جسر – الحسكة (رودي حسو)
شهدت المناطق الكُردية تصاعداً في التوترات السياسية والأمنية، وتجلت مؤخراً في عدة أحداث، منها قيام عناصر قوى الأمن الداخلي (الآساييش) التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، باعتقال أعضاء وناشطين حزبيين في ناحية عامودا بمحافظة الحسكة، واتهامهم بالعمل لصالح “جهات معادية”.
قال مصدر مطّلع على تفاصيل القضية، لصحيفة “جسر”، إن عناصر الآسايش داهمت منزل عضوة الحزب الديمقراطي الكُردستاني/ سوريا (PDKS) الإعلامية بيريفان إسماعيل بناحية عامودا، يوم الأحد 9 حزيران الفائت، واعتقلتها بطريقة “مهينة وغير إنسانية”، حيث صادرت هاتفها المحمول ووجهت لها اتهامات كيدية بالتعاون مع “جهات معادية” مثل تركيا ونقل إحداثيات وتصوير حفر الأنفاق الحربية ومواقع القادة في “حزب العمال الكردستاني” بالمدينة.
وأشار المصدر إلى أن المخابرات التركية، وبالتعاون مع الاستخبارات الروسية والأمريكية، اخترقت تحصينات وصفوف الحزب مع عموده الفقري “قوات سوريا الديمقراطية” في المناطق الكُردية منذُ زمن طويل، ضمن اتفاقيات مكافحة الإرهاب والحفاظ على المصالح المشتركة.
وأضاف أن الدوريات الروسية التركية نفذت أكثر من 120 جولة في المناطق الكُردية: درباسية–عامودا–القامشلي نهاية عام 2019، بعد سيطرة تركيا على رأس العين ضمن عملية نبع السلام وبالتالي، فإن تركيا ليست بحاجة إلى أفراد يعملون لصالحها، حسب رأيه.
وأكد المصدر أن “بيريفان” معروفة بكونها شخصية هادئة وبسيطة، ولا تمتلك مهارات كتابية كبيرة، وأن نشاطاتها السياسية والثقافية معروفة منذ فترة طويلة أي قبل اندلاع الصراع في سوريا، معتبراً أن السبب الحقيقي للاعتقال قد يكون مرتبطًا بتوقيف صحفي تابع “للإدارة الذاتية” و”حزب العمال الكُردستاني” في إقليم كُردستان العراق، مما أدى إلى رد فعل انتقامي باعتقال بيريفان في عامودا.
تؤكد شخصيات فاعلة سياسياً في الحسكة، وجود خلافات عميقة وعداء طويل الأمد بين أنصار “حزب العمال الكردستاني” وأنصار حكومة إقليم كُردستان العراق، نابعة من تباين المواقف السياسية والصراعات العقائدية، مما يزيد من التوتر في المنطقة الكُردية داخل سوريا، وخصوصاً القامشلي وعامودا.
وترى أن عمليات الاعتقال والاتهامات الكيدية هي جزء من تصاعد التوترات بين الفصائل المتنافسة التابعة لحزب “العمال الكُردستاني” والجيش التركي في جبل قنديل، بسبب الحرب الأخيرة التي شنتها تركيا على معاقل حزب العمال، بالتعاون مع إقليم كُردستان، الأمر الذي سبب انعكاسات سلبية على الاستقرار وحقوق الأشخاص في المنطقة.
وأثارت هذه التطورات وأهمها اعتقال بيريفان، استياءً وقلقاً واسعاً في الأوساط الحقوقية والسياسية والشعبية، حيث يُخشى أن تكون هذه الإجراءات جزءاً من جهود لقمع المعارضة وتقييد الحريات السياسية في المنطقة.
وفي سياق متصل، شهدت مدن الرقة والحسكة والقامشلي بدء عمليات الإفراج عن 1121 معتقلاً لدى قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ضمن الدفعة الأولى، حيث تم الإفراج عن 140 شخصاً من سجن علايا في القامشلي، جميعهم من عرب المنطقة، بمن فيهم أشخاص من خلفيات جنائية، كما تم الإفراج خلال هذا الأسبوع من العام الجاري 2024 عن 180 سجيناً من السجن المركزي في الحسكة (غويران).
ويطالب ناشطون بالحسكة، الجهات الحقوقية، بالتدخل للإفراج عن جميع معتقلي الرأي في سجون الإدارة الذاتية في المناطق الكُردية، مشددًا على أهمية حماية حقوق الإنسان والتصدي لمحاولات قمع حرية التعبير والنشاط السياسي.
تظل قضية اعتقال بيريفان إسماعيل ومئات الناشطين السياسيين والصحفيين الأخرى مثيرة للقلق بشأن الممارسات الأمنية في المنطقة، حيث يتطلع العديد إلى تدخل الدول والمنظمات الدولية للضغط على “الإدارة الذاتية” لاحترام الحقوق المدنية والسياسية وضمان إجراء محاكمات عادلة للمعتقلين.