جسر – صحف
نشرت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية مقالاً، تحدثت فيه عن محافظة إدلب السورية، التي أصبحت مسألة السيطرة عليها، مشكلة دولية، في ظل وجود عدد كبير من الجهاديين المتشددين فيها.
وتقول الصحيفة إنه منذ عام 2015، قتلت الولايات المتحدة عشرات من قادة تنظيم القاعدة وقادة المتمردين الأصوليين داخل إدلب، غالبا في هجمات بطائرات بدون طيار.
كان آخر تلك الهجمات، وهي غارة برية، سببا بقتل زعيم تنظيم داعش أبو أبراهيم القرشي، وقبله قتل زعيم التنظيم و”خليفته” الأول أبو بكر البغدادي، بنفس الطريقة، وفي إدلب أيضا.
وخلال السنوات الماضية تأكد وجود قادة بارزين في تنظيمي داعش والقاعدة في إدلب، وهي آخر جيب سوري يسيطر عليه المتشددون والذي أصبح “المخبأ المفضل لبقايا جميع أنواع الجماعات الجهادية السورية”، بحسب الموقع.
ومنذ تم العثور على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن مخفيا في أبوت آباد، باكستان، في عام 2011 كان يعتقد على نطاق واسع أن الدولة الواقعة فى جنوب آسيا هي الملاذ لمقاتلي القاعدة وطالبان الذين تدرب معظمهم فى المدارس الدينية داخل البلاد.
لكن الآن يبدو أن إدلب حلت محل باكستان كملاذ مفضل للإرهابيين، بحسب ما ورد في المقال الذي نقله موقع “الحرة”.
ويقترح الموقع أن تستمر الولايات المتحدة في “دعم الوضع الراهن في شمال سوريا، أي سيطرة تركيا الأوسع على المنطقة إلى جانب حرية أميركا في تنفيذ غارات مكافحة الإرهاب والغارات الجوية”، أو يمكن لواشنطن أن تضع استراتيجية لترتيب إقليمي جديد، جنبا إلى جنب مع روسيا، يضع إدلب مرة أخرى تحت سيطرة “الحكومة السورية”.
ويضيف الموقع: “يمكن تصور أن وجود عدد كبير من الجهاديين في هذه المنطقة قد يقلب الحسابات الأميركية نحو الحل الأخير وضد المتمردين المهيمنين في المنطقة”.
وتقول جماعة “هيئة تحرير الشام” التي تسيطر على إدلب إنها تقاتل خلايا القاعدة وخلايا داعش في الوقت ذاته.
لكن البغدادي والقرشي وجدا في المدينة، ومع أن من المحتمل أن يكون القياديان تسللا إلى إدلب من دون علم الهيئة، إلا أن بعض المحللين، بحسب الموقع، يشكك في هذا.
ويقول الموقع إنه “من غير المرجح أن يكون المتشددون على علم بمكان زعيم تنظيم داعش الذي أفيد أنه كان يعيش بالقرب من نقطة تفتيش تابعة لهيئة تحرير الشام وموقع عسكري تركي”.
مع هذا فإن هناك “اعتقادا قويا بأن هيئة تحرير الشام تدعم المتطرفين”، أو على الأقل فإن فصائل منها تقوم بذلك، خاصة بعد اتهامها باستهداف المتمردين المؤيدين للديمقراطية بشكل روتيني، وقيامها غالبا ما تختطف وتعذب النشطاء والحقوقيين والصحفيين الذين يتحدثون ضدها.
وتقول هيئة تحرير الشام أنها قطعت علاقاتها مع تنظيم القاعدة، وتقدم نفسها على أنها هيئة حاكمة شرعية تدير شؤون ما يقرب من 3 ملايين سوري في محاولة لإظهار أنها قادرة على أن تكون بديلا لنظام بشار الأسد.
وتشرف حكومة الإنقاذ المرتبطة بالمجموعة على توفير التعليم والرعاية الصحية وغيرها من الخدمات.
وقد وضعت هيئة تحرير الشام نفسها على غرار طالبان كقوة إسلامية وطنية مناهضة للنظام، وهي في أمس الحاجة إلى قبول المجتمع الدولي.
وبحسب، جيمس جيفري، المبعوث الخاص لسوريا في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، أن هيئة تحرير الشام قد تكون أحد الأدوات للضغط على الأسد.
وقال جيفري في مقابلة مع برنامج تلفزيوني العام الماضي إنه على الرغم من أن الجماعة ستظل مدرجة كمنظمة إرهابية، إلا أنها ليست على قائمة أهداف الولايات المتحدة.
وأضاف “تركز الولايات المتحدة على سياستنا في سوريا، التي هي أساسا للضغط على نظام الأسد، لذا اذهبوا لاستخلاص استنتاجاتكم الخاصة”.
وينقل الموقع عن آرون شتاين، مدير الأبحاث في معهد أبحاث السياسة الخارجية “لا أعتقد أن هناك دعما واسع النطاق في الولايات المتحدة للتعامل مع هيئة تحرير الشام”، مضيفا “أعتقد أن التقييم العام هو أن هيئة تحرير الشام تتكون من جهاديين ملطخين بالدماء الأميركية”.
ويعتقد الخبراء أن الأحداث الأخيرة من المرجح أن تسحق آمال الجماعة في أي تسامح.
وقال دانيال ميلتون، مدير الأبحاث في مركز مكافحة الإرهاب في الأكاديمية العسكرية الأميركية، للموقع إن حقيقة أن اثنين من قادة تنظيم الدولة الإسلامية كانا مختبئين في إدلب “يجب أن تدفعنا إلى إعادة تقييم الطريقة التي نفكر بها في العلاقات بين هذه الجماعات”.
ونقلت عن جوشوا لانديس، رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، إنه في ظل إدارة ترامب، اعتقدت الولايات المتحدة أن هيئة تحرير الشام زادت من نفوذ الولايات المتحدة على الأسد وحرمته من الأراضي، لكنه أضاف “قد يتغير هذا التصور الآن بعد محاصرة الخليفة الثاني لداعش وقتله في محافظة إدلب”.
ويبدو أن الاعتراف الذي تتوق إليه هيئة تحرير الشام قد تأخر، ربما إلى أجل غير مسمى، مع تحول شمال غرب سوريا إلى ملاذ لمقاتلي تنظيمي القاعدة وداعش.
لكن إدارة بايدن ليس لديها رؤية حتى الآن حول كيفية جعل الأسد يوافق على هيكل السلطة اللامركزي في الشمال الغربي والسعي إلى إنهاء الصراع المستمر منذ أكثر من عقد.
وفي الشمال الغربي، كانت السياسة الأميركية هي تسهيل تقديم المساعدات الإنسانية إلى 3 ملايين نازح سوري داخليا من خلال مجلس الأمن الدولي مع السماح لتركيا بإدارة جميع أنواع الجماعات المتمردة.
وقال آرون لوند، وهو زميل في مؤسسة القرن وباحث في وكالة أبحاث الدفاع السويدية، للموقع “سعت الولايات المتحدة إلى التفاوض على صفقات مقابل الوضع الراهن مع روسيا لتجنب استخدامها لحق النقض (الفيتو) ضد المساعدات الإنسانية، مع دعم سياسة تركيا الموجهة نحو الوضع الراهن على أمل تحسين نفوذ أنقرة في محادثاتها مع موسكو، في المسائل الإنسانية والعسكرية على حد سواء”.
وأضاف “لكنه وضع محرج، لأن السياسات الأميركية والتركية متعارضة تماما في أماكن أخرى من سوريا”.
تنسق تركيا وتتعاون مع هيئة تحرير الشام، التي هي في وضع يمكنها من السيطرة على الأراضي التي تعتبرها تركيا موطئ قدم أساسي لإبقاء العين على القوات الكردية وتحديها. لكن تركيا لا تطارد القاعدة ولا داعش.
ونقلت “فورين بوليسي” عن “متمرد سوري من الجيش السوري الحر”، لم تكشف اسمه، قوله إنه “لا يوجد حل لإدلب سوى القضاء على جميع أنواع الإسلاميين”، مؤكدا “قريبا سيقاتل الجميع كل هؤلاء لأنه لا يوجد حل في سوريا بوجودهم، انها مجرد مسألة وقت”.
وفيما سيكون ذلك سيناريو مثاليا للولايات المتحدة، بحسب الموقع، فإنه لا أحد يعتقد أن المتمردين المعتدلين قادرون على هزيمة جنود هيئة تحرير الشام المنظمين.
وتدعو قوات سوريا الديمقراطية، وهي حليف للولايات المتحدة، إلى تفكيك قوات هيئة تحرير الشام، الحليفة لتركيا.
لكن من غير المعروف، بحسب الموقع، إذا كانت الولايات المتحدة ستقوم بعمل حاسم أم أنها ستلجأ إلى التفاوض مع الترك والروس، التي تمتلك أصلا علاقات معقدة معهما.