جسر: ترجمة:
يتحول عام 2020 الغامض إلى “عام أسود” بالنسبة لروسيا. ففي أغسطس بدأت المظاهرات في بيلاروسيا، وفي سبتمبر تبادلت أرمينيا وأذربيجان قصف بعضهما البعض بالمدافع في كاراباخ. وفي أكتوبر سيطر المتظاهرون في الشوارع على ميادين قيرغيزستان واقتحموا البيت الأبيض في بيشكيك. من يقف وراء الثورات الملونة على حدود روسيا؟ و لماذا اندلعت الاضطرابات والحروب في وقت واحد؟ ومن هي الدولة القادمة على خط الاضطرابات؟ وهل تصل روسيا شرارة الثورات مشعلة احتجاجات عارمة؟ تحدثت صحيفة كومسامولسكيا برافدا حول ذلك مع نائب مدير معهد بلدان رابطة الدول المستقلة فلاديمير زاريخين، والكاتب الصحفي غورغي بوفت بوفت، وخبير السياسة نيكولاي ستاريكوف.
• من يقف وراء الاحتجاجات في بيلاروسيا والحرب في كاراباخ واقتحام البيت الأبيض في قيرغيزستان؟
نيكولاي ستاريكوف أجاب، أنه على طول محيط الحدود الروسية، ومعظم الدول الناشئة قامت بعضها لأول مرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وأصبحت دولاً مستقلة قرابة 30 عاماً، تحاول هذا البلدان ترتيب أوضاعها غير المستقرة تماماً بالانقلابات والحروب، وكلهم مقربون من موسكو، يحاول الغرب أن يجعل من الاتحاد الأوراسي اتحاد عاجز ويريد القضاء على بذرة القوة هذه، فعندما تم الإعلان عن إنشاء الاتحاد الأوراسي أول مرة قالت وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك هيلاري كلينتون ”شخص ما يحاول استعادة الاتحاد السوفيتي” لذلك هناك ضغط متعمد على روسيا لتشتيت قوتها وتركيزها وصرف أموالها على حل مشاكل جيرانها وحلفائها، فهذا ليس من قبيل الصدفة أن تشتعل دول جيران روسيا وتتعرض لاحتجاجات واضطرابات وانقلابات في وقت واحد، بعضها نشأت لأول مرة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي. لقد تم ترتيب هذه الأمور منذ فترة طويلة، والآن قرروا رمي أوراقهم على الطاولة دفعة واحدة.
فلاديمير زاريخين قال : أدى تفشي فيروس كورونا إلى إطلاق العنان لشرارة البداية لبدء الاضطرابات في هذه الدول بعد أن ترك تفشي الفيروس آثاره الاجتماعية والاقتصادية على مواطنيها وفتح القروح التي لم تلتئم فيها في السابق، لذا لفظت كل مشاكلها إلى السطح. بعد أن فقد الناس القدرة على التخطيط لحياتهم ومستقبلهم لمدة أسبوع واحد، بعد أن كانوا يستطيعون التخطيط لحياتهم في المدى المتوسط على الأقل. مما ترك آثاراً نفسية شديدة للغاية، تسبب الاكتئاب عند البعض والعدوانية لدى البعض الأخر. ولكن معظم الصراعات في بلدان الاتحاد السوفيتي السابقة لم تنشأ من فراغ. فقد نشأت مشكلة كاراباخ قبل 30 عاماً. لوكاشينكو نفسه حرض الشعب ضد موسكو ولم يكن يريد نقل السلطة إلى أحد. أما في قيرغيزستان كانت هناك دائماً اشتباكات ساخنة بين العشائر من قبل.
• هل كان من الممكن منع الاحتجاجات في مينسك؟
نيكولاي ستاريكوف أجاب بأنه من الصعب علينا مساعدة بيلاروسيا. لأن المسبب الرئيسي لما حدث هو لوكاشينكو نفسه. لقد مال باتجاه الغرب وأظهر العداء لروسيا، ولم يفوا بوعودهم تجاهه، وأوكرانيا مثال حي على ذلك أيضاً، لن تستطيع موسكو مساعدته ما لم يساعد نفسه ويرغب بذلك.
فلاديمير زاريخين قال : يريد لوكاشينكو أن يمارس لعبة الديمقراطية بدون ديمقراطية. ونصح لوكاشينكو إجراء إصلاحات عاجلة وانتخابات مبكرة. والبحث عن بديل مناسب له، لكن ليس ابنه كولي لوكاشينكو وأن يتقاعد بهدوء. فمعظم الناس في بيلاروسيا لا يريدونه. على عكس أوكرانيا التي قادت تحولت تحولاً جذرياً تجاهنا. الناس في بيلاروسيا يريدون وجوه وأناس جديدة في السلطة فقط، وليس هناك عداء لروسيا. لذا لنبحث عن بديل ونعطهم ما يريدون، 100 ألف متظاهر في شوارع مينسك بمثابة ميلون في موسكو! مثل هذا الاحتجاجات لن تهدأ وتنحل من تلقاء نفسها. لذلك، وإلا ستبقى بيلاروسيا بعيدة عن الحل.
• لماذا اندلعت الحرب مرة أخرى في القوقاز؟
نيكولاي ستاريكوف قال : من المستحيل حل النزاع الدائر بين يريفان وباكو حول ناغورني كاراباخ بالسلاح، فقد كان الصراع مجمداً لسنوات طويلة وقرروا اشعاله من جديد للحصول على مكاسب سياسية هذا أولاً. ثانياً، تركيا هي من تدعم وتدفع أذربيجان للحرب. أردوغان يريد إعادة الإمبراطورية العثمانية، ولديه عدة ملفات يشتبك فيها مع بوتين في الشرق الأوسط، بالإضافة لعداوة تاريخية بين تركيا وأرمينيا، لذا فإن نتائج هذا التحريض في كاراباخ أخذ في الظهور. فلاديمير زاريخين قال : هناك وضع فريد حول ما يدور في القوقاز. فروسيا والولايات المتحدة وفرنسا، وهم المشاركون في مجموعة مينسك بشأن التسوية في كاراباخ، لديهم وجهات نظر مماثلة حول حل المشكلة. لكن بالنسبة لأرمينيا وأذربيجان لكل منهم تصور معين لهذا الوضع وليسوا على استعداد لتقديم تنازلات. وحتى تنضج الأطراف للتوصل إلى حل وسط في ما بينهم ستكون هناك حرب إلى مالانهاية.
• لماذا المظاهرات في بيشكيك؟
فلاديمير زاريخين قال : في قيرغيزستان هناك صراع قديم قائم بين عشائر الشمال والجنوب ولديهم مصالح مختلفة، وهي ذات طابع اقتصادي، حيث يعمل أهل الجنوب في الزارعة وأهل الشمال في الصناعة وهذه ليست مواجهتهم الأولى. خلال الثورة القيرغيزية الأخيرة كانت هناك أزمة اقتصادية في روسيا. معظم سكان بيشكيك والمناطق المحيطة بها من الشباب كان مصدر رزقهم هو عملهم في موسكو. فعندما تنشأ أزمة في روسيا ترتد هذه الأزمة وتنعكس على القيرغيز في وطنهم بسبب تركهم لأعمالهم وفقدانهم لمدخراتهم ولم يعد باستطاعتهم الذهاب مجدداً إلى روسيا للعمل. وهم على استعداد للنزول إلى الشارع في حال هناك من يعدهم بالعمل والمال، هذا الصراع سينفجر بسرعة، حالما تجتمع العشائر على شروط جديدة لإعادة توزيع السلطة، عليك فقط أن تنتظر قليلاً.
نيكولاي ستاريكوف قال : في مايو 2019 دفعت الولايات المتحدة 2.5 مليون لقيرغيزستان لمنظمات مدنية لمراقبة الانتخابات، في الواقع ذهبت كل هذه الأموال لإثارة المشاكل. لو علمت روسيا أن الأمريكيين قد بدأوا العمل فكيف نرد؟ أرسل أيضاً أموالك والمتخصصين، والعمل مع الشباب المحليين، وضباط إنفاذ القانون. طالما أن هناك عشيرتين متعارضتين في قيرغيزستان فإن شخصاً ما سيشاركهما دائماً. من الأفضل القيام بذلك بأنفسنا بدلاً من ترك الساحة تحت رحمة الولايات المتحدة والصين وتركيا، التي لها مصالحها الخاصة في هذا البلد.
• أين تتوقع أن تندلع الثورات حول روسيا؟
فلاديمير زاريخين قال : لنلقي نظرة على الجدول الزمني للانتخابات المقبلة من حولنا. لأن هناك أمر ثابت بالفعل – احتجاجات غير الراضين عن نتائج التصويت. ماذا نرى؟ هناك انتخابات رئاسية ستجري في 11 أكتوبر في طاجيكستان. ويبدو أن إمام علي رحمن يسيطر على البلاد. لكن لننتظر حتى نهاية الأسبوع، لا أعتقد أنه سيكون هناك مفاجآت، لكن بالنظر إلى هذا الوقت وما يدور حولنا من اضطرابات لا يمكن استبعاد أي شي، فالرئيس الطاجيكي لا يفرق عن لوكاشينكو كثيراً، فهو جالس على كرسي الرئاسة منذ 26 عاماً. أما النقطة الثانية المقلقة لي هي مولدوفا، حيث ستجرى الانتخابات الرئاسية في 1 نوفمبر، الزعيم الحالي للبلاد إيغور دودون يسافر إلى روسيا ويلتقي مع بوتين، والغرب لا يحب هذا. أعتقد أنهم يستعدون لفعل شيء ما. في أوزبكستان، يقوم الرئيس الجديد شوكت ميرضيايف بإصلاحات ملومسة في البلاد، وإضعاف الإملاءات التي كانت تحت حكم سلفه، حتى الآن وضعه جيد. لكن الوضع في أوزبكستان، كما في قيرغيزستان، يعتمد الاستقرار فيهما بشكل كبير على الوضع الاقتصادي في روسيا. وطالما بقينا في حالة ركود بسبب تفشي فيروس كورونا فلن يكون باستطاعة العمالة الأوزبكية كسب قوت يومهم، لذلك هم يعودون إلى بلادهم وينشرون غضبهم في الشوارع.
غورغي بوفت ؛ هناك انطباع سائد مفاده أن تفكك الاتحاد السوفيتي تاريخياً لم يكتمل بعد، لا تزال هنا الكثير من القضايا العالقة، مشاكل حدودية ونزعات انفصالية، مثل مولدوفا وترانسنيستريا الانفصالية. وهي مشكلة تشبه ناغورني كاراباخ. وإقليم الدونباس شرق أوكرانيا. وجميع أوكرانيا التي تم إنشاؤها كجمهورية مرقعة من بقايا إمبراطوريات مختلفة. وقريباً في 31 انتخابات برلمانية في جورجيا، لقد انفصلت أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بالفعل عن جورجيا. لكن أجاريا لا زالت موجودة. ماذا لو أصبحت شهوانية للإنفصال أيضاً؟ كل القروح القديمة في الاتحاد السوفيتي لا تزال تنزف.
• هل ستصل الثورات إلى موسكو؟
نيكولاي ستاريكوف قال : الشيء الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو أنه في عام 2021 ستهز الثورة “الملونة” قلب موسكو. حيث ستجري انتخابات لمجلس الدوما في مارس 2021. وهذا يعني أولاً، يجب فتح باب الترشح للجميع والسماح للجميع بالمشاركة حتى نقطع الطريق على من سيقول أن هناك تزوير في الانتخابات وأن الأسماء الفائزة معدة مسبقاً. ثانياً، نحن بحاجة إلى شخصيات سياسية جديدة وأفكار وأحزاب تدخل إلى مجلس الدوما. لا مجال للكرملين للعب ألاعيبه القديمة، يجب على الكرملين أن يفهم أن لا يمرر ثلاث أو أربع ألاعيب قديمة، بل يمرر اثنين من الألاعيب الجديدة. مع ذلك، لا أعتقد أن هذا سوف يوقف الاحتجاجات المعدة مسبقاً. لماذا تعتقد سبب التركيز على قضية نافالني الأن؟ لقد قامت ميركل بوضع سيارات تحت خدمته، وقامت بزيارته في المستشفى، وتطلق عليه الصحف الألمانية قلب الفوهرر المعارض (قائد المعارضة الروسية). حقيقة كل البلدان اليوم على حدود روسيا تشتعل فيها النيران الآن، وما أراه اليوم هو مجرد بروفة، الهدف الرئيسي للغرب بلا شك، الانقلاب في موسكو.
المصدر: https://www.crimea.kp.ru/daily/217192/4300363/?utm_campaign=internal&utm_medium=main_top&utm_source=quote_preview&utm_term=0&fbclid=IwAR2CmirjHPw8sh2NBGtDXAZhhH2SIJNr-klYC8auIGpPzSxJhZIQHSBBH_g