جسر: ترجمة:
حذرت وزارة الخارجية الأمريكية في تقرير جديد من أن الصين وإيران وروسيا تستخدم أزمة فيروس كورونا لإطلاق دعاية وهجمات مضللة ضد الولايات المتحدة.
وتصر الحكومات الثلاث على مجموعة من الرسائل المطابقة: أن الفيروس التاجي الجديد هو سلاح بيولوجي أمريكي، وأن الولايات المتحدة تستغل اﻷزمة لتسجيل نقاط سياسية، وأن الفيروس لم يأت من الصين، وأن القوات الأمريكية نشرته، وأن العقوبات الأمريكية تقتل الإيرانيين، وأن استجابة الصين كان عظيمة بينما كانت الولايات المتحدة مهملة، وأن الحكومات الثلاث تدير الأزمة جيدا، وأن الاقتصاد الأمريكي لا يستطيع تحمل خسائر الناجمة عن تفشي الفيروس.
تم إعداد التقرير الذي لم يكن عاما، بواسطة مركز المشاركة العالمي التابع للإدارة، وهو مكتب حديث يركز على حروب المعلومات العالمية، وراجعته بوليتيكو. ويؤكد التقرير أن روايات الدعاية والتضليل من حكومات تلك الدول قد تلاقت في ظل انتشار فيروس كورونا. ويقول إنه في الوقت الذي استمرت فيه الحكومات الثلاث بترديد خطابها الماضي، فإن انتشار الوباء العالمي ترافق مع تقارب رسائلها بتسارع.
يتم إنتاج بعض المعلومات المضللة بواسطة وسائل الإعلام التي تديرها الدولة، وبعضها تمت مكافحته من قبل الحكومات نفسها. يسلط موقع إلكتروني تديره وزارة الدفاع الروسية، على سبيل المثال، الضوء على نظرية المؤامرة القائلة بأن الملياردير بيل جيتس لعب دورا في إنتاج الفيروس.
قبل انتشار الفيروس خارج الصين يقول التقرير، كان التداخل بين رسائل الحكومات الثلاث محدودا نوعا ما؛ فقد دافعوا جميعا عن حكومة الرئيس نيكولاس مادورو في فنزويلا، والتي لا تعترف الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى بشرعيتها، وجادلوا بأن الولايات المتحدة فشلت في الوفاء بالتزاماتها الدولية.
ولكن وبحلول شباط/فبراير 2020، وفقا للتقرير بدأت الرسائل في التقارب، ويجادل التقرير أن اﻷمر بدأ بالتسارع في الوقت الذي تكافح فيه هذه الحكومات لإبقاء الرأي العام في بلدانها إلى جانبها.
كانت إحدى الرسائل الأساسية أن الصين رائدة في مجال الصحة العالمية وأن الولايات المتحدة، في الوقت نفسه، ليست على تلك الدرجة من القوة، وقالت ليا غابرييل التي تتولى رئاسة لجنة الانتخابات العامة، لبوليتيكو إن الصين سمحت أيضا لجهود الدعاية الروسية التي تستهدف الولايات المتحدة أن تنتشر في جميع أنحاء البلاد، حيث لا تزال الرقابة مشددة على الإنترنت من قبل حكومة بكين.
وقالت مستخدمة اﻻسم المختصر للحزب الشيوعي الصيني: “ما رأيناه عندما بدت الأزمة الصحية تحت السيطرة في الصين هو أن لجنة مشكلات السلع بدأت بالفعل في بذل جهود متضافرة لمحاولة إعادة صياغة تلك الرواية، لذا في فترة قصيرة من الوقت تحول CCP من السماح للتضليل الروسي الذي يدعي أن الولايات المتحدة كانت مصدر انتشار الفيروس في وسائل الإعلام الاجتماعية الصينية، إلى إثارة أسئلة على وسائل الإعلام الحكومية حول أصل المصدر، وإلى تعزيز التضليل بأن الولايات المتحدة كانت مصدر الفيروس”. وأضافت أن رسائل الحكومة الصينية دفاعية وهجومية.
وتابعت: “في الوقت نفسه، رأينا بكين تكرر المحتوى ذاته المؤيد لجمهورية الصين الشعبية عبر شبكات وسائل الإعلام العالمية ومن خلال بعثاتها الخارجية، والتي تضمنت انتقادات متزايدة لكيفية استجابة الدول الديمقراطية للأزمة”.
وللتعليق على اﻷمر أشار المتحدث باسم السفارة الصينية إلى مقابلة بين السفير الصيني لدى الولايات المتحدة وأكسيوس على HBO. حيث رفض السفير في المقابلة توضيح سبب قيام المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بالترويج للادعاء بأن الولايات المتحدة مسؤولة عن الفيروس، ولفت المتحدث أيضا إلى مقابلة أجراها السفير مع إيان بريمر من مجموعة أوراسيا، حيث أشار إلى أن الولايات المتحدة تحاول “الاستفادة سياسيا من معاناة الآخرين”.
وقال متحدث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة إن الولايات المتحدة مسؤولة عن أي دعاية أو معلومات مضللة حول الوباء، وليس إيران.
وذكر المتحدث عبر البريد الإلكتروني “يبدو أن ذلك بات جزءا من الحملة الداخلية للولايات المتحدة، وللأسف فإن الاعلام الأمريكي مليء بالروايات الملفقة والمعلومات المضللة التي نشرتها الإدارة في الفترة التي سبقت الفيروس وتسببت في حدوث وباء مأساوي في كل ولاية تقريبا في أمريكا، إن لوم الآخرين على أخطائها هو السمة المميزة لهذه الإدارة الأمريكية”.
ونشر متحدث باسم السفارة الروسية في الولايات المتحدة تغريدة للسفارة تدعي أن الدولة لم تنشر معلومات مضللة، بالإضافة إلى منشور على فيسبوك ينتقد وزارة الدفاع لاتهامها روسيا بجهود التضليل، وأضافت الصحيفة: “في ظل هذه الظروف، يستمر رهاب روسيا المحموم في وسائل الإعلام الأمريكية الشائعة، ويقدم معلومات غير دقيقة عن الإحاطات التي تقدمها وزارة الدفاع الأمريكية ووزارة الخارجية الأمريكية”.
وأشار تقرير وزارة الخارجية إلى مقال نشرته صحيفة “جلوبال تايمز” في 10 آذار/مارس، نقلا عن صحيفة “بيبولز ديليز”، جادل المقال بأن صورة الصين كقوة عالمية مسؤولة تعززت أكثر من كونها تراجعت بسبب الوباء. بعد ذلك بأسبوعين سلطت وكالة تسنيم للأنباء ومقرها إيران، التي تصف مهمتها بأنها الدفاع عن الثورة الإسلامية ضد حملات الدعاية الإعلامية السلبية، الضوء على تصريحات لأعلى جنرال في البلاد تشكر الصين على “التحركات الإنسانية” المتعلقة بالوباء.
من يساعد في مكافحة الفيروس ومن ليس كذلك، كان محور التركيز الأساسي للحكومات والمواطنين حول العالم. في 3 آذار/مارس قامت شركة إعلامية تسيطر عليها القوات المسلحة الروسية ZVEZDA بنشر قصة بعنوان “بيل جيتس، مختبر سري ومؤامرة لشركات الأدوية: هؤلاء يمكنهم الاستفادة من فيروس كورونا”.
تشير المقالة إلى أن غيتس كان لديه معرفة مسبقة بالفيروس، وتدعي أن المنحدرين من “العرق المنغولي” فقط هم من يمكنهم التقاط عدوى الفيروس.
وبالإضافة إلى تشديد الحكومة الروسية على أن غيتس ربما يكون وراء انتشار الفيروس، استشهد التقرير بمواد صادرة عن الحكومات الثلاث تصف فيروس كورونا بأنه سلاح بيولوجي أمريكي. وأشار إلى تغريدة للمتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية ليجيان تشاو المشينة، والتي تروج لمقال يدعي باحتمال أن الفيروس التاجي الجديد صادر من الولايات المتحدة، بالإضافة إلى مقال من “روسيا اليوم” يسلط الضوء على ادعاء قائد الحرس الثوري الإسلامي بأن الفيروس يمكن أن يكون سلاحا بيولوجيا أمريكيا، أشارت رواية RT إلى أنه “لا يوجد حتى الآن دليل رسمي” على نظرية المؤامرة.
يتتبع محللون خارج الحكومة الأمريكية أيضا حروب الرسائل العالمية، وقالت كاميل فرانسوا الرئيس التنفيذي للابتكار في شركة “جرابهيكا” لتحليل الشبكات، إن شركتها شاهدة على أحد الموضوعات الرئيسية التي يركز عليها تقرير وزارة الخارجية.
وأوضحت: “لقد لاحظنا أن الدبلوماسية العامة والحملات السرية الصادرة عن إيران والصين وروسيا تتلاقى حول روايات كوفيد-19، لا سيما في إلقاء اللوم على الولايات المتحدة لاستجابتها للأزمة والدور الحالي في الشؤون الجيوسياسية”.
وقال جويل ماير من “بريداتا”، وهي شركة تحليلات تنبؤية تضم عملاء من الحكومة والقطاع الخاص، إن فريقه لاحظ اهتماما متزايدا بالحديث حول المساعدات الخارجية الصينية والأمريكية، بالإضافة إلى محتوى حول الطب البديل؛ وهما موضوعان تعززهما الحكومات الثلاث، وبدلا من مراقبة الرسائل التي تروجها الحكومات، تتبع بريداتا اتجاهات حركة الإنترنت العالمية لمعرفة كيف يتحول وينمو تركيز مستخدمي الإنترنت.
وقال ماير “تزايد الحديث في الإعلام الناطق بالعربية مؤخرا عن المساعدات الخارجية الغربية، وهو أمر مثير للاهتمام حيث لم يكن هناك أي اهتمام يركز على ذلك على الإطلاق”.
ومنذ بداية الوباء، قال ماير إن الشركة قد شهدت اهتماما متزايدا من مستخدمي الإنترنت باللغة الهندية والفارسية في المواقع التي تشوه الطب الغربي وتمدح الطب البديل، بما في ذلك علاجات الطاقة والمكملات المشكوك فيها.
في الوقت نفسه يشير ماير أن المواد التي تروج لنظريات المؤامرة الطبية وانتقاد اللقاحات قد جذبت اهتماما أكبر بكثير مما سبق في أوروبا الغربية.
وأوضح: “في اللغات الأوروبية، بما في ذلك الفرنسية والألمانية والإيطالية، ارتفع نشاط معارضي اللقاحات مؤخرا”. وأضاف أن هذا الاهتمام المرتفع حديثا يرتبط بتقارير التضليل الحكومي حول هذه الموضوعات.
وقال “إننا نشهد زيادة غير مسبوقة في الاهتمام بالأدوية والعلاجات البديلة، لذا من تحليلاتنا سننظر في ذلك ونقول أن هذا النوع من التضليل يتراكم وله تأثير”.
نشر في بوليتيكو 21 نيسان/أبريل 2020، للقراءة في المصدر اضغط هنا