جسر: خاص:
جددت مجموعة (سوريون مستمرون في مالمو – Syrians Forward in Malmö) مطالبتها إدارة مهرجان مالمو للسينما العربية بسحب فيلم “الحيل السري” فوراً من برنامجها، وقالت المجموعة في بيان صحفي نشرته على صفحتها في موقع “فيسبوك” أمس السبت 5 تشرين اﻷول/أكتوبر إنها تربأ بإدارة المهرجان “أن تجعل من حدث ثقافي منصة للدعاية الأسدية”.
وسبق للمجموعة أن طالبت إدراة المهرجان بسحب الفيلم الذي أخرجه “الليث حجو”، وتم تصويره على أنقاض مدينة الزبداني، لكن إدارة المهرجان لم تستجب لمناشدة المجموعة بسحب الفيلم من برنامج المهرجان في دورته التاسعة، ما دفع المجموعة ﻹصدار بيانها الصحفي اﻷخير. وبحسب البيان “جرى تصوير الفيلم على أنقاض مدينة الزبداني شمال غرب العاصمة دمشق وتم عرضه في عدة مدن سورية بإشراف مؤسسات رسمية خاضعة تماماً لإرهاب وسلطة أجهزة المخابرات السورية”.
وترى المجموعة أنه “وبغض النظر عن قصة الفيلم، يُعتبر لجوء مخرجين محسوبين على نظام بشار اﻷسد إلى استخدام أنقاض المدن السورية من حمص إلى القصير إلى الزبداني وغيرها استمراراً في نهج إرهاب الدولة ضد المواطنين السوريين المدنيين”. وأن هؤلاء المخرجين يسعون “إلى العبث بالحقائق ومسارح الجريمة”. وأنهم “اليوم يلحقون بالناجين السوريين من إرهاب اﻷسد إلى المنافي لعرض بضاعتهم القميئة تحت شعارات رثة تحاول أن تسوق الأسد سعياً لإعادة قبوله في الساحة الدولية”.
وأشار البيان إلى أنه و”منذ العام 2011 تعرضت مدينة الزبداني وقرى وبلدات تابعة لها، مثل مضايا وقرى وادي بردى، إلى أبشع أنواع إرهاب الدولة واﻹرهاب العابر للحدود” في إشارة للمشاركة المركزية لميليشيا حزب الله اللبناني في حصار المدينة وتدميرها وتهجير أهلها.
وأكدت المجموعة في بيانها أنه و”بفعل تلك الجرائم، جرى تهجير أهل الزبداني منذ عام 2015. ولا يتجاوز عدد سكان الزبداني اليوم 7000 نسمة يعيشون في ظروف قاسية من شبه انعدام في الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وتعليم وغيره” بعد أن كان عدد سكانها يتجاوز الـ120 ألف في مواسم الاصطياف حتى 2011، بحسب ما جاء في البيان.
لكنها ليست المرة الأولى التي يتسبب فيها فيلم “الحبل السري” بمفارقة من هذا النوع؛ إذ سبق ﻹدارة مهرجان “كرامة لسينما حقوق اﻹنسان”، أن عرضت الفيلم في الدورة العاشرة للمهرجان والتي أقيمت في بيروت آب/أغسطس الماضي، في مفارقة هي اﻷقسى مع غايات، بل وتسمية المهرجان، في حينها غطت شبكة جيرون المهرجان وقدمت للفيلم دون أي إشارة لمشاركة صناعه في جريمة نظام اﻷسد والميليشيات الطائفية المتحالفة معه بحق أهل الزبداني ومحيطها.
وقبل “الليث حجو”، قام المخرج المقرب من نظام اﻷسد “جود السعيد” بتصوير فيلمه “مطر حمص” على أنقاض المدينة المدمرة ببراميل النظام برعاية وانتاج من “المؤسسة العامة للسينما” التي لا تعدو أن تكون واحدة من المؤسسات الدعائية العاملة على طمس الحقائق وترويج رواية نظام اﻷسد، ولم تقبل إدارة أي من المهرجانات الدولية عرض الفيلم في ذلك الوقت، إلا أن إدارة “مهرجان قرطاج” عرضت الفيلم في دورتها للعام 2017، وأتبعتها بعرض فيلمه “مسافرو الحرب” والذي اتخذ من مدينة حلب وريفها مسرحاً لدعايته في دورتها التالية في العام 2018، متجاهلة في المرتين استنكار سينمائيين ومتابعين سوريين وعرب رأوا في أفلام “جود السعيد” بروباغندا سياسية لنظام اﻷسد.
أما المخرج اللبناني “أحمد غصين”، فقد صور فيلمه “جدار الصوت”، الذي يتحدث عن حرب تموز 2006 بين إسرائيل وحزب الله، على أنقاض مدينة “القصير” السورية، التي دمرها حزب الله نفسه ومازال مقاتلوه يحتلونها بعد تهجيرهم أهلها، لكن غصين وجد في أنقاضها ما يشبه نتائج العدوان اﻹسرائيلي، دون أن يكترث للمفارقة متعددة الطبقات.
منذ اندلاع الثورة السورية في آذار2011، لم يألُ نظام اﻷسد جهداً في تشويه ملامحها، وتمييع الحقائق الصلبة الشاهدة على جريمته المستمرة إلى اليوم في قمعها، وتسخير كل ما يمكن في خدمة دعايته حولها، لكن استثمار حطام سوريا والسوريين من قبل “سينمائيين” و”فنانيين” يشاركون في صناعة هذه البروباغندا يتجاوز الدعاية السياسية إلى اﻻشتراك في جريمة تتمثل بالاحتيال على حقوق شعب معذب، وتلميع لقاتله، وتمييع لمعالم الجريمة التي تجب معاقبة مقترفها لا تخليده في “أعمال سينمائية”.