جسر – صحافة
لم يكن مفاجئاً اشتباك أفراد من عشيرة الجغايفة في مدينة البوكمال قبل يومين مع إحدى ميليشيات الدفاع الوطني التابعة للنظام، إذ اعتادت المنطقة على هذا النوع من الحوادث، لكن ما جعل آخرها استثنائياً أن الطرف المقابل فيها كانت ميليشيا عصام الفاضل، الذي يُعتبر أخطر شبيحة النظام في دير الزور.
فقد اندلعت اشتباكات عنيفة بين أفراد من العشيرة وبين عناصر الميليشيا بقيادة عصام الفاضل شخصياً، قرب دوار المصرية وسط مدينة البوكمال، ما أدى لإصابة الفاضل بساقهِ، بالإضافة إلى جرح أحد عناصره.
وتداولت مواقع وحسابات إخبارية محلية تفاصيل عن الحادثة التي بدأت بملاسنة بين الطرفين لدى مرور سياراتهما في المنطقة، قبل أن تتطور الى اشتباكات بالأسلحة، دون تحديد أسباب الخلاف.
لكن مصادر خاصة قالت ل”المدن”، إن الفاضل، قائد مجموعة الشبيحة المعروف في البوكمال بأنه الأخطر على الإطلاق، تعرض بشكل مقصود ومرتب له مسبقاً لمجموعة من أفراد عشيرة الجغايفة لدى مرورها بدوار المصرية، بهدف تأديب العشيرة رداً على التهديدات التي وجهتها لرئيس مفرزة الأمن العسكري في مدينة البوكمال مؤخراً، لكنه فوجئ بالرد.
وحسب هذه المصادر، فإن الأمن العسكري في المدينة حاول اعتقال بعض وجهاء العشيرة مؤخراً بتهم تتعلق بالتهريب، إلا أنه فشل بسبب التصدي القوي له، خاصة وأن عشيرة الجغايفة المتحدرة من قبيلة زبيد تمتلك نفوذاً في الحرس الثوري الإيراني الذي يسيطر على منطقة البوكمال، إلى جانب شراسة المجموعات التي تعمل بالتهريب بين سوريا والعراق منذ ما قبل عام 2011.
ويبدو أن فشل رئيس المفرزة في إخضاع العشيرة وتلقيه تهديدات مباشرة منها دفعه إلى تكليف عصام الفاضل بافتعال مشكلة معها، على أمل توجيه ضربة قوية لها، لكن الرد كان قوياً.
ورغم أن الحادث لا أبعاد سياسية له، وهو مرتبط بالتنافس على التهريب، إلا أن مصادر “المدن” كشفت عن تفاعل سكان البوكمال معه بشكل كبير، وأن الكثيرين منهم عبروا عن سعادتهم بكسر شوكة الفاضل ومن ورائه الأمن العسكري، الطرفين اللذين لديهما سمعة سيئة جداً في المنطقة.
وقبل أسبوعين اشتبك أفراد من العشيرة مع الجيش العراقي، بعد وقت قصير على مواجهات مسلحة اندلعت بينها وبين قوات من ميليشيا الحشد الشعبي، بسبب عمليات التهريب بين سوريا والعراق، وكشفت المصادر عن تدخل المسؤول الأول عن الحرس الثوري الايراني في المنطقة “الحاج عسكر” بشكل شخصي من أجل وقف الاشتباكات.
وتنتشر العشيرة في المنطقة الحدودية السورية-العراقية ويقطن أفرادها المدن والبلدات المتجاورة في كلا البلدين، وقد امتهنت بعض عوائلها العمل بالتهريب منذ عقود، مستفيدة من ميزة الموقع وعلاقات القرابة والصلات بمراكز القرار في البلدين، حتى خلال العقود التي كانت الحدود بينهما مغلقة، بين بداية الثمانينات ونهاية التسعينيات من القرن الماضي.
ولم تنقطع عمليات التهريب التي تقوم بها العشيرة بعد انطلاق الثورة السورية وسيطرة الجيش الحر على المنطقة الحدودية، ومن ثم استيلاء تنظيم داعش عليها، وتواصلت بعد ذلك مع سيطرة قوات النظام والجانب الإيراني، ودائما ما كانت تشتبك مع القوى المسيطرة التي فشلت في إخضاعها.
وحسب شهادات من سكان المنطقة فإن ما أكسب العشيرة هذا الوضع باستمرار تجنبها الاصطفاف السياسي أو الانخراط بنشاطات من هذا النوع، إلى جانب الجرأة والشراسة التي يُعرف بها أفرادها، ومع تنامي قوتها مؤخراً فقد باتت تنافس ميليشيات الحشد الشعبي على التهريب بين سوريا والعراق إلى درجة أن أفراداً منها افتتحوا معبراً للتهريب خاصاً بهم على مقربة من معبر القائم الحدودي الرسمي، يعرف باسم “معبر السكك”.
المصدر: موقع المدن