مراسل درعا: جسر
يعيش أبو أحمد الرجل السبعيني مع زوجته وأحفاده الأيتام وما تبقى من أبنائه في ريف درعا بعد أن فقد خمسة من فلذات كبده في حرب كان الموت فيها هو المسيطر الوحيد خلال ثمان سنوات.
قضى أبناؤه الخمسة خلال الثورة في سوريا، اثنان على جبهات القتال، وثلاثة اغتيالاً من قبل حركة المثنى في الجنوب والتي تعتبر أحد فروع تنظيم الدولة “داعش”
يقوم “أبو أحمد” على تربية 13 يتيما من أحفاده , فهو المعيل لهم و الذي يشرف على تلبية احتياجاتهم الكثيرة .
لم تكن عيناه لتخفي آلامه وحرقة قلبه بل كانت ظاهرة للجميع من عينين غائرتين و قد بلغ من العمر ما بلغ، وهو من رسم أحلام بسيطة جميلة لأيام شيخوخته.
يقول “أبو أحمد” : حلمي أن أجمع أحفادي حولي وأخبرهم كيف كنت شاباً قوياً و أوزع عليهم السكاكر والحلوى وان أجمع أبنائي وأحفادي في نهاية الأسبوع على مائدتي ،حلمت بأن أقوم برحلات سياحية وترفيهيه برفقة عائلتي كاملة دون أن ينقص أحد من أبنائي.
أما اليوم فالحال مختلف، أحلامي بعيدة منفية مستحيلة لا أقوى على التفكير بها أو استرجاعها، آلة الحرب أتت على كل شيء التهمت أبنائي من اعتبرتهم سندي في الحياة.
لقد أخذت الحرب زهرة شبابهم واختطفت ثمرة عمري وكل أحلامي، فما أعانيه اليوم ليس بالأمر السهل.
ورغم كل المصائب التي انهالت عليه من الجهات الأربع ما يزال أبو أحمد والد الشهداء الخمسة يطالب الأحرار بتجهيز البنادق وتجهيز انفسهم للدفاع عن الأرض و يكونوا عوناً للصادقين في ثورتهم.
يعاني “أبو أحمد” الم الفقد والحزن على تلك الأمانة التي أنيطت به، وعلى تلك العيون الصغيرة التي تنتظر عودة آبائهم من رحلة اللاعودة ، فأحفاده اليوم حوله لا ليروي لهم الحكايات، ولا ليلتفوا حول مائدة الجد الشهية، بل يجمعهم في بيت واحد ليسهل قيامه بأعباء متطلباتهم وليكونوا تحت ناظريه، فهو اليوم يبحر في عيني أحفاده باحثا عن ضحكة وفرحة لم ترسم بعد، وما يزال ابو أحمد يردد مقولته : عندما يستنهض الوطن أبناءه يصبح النفير إليه واجب على كل حر.