عن القانون حول العالم منبوذ دوليا، مضيفا أن النظام اﻹيراني يدرك أنه يواجه أزمة شرعية ومصداقية مع شعبه، وأن حملة الضغوط الاقتصادية القصوى والعزلة الدبلوماسية وسعتا المجال أمام الشعب الإيراني للوصول إلى حكومة أكثر تمثيلا، وأشار هوك إلى احتجاجات تشرين الثاني/نوفمبر التي شملت 31 مقاطعة، دون أن يُرفع شعار واحد ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أو الولايات المتحدة أو العقوبات الأمريكية، لأن اﻹيرانيين يعرفون أن النظام هو المسؤول عن مشاكلهم الاقتصادية وليست الولايات المتحدة، بحسب هوك.
وأضاف، أن الرئيس ترامب يرغب في رؤية النظام الإيراني على طاولة المفاوضات للتوصل إلى صفقة شاملة حقا؛ تتناول مجموعة التهديدات الإيرانية للسلم والأمن، وأن اﻹدارة جمعت النفوذ اللازم لتحقيق صفقة من هذا النوع، حيث أن الضغط الذي تمارسه يقل عن نظيره الذي كان قائما قبل الاتفاق النووي. وتابع قائلا: “نحب موقفنا إلى حد كبير، نحن سعداء للغاية بالنجاح الذي حققته سياستنا الخارجية؛ استعادة الردع، والوقوف مع الشعب الإيراني، وعزل إيران دبلوماسيا، وسنستمر في هذا الطريق بثقة كبيرة بسياستنا”.
وفيما لو كانت اﻹدارة اﻷمريكية أقرب الآن إلى الدخول في صفقة نووية جديدة مع ضمانات محتملة تشمل برنامج الصواريخ وجوانب أخرى من القوة الإيرانية، بالنظر إلى مرور عامين على الخروج من الاتفاق النووي في 2018، أجاب هوك، أن هذا سؤال للنظام، وأن الرئيس ترامب كان منفتحًا على الجلوس مع النظام طوال فترة رئاسته، وبالتالي، حتى لوبدت الصفقة قريبة يجب أن يجتمع المسؤولون اﻹيرانيون بالدبلوماسيين اﻷمريكيين وأن يتوقفوا عن التهديد والابتزاز النووي الذي لا طائل منه.
وأكد هوك أن إيران لن تأتي إلى طاولة المفاوضات دون ضغوط اقتصادية، وعزلة دبلوماسية، وتهديد معقول بالردع العسكري للدفاع عن مصالح بلاده، مضيفا أن إدارة ترامب وضعت هذه العناصر الثلاثة في مكانها، مما يزيد من احتمالات التوصل إلى الصفقة المرجوة، حيث تحرم هذه العملية مكونات النظام من الإيرادات بشكل لم يسبق له مثيل، واستشهد بتصريح للرئيس الإيراني حسن روحاني قال فيه: إن العقوبات اﻷمريكية كلفت النظام 200 مليار دولار، لافتا إلى إلى أهمية ذلك عندما يكون هذا النظام “الدولة الرائدة في العالم في رعايتها للإرهاب ومعاداة السامية”، مشيرا إلى أن إيران تواجه بيئة أكثر تقييدا وأقل تسامحا لأن النظام منهار إلى حد كبير.
واستدرك هوك، أنه لا يعتقد أن اﻹدارة اﻷمريكية قضت على قدرات النظام وإرهابه تماما، لكنه ووكلاءه أضعف اليوم مما كانوا عليه قبل ثلاث سنوات. وختم أن النظام اﻹيراني يواجه الخيار التالي: “يمكنهم الاستمرار في مراقبة انهيار اقتصادهم وتجويع وكلائهم من أجل المال؛ وسنواصل هذه السياسة، وكذلك وكلاءه لأنها تنجح، وبطرق عديدة، لسنا على عجل، لدينا سياسة جيدة، وليتمكن النظام من النجاة عليه اتخاذ القرار بالجلوس إلى الطاولة”.