أخلى الجيش الوطني المعارض مواقعه من صوامع العالية غربي تل تمر في محافظة الحسكة، الواقعة جنوب طريق حلب-القامشلي (M4)ليدخلها جيش النظام السوري. وتأتي الخطوة في إطار التفاهمات التركية-الروسية على ترسيم حدود منطقة عملية “نبع السلام” الواقعة تحت السيطرة التركية.
في السياق، نفى الناطق باسم الجيش الوطني، المقدم يوسف حمود، أي انسحاب آخر لصالح قوات النظام أو روسيا، وبالتحديد “منطقة الشرقراق أو قرى بجوار عين عيسى، كما روجت بعض الصفحات المقربة من النظام السوري أو قسد” مضيفاً في تصريح لـ “القدس العربي” أن التفاهم الروسي التركي ينص على “أن تشرف روسيا على المنطقة جنوب الـ(M4) وتركيا على المناطق شماله، فيما تنسحب قوات النظام والجيش الوطني منه، ويبقى بإشراف مشترك بين الشرطة العسكرية الروسية والقوات التركية”.
وعلمت “القدس العربي” أن اتفاقا جرى برعاية روسية، يربط قضية “سحب الكهرباء إلى رأس العين وتغذيتها من محطة المبروكة وإتمام تشغيل خط الـ (230 ك،ف) أو ما يعرف بخط التوتر، مقابل ضخ مياه الشرب من محطة علوك إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام شرقاً في القامشلي والحسكة”. وتسحب كهرباء رأس العين وصولا إلى القامشلي من سد الفرات قرب مدينة الطبقة ومنه إلى محطة المبروكة، ومنها تتفرع عدة خطوط لتغذي محافظة الحكسة، شمال شرق سوريا.
بناء على الاتفاق الحاصل، دخل مهندسو وفنيو المؤسسة العامة للكهرباء التابعة لحكومة النظام السوري في الحسكة إلى محطة كهرباء المبروكة، يوم الخميس، برعاية الشرطة العسكرية الروسية التي تمركزت في المحطة حسب ما أفاد مصدر محلي لـ”القدس العربي”. ومن غير المعلوم إذا كانت الشرطة الروسية ستبقى في المحطة لحين انتهاء عمليات الصيانة، أو انها ستتخذ منها مقرا دائما يسهل عملية التشغيل والصيانة. وحصل الدخول الروسي تزامنا مع خروج قوات الجيش الوطني من المحطة الواقعة جنوب البلدة، حيث أعادوا تمركزهم على أطرافها، ونفى الناطق المقدم حمود دخول قوات النظام أو رفع أعلامه، واصفاً ذلك بـ”الشائعات”.
وتشير مصادر قوات سوريا الديمقراطية إلى أن الاتفاق ينص على “انسحاب الجيش الوطني شمال (M4) بمسافة 2 كم وانتشار قوات النظام والشرطة العسكرية الروسية على الطريق، بدون أي تواجد للقوات التركية”.
عفو عام
على صعيد آخر، تتجه الحكومة السورية المؤقتة إلى إصدار عفو عام عن العاملين المدنيين في الإدارة الذاتية التي تسيطر عليها قسد. وقال مسؤول في الحكومة السورية المؤقتة، رفض الكشف عن اسمه، إن الحكومة “تحاول الفصل بين الملفين العسكري والأمني لدى قسد من جهة، وبين المدنيين العاملين في مؤسسات الإدارة من جهة ثانية، بهدف التشجيع على عودة المواطنين السوريين الذين فروا من المنطقة مع انطلاقة عملية “نبع السلام” في 9 تشرين الأول (أكتوبر)”.
وقال رئيس الحكومة المؤقتة المعارضة، عبد الرحمن مصطفى، الأربعاء الماضي، إنه “سيتم العفو عن المنضمين قسرا أو عن طريق الخداع إلى صفوف ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية، الذي يشكل ي ب ك/ بي كا كا عمودها الفقري، في حال استسلامهم”. ودعا مصطفى المنضمين قسرا إلى “إنقاذ حياتهم وفتح صفحة جديدة والمشاركة في إعادة الإعمار مع أشقائهم من المكونات الأخرى في المناطق المحررة، والسير نحو مستقبل مليء بالسلام والكرامة والحرية”.
وأشار في بيان مصور، حضره وزيرا الدفاع والداخلية في الحكومة السورية المؤقتة، إلى “ضرورة أن يراجع هؤلاء أقرب نقطة للجيش الوطني السوري من أجل ترك أسلحتهم وتحسين أوضاعهم، بما يساهم في حماية أرواحهم ويشكل خطوة أولى نحو مستقبل مشرق”. مشدداً على “أهمية روابط الأخوة بين جميع مكونات الشعب السوري” داعيا المنضمين قسرا إلى “صفوف التنظيم الإرهابي للوثوق بالجيش الوطني السوري العازم على مكافحة الإرهاب”.
على صعيد منفصل، قامت تركيا بإعادة فتح مستشفيين في تل أبيض ورأس العين، وبدأت بترميم المدارس والمرافق العامة. وتستمر بدعم الحكومة المؤقتة من أجل تعزيز وتطوير المجالس المحلية التي شكلت برعاية والي أورفا التركية، من أجل بدء تسلم مهامها وسد الفراغ الإداري الحاصل إثر تعطل الإدارة الذاتية التابع لوحدات “حماية الشعب” الكردية. كما أسست قضاء عسكريا يشرف عليه العقيد عرفات الحمود، ضمن مسعى وزير الداخلية في الحكومة المؤقتة إلى بناء شرطة حرة، تتسلم مهام الأمن والحفاظ على الممتلكات العامة بعيدا عن الجيش الوطني وفصائله، وإبعاد الفصائل ومقراتها إلى خارج المدن والبلدات. وهذا بهدف التخفيف من حدة الانتهاكات والممارسات بحق المدنيين في مناطق سيطرة الجيش الوطني، خصوصاً مع الصرخات التي أطلقها فاعلون ومقربون من قسد لتصنيف بعض فصائل الجيش الوطني على لوائح الإرهاب الدولية.
خلخلة التحالف العسكري
وتشير مبادرة الحكومة المؤقتة إلى رغبة تركيا في التعاطي بشكل مختلف عما هو الحال سابقاً في عفرين، من خلال استيعاب الكفاءات المدنية العاملة في الإدارة الذاتية التابعة لقسد. وكذلك تشجيع العرب المتحالفين مع الوحدات الكردية على فك ارتباطهم بها، وبالتالي خلخلة التحالف العسكري داخل قسد، حيث يخشى الكثير من المجموعات العربية من فك الارتباط بقسد بدون وجود البدائل. وتضاف إلى ذلك أن العرب في منطقة عملية نبع السلام العسكرية يشكلون غالبية سكانية واضحة.
وتشجع الخطوة تلك على عودة اللاجئين السوريين، والتي تعتبر الهم الاستراتيجي لتركيا هذه الأيام. وتحاول أنقرة، من خلال الصفح عن المنتسبين إلى الإدارة وقسد، استمالة الرباعية الدولية التي شكلتها مع بريطانيا وألمانيا وفرنسا. وتحفيزهم على الاستثمار في إعادة إعمار المنطقة بعد خلق بيئة آمنة مرضية محليا ودوليا.
القدس العربي ٨ ديسمبر/ كانون١ ٢٠١٩