جسر: متابعات:
شهدت الحرب في سوريا على امتداد سنواتها العشر نمطا جديدا من أنماط العبودية لم يعرفه السوريون من قبل تجلت بظاهرة (الإتجار بالبشر)، وبات الأطفال والنساء وغيرهم من الفئات الأكثر هشاشة وضعفا المستهدف الأول من قبل تجار البشر الذين لا يتورعون عن القيام بشتى أنواع الجرائم لضمان استمرار استغلالهم الجائر لكرامة الإنسان وحقوقه الأساسية في الحياة والحرية.
ويأتي هذا النوع من الجرائم لغايات متعددة من توفير العمالة القسرية بظروف عمل قاسية وأجر متدني، وبين اختطاف البشر بغية الإتجار بأعضائهم والإتجار بالنساء والأطفال للاستغلال الجنسي أو تهريب البشر عبر الحدود، كما تتضمن تزويد الضحايا بوثائق سفر مزورة ليتم نقلهم عن طريق شبكة منظمة إلى بلد المقصد، حيث يجدون أنفسهم محتجزين في ظروف غير إنسانية وهلع ورعب شديدين.
وقد أقرت الأمم المتحدة بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الإتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال، كما عدته مكملا لاتفاقية مكافحة الجريمة المنظمة واعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 25 ضمن دورتها الخامسة والخمسون المنعقدة بتاريخ 15 تشرين الثاني 2000
وتضمنت في أهم بنودها تحديد معنى (الإتجار بالأشخاص) وهو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو إيوائهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال، كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسرا، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.
كما جرمت سائر أشكال الإتجار بالبشر واستغلالهم على أي صورة كانت، مع المطالبة بتوفير الحماية القانونية والاجتماعية والاقتصادية لضحايا الاستعباد والاسترقاق ومحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.
من الجدير بالذكر أن الصحفي البريطاني باتريك كينغسلي مراسل شؤون الهجرة في صحيفة الغارديان تحدث عام 2016 عن حالات الاستغلال والظروف المزرية لضحايا الإتجار بالبشر من المهاجرين غير الشرعيين، الذين تقطعت بهم السبل في رحلة بحثهم عن حياة أفضل وما تبعه من مخاطر على حياتهم وأمنهم، كما نشر كتابه The New Odyssey الذي سرد فيه قصصا عن معاناة اللاجئين خلال سعيهم لاكتشاف الطريق إلى الفردوس الموعود، وما تعرضوا له من مخاطر واستغلال وظلم من قبل تجار قد تجردوا من أدنى قيم الإنسانية.