جسر: متابعات:
عززت قوات النظام والميليشيات الإيرانية مواقعها، بالقرب من نقاط التماس مع فصائل المعارضة السورية، في ريفي إدلب الشرقي والجنوبي.
وعلمت “القدس العربي” من مصادر محلية في ريف حلب الجنوبي، أن حزب الله اللبناني دفع بمقاتلي النخبة لديه “قوات الرضوان” إلى محاور مدينة سراقب الاستراتيجية الواقعة على عقدة التقاء طريقي الترانزيت، طريق حلب- دمشق M5 مع حلب -اللاذقية M4. وهي المنطقة التي أجرت فيها الميليشيات الإيرانية عرضها العسكري قبل نحو شهرين.
وشكلت قوات الرضوان بيضة قبان معركة سراقب الثانية في شباط (فبراير) الماضي. حيث دفع حزب الله اللبناني بنحو 300 من أبرز مقاتلي النخبة فيها، بعد مقتل نحو 13 من مقاتلي الحزب في مزارع الطلحية قرب تفتناز بقصف يعتقد انه تركي. وشارك مقاتلو “الرضوان” إلى جانب قوات فاغنر الروسية في عملية التسلل الليلي والالتفاف على معاقل المعارضة من الجهة الجنوبية للمدينة، وهو ما جعلهم في شبه حصار، فضلوا فيه الانسحاب مرة أخرى، لتسيطر قوة النخبة في حزب الله وفاغنر على المدينة صباحاً.
وتوجهت الدفعة الثانية من قوات الرضوان إلى محور كفرنبل جنوبي جبل الزاوية، والتي أولت الميليشيات الإيرانية اهتماما كبيرا في محيطها، وبدأت بتوطين ونقل عوائل بعض مقاتلي لواء فاطميون الأفغاني، ولواء زينبيون من الشيعة الباكستانيين.
وتزامنت تحشيدات الميليشيات الإيرانية مع إلغاء الدورية الروسية التركية المشتركة من قبل الجانب الروسي، يوم الأربعاء في 29 تموز(يوليو) الفائت، بعد تأجيلها الثلاثاء، بسبب قصف قوات النظام على محيط طريق الترانزيت، من دون توضيح أسباب ذلك، في حين تناقل مقربون من الجيش التركي أن إلغاء الدورية كان بسبب كثافة قصف النظام للقرى الواقعة جنوب طريق الترانزيت M4.
ومع إلغاء الدورية المشتركة، بدأت قوات النظام بقصف عنيف على قرى ريف إدلب الجنوبي، بلغ أشده ليلة الأربعاء/الخميس الماضية. وتعرضت مناطق الجبهة الجنوبية في الفطيرة وسفوهن وكفر عويد وكنصفرة وبليون وعين لاروز والبارة، إلى قصف عنيف براجمات الصواريخ والمدفعية.
وتبدو الحجة الروسية غير مبررة أو مقنعة بالنسبة لأنقرة التي فضلت عدم التعليق على ذلك، وخصوصا أن الدورية رقم 21 والتي تعرضت لاستهداف بسيارة مفخخة في 14 تموز (يوليو) كانت أكملت طريقها رغم الهجوم الانتحاري ضدها، ووصلت إلى نقطة عين حور في جبل اللاذقية، حيث جرح ثلاثة من عناصر الشرطة العسكرية الروسية بجروح طفيفة حسب شريط مسجل بثه الإعلام الروسي.
وفي 22 تموز (يوليو) استكمل الجيشان الروسي والتركي الدورية المشتركة، رقم 22 وقامت المدرعات الروسية بتشكيل جدار حماية بين الطرف الخارجي من الطريق وبين المدرعات الروسية خلال سيرهما على الطريق منعا لأي اعتداء على غرار ما حصل مع الدورية 21. وأكملت الدورية طريقها وصولا إلى عين حور للمرة الثانية بدون توقف، وسط انتشار كبير للجيش التركي وقوات محلية من الجبهة “الوطنية للتحرير”.
واتهمت وكالة الأنباء التركية الرسمية، “الأناضول” ما وصفته “مجموعات تابعة لإيران” بالعمل على تخريب وقف إطلاق النار في إدلب. وأشارت إلى أن الميليشيات الإيرانية تحشد قواتها في سراقب والمعرة وسهل الغاب.
إنسانيا، قال مدير منظمة “منسقو الاستجابة الإنسانية” في شمال سوريا، محمد حلاج في اتصال مع “القدس العربي”: “سجلنا 1954 خرقا لوقف إطلاق النار من قبل قوات النظام، منذ وقف إطلاق النار في 5 آذار (مارس) إلى ظهر يوم الجمعة، وسقط خلال الفترة 25 شهيداً من المدنيين، بينهم 7 أطفال، وامرأتان”. ولفت حلاج إلى أن هناك “تخوفا كبيرا من قبل المدنيين، بسبب توسع دائرة القصف جنوب طريق M4” وحذر من كارثة إنسانية جديدة في حال حصول هجوم جديد، على اعتبار أن المخيمات في أقصى حالة استيعابية، إضافة إلى أن أي تزاحم جديد على الحدود السورية التركية، سيؤدي إلى اكتظاظ يساهم في انتشار فيروس كورونا.
ورصدت “القدس العربي” صفحات تتبع إلى الفرقة 25 مهام خاصة، (قوات النمر سابقا) والتي يقودها العميد سهيل الحسن ضابط المخابرات الجوية، المقرب من روسيا، استعداد الفرقة إلى بدء المرحلة الثالثة من السيطرة على منطقة خفض التصعيد الرابعة. ونقلت حسابات عناصر في الفرقة المذكورة، أنهم تلقوا أوامر برفع الجاهزية على كامل محاور انتشارهم في سهل الغاب وفي المدن والبلدات الواقعة على طريق الترانزيت M5. وكانت الفرقة 25 أجرت معسكرات تدريب ومناورات تكتيكية في ريف معرة النعمان الشرقي، شملت عمليات تدريب ومحاكاة على حروب الجبال والمناطق الوعرة، وكذلك تدريب على اطلاق الصواريخ المضادة للدروع، م/د.
وتنفي تلك الاستعدادات أن تكون إيران وحدها هي من يسعى إلى “تخريب” اتفاق موسكو الموقع في 5 آذار (مارس) 2020 بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب اردوغان.
ومن المعروف الدور الروسي الكبير في التأثير على فرقة المهام الخاصة وعلى قائدها الذي فرضته موسكو على بشار الأسد. إضافة إلى تبعية الفيلق الخامس إلى القيادة الروسية بشكل مباشر وهو الذي شارك في معارك ريف حماة الشمالي، وسقط عدد كبير من القتلى، هم من مقاتلي ما يعرف ب “المصالحات” أغلبهم من ريف حمص الشمالي والغوطة الشرقية، إضافة إلى تمركز اللواء الثامن الذي يقوده أحمد العودة في معسكر في منطقة سلمى.
إن النظر إلى التجارب السابقة داخل محور حلفاء النظام يشير إلى تماسك كبير للغاية، فلم تتوقف روسيا وإيران عن دعم النظام في أي عملية من العمليات العسكرية على الإطلاق، والعكس صحيح بما يتعلق بالمعارك التي فضلت روسيا خوضها في مناطق البادية ودير الزور بهدف السيطرة على الموارد، حيث سقط عدد كبير من القتلى يتبعون إلى جيش النظام إلى جانب فاغنر في 7 شباط (فبراير) 2017 خلال محاولة الروس السيطرة على حقول النفط شرقي الفرات.
وينسحب ذلك على معارك السيطرة على الغوطة وريف حمص الشمالي ودرعا التي سقطت سلماً، والتي خاض مفاوضاتها الجانب الروسي في غياب لأي مسؤول سوري من طرف النظام على الإطلاق.
هنا، يبدو توجيه الاتهام إلى إيران وحدها، دون الضامن الروسي الأبرز والأهم، نوعا من تضليل جمهور الثورة السورية ونحو أربعة ملايين نازح ومهجر مكدسين على الحدود السورية التركية نصفهم يعيشون في ظروف غير صحية على الإطلاق يعانون خلالها من نقص الطبابة والمياه الصالحة للشرب.
وتصبح تركيا في موقف محرج للغاية، رغم كل الجهود التي بذلتها من أجل وقف الأعمال العدائية للنظام وحلفائه، والتي كلفتها خسارة عشرات الجنود في معسكر بليون في قصف من مشترك بين القوات الروسية وقوات النظام، فضلت أنقرة اتهام النظام بمسؤوليته، لتبرير رد فعلها بقصف مواقعه بالمدفعية وطائرات بيرقدار المسيرة.
بالتأكيد سيعيق آلاف الجنود الأتراك المنتشرين في جبل الزاوية عملية قضمه، لكن روسيا ستتمكن مع حلفائها من إنجازه دون إيقاع خسائر في جانب التركي ما دامت قواته ستظل في معسكراتها ولن تشارك في عمل مباشر ضد القوات البرية المهاجمة.
ويرجح أن العملية العسكرية ستؤدي إلى انهيار ملحق موسكو، لكن في نهاية الأمر ستتمسك تركيا بإنجاز نسخة جديدة عوضا عن اتفاق موسكو، تهدف من خلالها إلى إحياء اتفاق سوتشي بين الجانبين، ولكن بنسخة جديدة. ويبقى السؤال ما هي خريطة الأهداف والقضم الجديد؟ فإيران تسعى لتحقيق هدفها بالسيطرة على الفوعة وكفريا في هذه المرحلة خصوصاً، بينما من الواضح أن روسيا ستسعى إلى السيطرة الاستراتيجية على طرق الترانزيت، ومحاولة استعادة السيطرة على مركز محافظة إدلب.
المصدر: القدس العربي.