جسر: خاص:
أعلنت هيئة الصحة في اﻹدارة الذاتية أنها توصلت “لكيت اختبار لكشف الإصابة بكورونا خلال مدة ٣٠ ثانية”، بحسب ما أكده رئيسها المشترك جوان مصطفى في مؤتمر صحفي عقده يوم الجمعة 20 آذار/مارس في القامشلي، قال فيه إن اﻻكتشاف جاء نتيجة للتعاون مع “معهد بياس السويدي”.
وأضاف مصطفى، أن “الكيت” جرى استخدامه “في ثلاثة مشافي بمقاطعة ووهان الصينية حيث أثبت نجاحا في اكتشاف الوباء بنسبة ٨٠ إلى ٨٥ بالمئة”، مؤكدا أن إنتاجه “سيكون في شمال وشرق سوريا، وأما التوزيع فسيكون لدول الشرق الأوسط من قبل هيئة الصحة؛ بينما يتكفل معهد بياس بتوزيعه في أوروبا وباقي دول العالم”، وأنه سيكون مجانيا؛ هدية من الإدارة الذاتية للإنسانية جمعاء.
ما هو “معهد بياس السويدي”؟
للإجابة على هذا السؤال، استعانت جسر بالطبيب السوري المقيم في السويد ميلاد قواص كاله، الذي قام مشكورا بتحري اﻷمر، وأوضح أن “PEAS Institute AB” شركة مسجلة في مدينة لينشوبينج السويدية، تم إنشاؤها عام 2006 وتضم ثلاثة أقسام؛ قسم بحثي ترأسه البروفيسورة فاريبا ناييري، وقسم يهتم بطب الأسنان ويرأسه زوجها الطبيب مسعود كاتوزيان، وقسم يهتم بالأخماج الجرثومية في الجروح.
ولدى اتصاله بالشركة، أوضح قواص كاله أن السيد كاتوزيان هو من أجابه، وحين أبلغه برغبته في إجراء لقاء صحفي يتعلق بإعلان اﻹدارة الذاتية عن اﻻكتشاف، سأله عن جنسيته وعما إذا كان يتحدث الكردية، اﻷمر الذي نفاه قواص كاله، وسأله بدوره إن كان كرديا وهو ما أكده السيد كاتوزيان وطلب منه اﻻتصال لاحقا لأنه كان يقود سيارته.
في اﻻتصال الثاني أجابت السيدة ناييري، وهي من أصل إيراني بحسب ما أوضحت في نهاية المحادثة، وأكدت بدورها وجود التعاون بين شركتها واﻹدارة الذاتية، لكنها نفت مزاعم اﻷخيرة حول قدرة اﻻختبار على تمييز اﻹصابة بالوباء، موضحة أنه مصمم لكشف وجود اﻷذية الرئوية من عدمه بشكل عام، ودون تحديد أسبابها جرثومية كانت أم فيروسية.
أي “كيت”؟
أوضحت ناييري خلال المحادثة أن الشركة انتجت الاختبار في 2015، وأكدت إرسال عينات منه إلى ثلاثة مستشفيات في ووهان الصينية، حيث تم تجريبه على 24 مريضا مقابل 10 أشخاص غير مصابين للمقارنة، وتوصلوا من خلاله لكشف أذيات رئوية عند مصابين بالوباء لم تظهر عليهم اﻷعراض بعد؛ لكنها أكدت أيضا أن اﻻختبار لا يكشف أو يميز اﻹصابة بكورونا بشكل خاص أو حتى منشأ الأذية الرئوية جرثوميا كان أم فيروسيا.
وأضافت أن أوائل تجارب الاختبار الذي تعمل عليه منذ ما يقارب العشرين عاما، تمت بالتعاون مع اﻹدارة الذاتية، وبدأت بدراسة الحالات المصابة بأخماج رئوية في المخيمات بشكل رئيسي، حيث لا يستطيع المرضى المغادرة، وبالتالي تم استخدام الاختبار لتقدير فيما إذا كان المرضى يحتاجون للمضادات الحيوية أم لا؛ لتخفيض الاستخدام غير اللازم لها، ولم تسم ناييري “المخيمات التي لا يستطيع المرضى مغادرتها”، واﻷرجح أنها تقصد مخيم الهول وسواه من المخيمات التي تشرف عليها اﻹدارة الذاتية إن في الحسكة أو عين عيسى.
الخلفية اﻷيديولوجية (اليسارية) لناييري بدت واضحة عندما تحدثت عن جهات تجارية سعت لشراء اﻻختبار، وأنها فضلت تقديمه لحكومة تستطيع تأمينه للناس في كل مكان، وقالت “لم أرد إعطاءه للبائعين أو الرأسماليين أو أي شخص آخر، أردت أعطاءه لجهة تفهم قيمة هذا الاختبار للناس، وروج آفا قبلوا. لذلك طورناه معا، لمَ لا؟ أعتقد أنه المكان الأفضل وأنا سعيدة بتعاوننا”.
وأوضحت أن اﻻختبار الذي صممته الشركة وطورته يعود لفترة سابقة على ظهور الوباء لكنهم لم يعلنوا عنه إلا مؤخرا، وأن مواده مازالت تنتج في “بياس” لكن عمليات التوضيب والتعبئة تتم في “روج أفا”.
لا إصابات شرق الفرات ولا وسائل للتشخيص!
في وقت سابق تواصلت جسر مع أطباء في ريف ديرالزور الشرقي، الواقع تحت سيطرة اﻹدارة الذاتية وقسد، أكدوا تردي اﻷوضاع الصحية في المنطقة، اﻷمر الذي يتركهم دون أدوات كافية لتشخيص اﻹصابة بفيروس كورونا.
وفي تصريح لجسر، قال طبيب في منطقة الشعيطات “لم نسمع عن أي إصابة؛ سواء لضعف التشخيص أو لعدم وجودها، وأعتقد أن أهم نقطة هي منع المعابر العشوائية اللي تربط المنطقة مع مناطق النظام وبالأخص مناطق سيطرة الميليشيات الإيرانية والتي أخشى أن تكون سببا لنقل أي عدوى للمنطقة”.
طبيب آخر في الشحيل أكد لجسر ورود حالات “كريب” وذات رئة ثنائية الجانب، لم يستطع الجزم بكونها ناتجة عن اﻹصابة بفايروس كورونا؛ لغياب اﻷدوات اللازمة للفحص واستقصاء الفايروس ومستقلباته، مبديا تفاؤله بخلو المنطقة من اﻹصابات وبنجاعة هيدروكسيكلوروكين في علاجها إن وجدت.
غايب اﻷدوات اللازمة للتشخيص سبق وأن أكده جوان مصطفى نفسه، في 18 آذار/مارس الجاري، قبل يومين من إعلانه عن “الكيت” المكتشف منذ 2015 والمستخدم قبل ظهور الفايروس بمدة، وفق ما صرحت به ناييري.
وفي تصريح ﻹحدى وسائل اﻹعلام الداعمة للإدارة وقسد، قال مصطفى أن هيئة الصحة التي يرأسها لا تمتلك جهاز PCR لفحص الحالات المشتبه بإصابتها، موضحا أن اﻹدارة لم تستطع الحصول عليه، “لأنه لا يُعطى إلا للجهات التي تملك الشرعية الدولية”، مؤكدا أنهم مستمرون في المحاولة للحصول عليه.
إجراءات وقائية
واعتبارا من صباح اليوم اﻻثنين 23 آذار/مارس، يسري حظر تجوال فرضته اﻹدارة الذاتية في مناطقها شمال شرق سوريا، وتضمن القرار الصادر يوم الخميس الماضي منعا للحركة والانتقال بين المدن الرئيسية اعتبارا من أول أمس السبت 21 آذار/مارس إضافة إلى إغلاق المطاعم والمقاهي والتجمعات التجارية (البازارات) والحدائق العامة والعيادات الخاصة وصالات اﻷفراح وخيم العزاء.
واستثنى القرار المستشفيات العامة والخاصة والمنظمات الدولية كالهلال اﻷحمر والصيدليات وعمال النظافة واﻷفران ومحلات بيع المواد الغذائية وصهاريج المحروقات.
واستبق القرار بما قالت اﻹدارة إنه حملات تعقيم لمراكز المؤسسات التابعة لها، وبعض المناطق الواقعة تحت سيطرتها في ديرالزور والرقة تزامنا مع حملة رش مبيدات حشرية، لم تدخر جهدا في تغطيتها إعلاميا، فيما تداول ناشطون من الرقة صورا ﻷكداس القمامة التي تملأ شوارع مدينتهم مشيرين إلى المفارقة بينها وبين تعقيم المدارس الخالية لتوقف الدوام فيها.
وفي ظل اﻹهمال الخدمي وغياب المؤسسات الصحية اللائقة، عبّر العديد من أهالي ريف ديرالزور عن مخاوفهم من تفشي الوباء وانتقاله إلى مناطقهم من الضفة المقابلة لنهر الفرات، حيث تسيطر الميليشيات اﻹيرانية التي تتوارد اﻷنباء عن تسجيل عدة حالات عدوى ووفاة بين عناصرها؛ ما دفع اﻷهالي قبل أيام للضغط على المهربين والقائمين على المعابر غير الشرعية بين ضفتي النهر ﻹغلاقها.