جسر – صحافة
يتخوف مزارعو إدلب من ردة فعل “هيئة تحرير الشام” اثر تراجع محصول القمح في المحافظة، بعدما دعمت الهيئة الفلاحين لهذا العام للمرة الاولى منذ سيطرتها على المحافظة التي تتولى إدارتها “حكومة الإنقاذ”، الذراع السياسية والإدارية لها.
ويُعاني محصول القمح في الشمال السوري هذا العام من مشكلات كثيرة أدت في النتيجة إلى ضمور سنابله وعدم اكتمالها مما دفع بالمزارعين إلى بيع محصولهم للرعاة والماشية، ناهيك عن الحرائق التي بدأت باكراً هذا العام.
وعلمت “المدن” من مصدر محلي أن “تحرير الشام” قامت في بداية موسم زراعة القمح بتوزيع البذار والمحروقات على الفلاحين، شرط أن يتم تسليم موسم الحصاد بالسعر الذي تطرحه.
وقال المصدر إن حكومة الإنقاذ التي تدير الشؤون الإدارية، “لم تحدد سعر البذار والوقود إضافة إلى الأسمدة المخصصة والمبيدات الحشرية التي وزعتها على فلاحي إدلب”، لافتة الى ان الفلاحين “تعهدوا بتسليم كامل انتاجهم من القمح لهذا العام قبل استلام المخصصات المطلوبة”.
وقال المصدر إن ما مقداره 70 في المئة من القمح لهذا العام وخاصة المعتمد على الأمطار الموسمية (البعلي) ذهب إلى المواشي، فضلاً عن الحرائق التي تفتك بشكل يومي بعشرات الدونمات، وسط عجزِ كامل من فرق الدفاع المدني عن إخمادها.
“ثورة الفقراء”
ولم تتضح الآلية التي ستستردّ “تحرير الشام” من خلالها أموالها من الفلاحين لهذا العام، علماً أن مناطق ادلب ترزح تحت أزمة اقتصادية وغذائية، كانت سياسات تحرير الشام أحد اهم أسبابها، عدا عن تأثيرات الحرب الأوكرانية التي زادت من الحاجة الملحّة إليها ورفعت من أسعارها بشكل جنوني.
وحول الوسائل التي تنوي من خلالها تحرير الشام استرداد أموالها، قال أحد الناشطين في إدلب إن شائعات تسري في المحافظة عن نيّة حكومة الإنقاذ “الحصول على تعهدات من الفلاحين بتسليم موسم 2023، لتحرير الشام”، موضحاً ان الأمر “ينذر بكارثة حقيقية على المحافظة التي تنتظر حصاد الموسم الحالي، فكيف لها أن تتخلى عن موسمين متلاحقين؟”
وقال الناشط إن الوسيلة الثانية التي ستلجأ إليها “هي رفع أسعار الخبز”، معرباً عن مخاوفه من هذه الخطوة “إذا تم اللجوء إليها بسبب الصراعات الدموية التي ستنتج عنها؛ بسبب المساس بآخر ما يجعل قاطني إدلب على قيد الحياة”.
وأكد أن الفلاحين والسكان على حدٍ سواء “سيلجؤون إلى التظاهر ومواجهة تحرير الشام بكل الوسائل رداً على هذه الخطوة في حال اتخذت”، ضمن ما اسموه “ثورة الفقراء”، معتبراً أن الجولاني والمتحكمين بالاقتصاد في إدلب من جماعته هم أحد اهم أسبابها.
هي أموال المنظمات
وقال مصدر مقرب من تحرير الشام لـ”المدن”، إن الدعم المقدم للفلاحين “يعود في الأساس إلى منظمات أخذت على عاتقها دعم مشاريع زراعة القمح للسورين في الشمال السوري”، موضحاً ان حكومة الإنقاذ “تبنت الامر ونسبته إلى نفسها بهدف المتاجرة والمضاربة وتحصيل الأموال الطائلة من خلالها”، لافتاً إلى أن تحرير الشام “تنوي من خلال هذا الفعل احتكار السوق الغذائية على غرار باقي القطاعات الحيوية في إدلب”.
أسباب تراجع الموسم
وعن أسباب تراجع الموسم الحالي، قال معاون وزير الإدارة المحلية والخدمات نزيه قداح لـ”المدن” إن انحباس الأمطار بعد الزراعة وعدم انتظام هطول الأمطار إضافة الى الصقيع الذي ضرب سنابل القمح خلال فترة الربيع في أغلب المناطق؛ “كلها أسباب منعت النبات من الوصول إلى مرحلة السنبلة”، موضحاً ان أكثر من 60 في المئة من المساحات البعلية يتم رعيها من قبل المواشي.
وأضاف أن مكافحة أعشاب القمح وقت الصقيع أثّر بشكل كبير عليه، فضلاً عن زراعة بذار لا تتناسب مع الظروف الجوية في الشمال السوري، متوقعاً ان ينخفض الإنتاج عن العام الماضي الى النصف، حيث بلغ 50 ألف طن.
وأشار قداح إلى ان نصف المساحات المزروعة في مناطق الجيش الوطني تعتمد على القمح الموسمي بمساحة تقريبية 11000 ألف هكتار، لافتاً إلى ان مساحات زراعة القمح في مناطق حكومة الإنقاذ “تبلغ 20000ألف هكتار، وينطبق عليها كل ما ذُكر”.
وفي هذا السياق أكد الدفاع المدني عبر معرفاته أن الموسم الحالي يشهد خسائر كبيرة للأسباب التي ذكرها قداح، إضافة إلى الحرائق التي بدأت مبكراً هذا العام والتهمت مساحات واسعة من محصولي القمح والشعير مع بداية موسم الحصاد، لافتاً إلى ان الامن الغذائي في الشمال السوري يتهدده خطر حقيقي هذا العام.
المصدر: موقع المدن