جسر – صحف
نشرت مجلة “إيكونوميست” مقالاً بعنوان “معركة السجن كانت كارثة معلنة”، قالت فيه إن المئات من الأطفال احتجزوا دون تهم، في سجن غويران بالحسكة، مشيرة إلى أن سيطرة مقاتلي تنظيم “داعش” على السجن كانت محتومة، لأن مئات من الجهاديين تركوا في سجن لم يكن محروسا بشكل جيد.
وتقول المجلة في المقال الذي نقلته صحيفة “القدس العربي”، إنه في عام 2007 أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، السابق على التنظيم الحالي عن اقتحامه لسجن بادوش في شمال العراق وتحريره 150 سجينا. وبعد خمسة أعوام أعلن التنظيم عن حملة أطلق عليها “تحطيم الجدران” والتي شملت سلسلة هجمات ضد السجون في العراق. ووصلت ذروة الحملة في تموز/يوليو 2013 عندما قام التنظيم بمداهمات متتابعة على سجني التاج وأبو غريب وحرر 500 من المعتقلين، معظمهم من المقاتلين العراقيين.
وبعد ذلك بفترة سيطر على مناطق واسعة من العراق وسوريا وأعلن عن قيام “الخلافة”. وكانت عملية اقتحام السجن الأخيرة في شمال- شرق سوريا تذكيرا بالأيام السالفة. ففيه حوالي 5.000 معتقل سوري وعراقي يتهم معظمهم بصلات مع تنظيم الدولة. وفي 20 كانون الثاني/يناير هاجم التنظيم السجن في خطة محكمة وسيطر عليه. ولم تستطع قوات سوريا الديمقراطية السيطرة عليه إلا بعد أسبوع، فيما هرب المئات وقتل العشرات داخل وخارج السجن في الأحياء القريبة منه.
ويعتقد أن من بين القتلى في سجن “غويران” أطفال استخدموا كدرع بشري. وأدى القتال لتدخل القوات الأمريكية في العراق وسوريا. وأرسلت عربات مصفحة لدعم قوات سوريا الديمقراطية وشن الطيران الأمريكي غارات جوية. وأرسلت بريطانيا قوات خاصة أيضا.
وتعتبر المعركة أكبر مواجهة مع التنظيم منذ عام 2019، عندما هزم الجهاديون في معقلهم الأخير بباغوز، القريبة من الحدود السورية- العراقية. ولم يعد تنظيم الدولة الإسلامية الحركة التي كانت، فهو لم يحتل أراضي منذ عام 2019 ومن غير المحتمل قيامه بهذا في الوقت الحالي. لكنه تحول إلى حركة تمرد على مستوى منخفض، مما أظهر تصميمه واستمراريته. وتقدر الأمم المتحدة وجود أكثر من 10.000 مقاتل تابع له في كل من العراق وسوريا، يقومون بتنفيذ ما بين 100-150 عملية في الشهر هناك.
وفي نفس الوقت الذي هوجم فيه السجن قامت خلية تابعة لتنظيم الدولة بضرب موقع عسكري في شرق العراق وقتلت 11 جنديا. وفي كانون الأول/ديسمبر قطعت خلية أخرى رأس عقيد شرطة عراقي. وتقول المجلة إن حصار سجن غويران كان كارثة متوقعة، فلطالما حذر النقاد من أن السجون في شمال- شرق سوريا هي مادة ملتهبة غارقة بالبنزين. ويواجه الإقليم شبه المستقل تحديات من تنظيم الدولة وتركيا وسوريا واعترفت قوات سوريا الديمقراطية بمشاكل السيطرة على السجون وأن محاولات الهروب منها تعتبر أمرا عاديا.
ومع أن معظم السجناء فيها من السوريين والعراقيين إلا أن هناك آلافا من الأجانب ينتمون إلى 60 دولة. وتتردد الدول، خاصة الأوروبية باستعادة أبنائها، لخشيتها من عدم قدرتها على محاكمتهم أو مراقبتهم، وبدلا من ذلك تركوا منذ عدة سنوات يعيشون في أوضاع بائسة. ويقيم في سجن الهول، وهو أكبر معسكر اعتقال حوالي 56.000 شخص، ومعظمهم من النساء والأطفال. ولا يزال الكبار البالغون في المعسكر متمسكين بعقيدة تنظيم الدولة ويواصلون عملية تثقيف الشباب. ويفرضون زيا خاصا متشددا ويمنعون التدخين والموسيقى ويعذبون من يتخلى عن الأيديولوجية، وبخاصة النساء. والشك في انحراف البعض يعني التعذيب أو حرق الخيمة. وقتل حوالي 90 شخصا في الهول منذ كانون الثاني/يناير العام الماضي.
ومن بين سجناء غويران حوالي 800 طفل لم توجه إلى أي منهم تهم. وتم نقل بعضهم من معسكرات أخرى عندما قررت السلطات أن عمرهم لا يسمح لهم بالبقاء فيها. ورغم فصلهم عن الكبار إلا أنهم حشروا في زنازين ضيقة وبدون توفير فرص التعليم لهم.
وتقول قوات سوريا الديمقراطية إنها سيطرت على السجن، مع أنها عادت وتحدثت عن وجود مقاتلين فيه يرفضون الاستسلام. ولا توجد أرقام حقيقية عن الضحايا، ولكنه تذكير بتهديد تنظيم الدولة المستمر، وطالما استمر احتجاز عشرات الآلاف في سجون شمال- شرق سوريا بظروف مزرية، فعلينا توقع هجمات كهذه.