جسر: اقتصاد:
في الجزء الأول تم الحديث عن كيفية تدمير قانون الإصلاح الزراعي 1958 والتأميم 1963، لشركة أصفر ونجار رائدة النهضة الزراعية السورية، واستولى النظام البعثي على جميع مشاريعها مع تجهيزاتها البالغ ثمنها مئات الملايين من الدولارات، ومئات الآلاف من الهكتارات من الأراضي مع الآليات التي عليها، دون تعويض، رغم ما قدمته تلك الشركة للزراعة في سوريا.
هنا الجزء الثاني من قصة هذه الشركة:
“آل أصفر” و”آل نجار” تجمعهما والدة مشتركة هي المرحومة “مريم رضوانلي” والدة السيد “مسعود هرموش أصفر” وبعد ترملها تزوجت المرحوم “سعيد نجار” وأنجبت منه “مجيد ولطيف وشكري ويعقوب والياس وسميرة”، وكانت تقطن هذه العائلة في مدينة “ديار بكر” في “تركيا”.
وهاجرت العائلة عقب أحداث 1895 “سيف ديار بكر” بعد الظروف القاسية التي ألمت بالمنطقة على إثر الحرب العالمية الأولى أيضاً، واستقرت العائلة في مدينة “القامشلي” السورية حوالي عام 1930، حيث رحبت بها عشائر طي و حرب والراشد في أبدع صورة للتلاحم المجتمعي والمحبة.
للتاريخ.. أرسل جمال عبد الناصر وزير الإصلاح الزراعي السيد مرعي مع لجنة للتقصي، ودراسة منافع إصدار قانون الإصلاح الزراعي، ورجعت اللجنة وقدمت تقريراً تحذر فيه من إصدار هكذا قانون، لما له من أضرار سلبية، وذكر التقرير مشروع أصفر ونجار في الأراضي المروية والبعلية بأن الدولة -في حينها- تعجز عن تنفيذها وإدارتها وسوف تتعطل في حال الاستيلاء عليها.
وكانت النتيجة عكسية، إذ تحمس المحيطون بعبد الناصر من عسكريين بعد انقلاب العراق 14 تموز 1958، ودفعوا به لإصدار قانون 161 بتاريخ 28 إيلول 1958 وتم تجاهل توصيات التقرير، شكراً لعبقرية العسكريين وخاصة 8 آذار 1963 وصلاح البيطار البعثي رئيس الوزراء، الذي أجهز على المؤسسة ولكنه اعتذر بعدما زاره، وراى بأم عينه النهضة الزراعية التي احدثها.
ولكن أمين الحافظ 1966 أنهى المؤسسة الزراعية الجبّارة بـ”عبقرية عسكرية” منقطعة النظير و بـ “معية” وزير “الإصلاح” الزراعي حينها (التدمير الزراعي) فايز الجاسم ! بحيث حرمت أفراد المؤسسة حتى من حقوقهم المنصوص عليها في قانون الإصلاح الزراعي، ولم تترك لهم شبراً واحداً من الأراضي! وبذلك طبق “أبو عبدو……” العدالة على أصولها! وحجز المصرف التجاري على بيوت أفراد أعضاء مجلس الإدارة!.
وأنوه هنا إلى أن عائلة أصفر ونجار استقبلت الرئيس شكري القوتلي 1946، عندما قدم إلى القامشلي تقديراً لمواقفهم الوطنية والإنتاجية والعمرانية.
فضلاً عن دور العائلة الوطني والسياسي حيث شغل “الياس نجار” منصب عضو في “المجلس النيابي” عام 1947 وفي عام 1954 بعد انتخابه بنسبة 80 % من الأصوات، وانتسب إلياس نجار إلى الحزب الوطني مع أصدقائه الشيخ دهام الهادي رئيس عشائر شمّر، والشيخ عبد الرزاق الحسو، وساهم معهم بإصدار قانون في المجلس النيابي عام 1957 يمنع من تهجير الفلاح من أرضه، وساهم بدعم المدارس والمستشفيات في محافظة الحسكة، وبناء سد على نهر الخابور.
أصفر ونجار هم أول من خطط ونفذ قرية نموذجية في وسط الأراضي المستصلحة في منطقة رأس العين، وسميت “مبروكة” عمل فيها 2000 عائلة، وكانت تضم أكثر من خمسين حصّادة ودرّاسة، وقد سماها “مبروكة” قداسة مار أغناطيوس أفرام الأول برصوم في عام 1953 عندما زارها، أي لم يزرها عضو “القيادة القطرية” وأمين الفرع وأمين الشعبة!.
أقام أصفر ونجار 12 جسراً في القامشلي، و 11 جسراً في رأس العين حيث كانت تكلفة الجسر حينها مابين 50000 و 150 ألف دولار، ترى، كم جسراً أقيم في القامشلي وفي رأس العين وفي حلب وفي دمشق منذ استلام البعث للحكم؟!.