جسر: ثقافة:
يعود سور الرافقة الأثري إلى العصر العباسي الأول (منتصف القرن الثاني الهجري، الثامن الميلادي)، شُيّد سنة 155 هـ / 772 م من اللبن المجفف تحت الشمس وباستخدام الجص كمادة رابطة.
ويبلغ طول السور 5 كم تقريباً بعرض 160 سم، وعلى الرغم من تباين الارتفاعات فيه إلا أن ارتفاعه يُقدّر في المجمل بين 10 إلى 13 متر تقريباً. ويحيط السور بمساحة من الأرض تُقدّر بحوالي 137 هكتار. إلا أن السور حالياً يمتد إلى حوالي 2800 متر، وقد أُجريت عليه ترميمات كثيرة أهمها ترميم عام 2010 والذي تضمن فك الجدران المبنية باللبن وتدعيم أساساتها واستبدال اللبن التالف نتيجة الرطوبة بقطع جديدة أكثر احتمالا للعوامل الجوية، فكانت على الواجهات من اﻵجر المشوي وبنفس القياسات العباسية القديمة 27×15×7 سم أو 27×40×7 سم، والحشوات الداخلية بمادة اللبن النيء.
يأخذ سور الرافقة شكل نعل الفرس، وهو مبني على نمط سور بغداد المبني خلال فترة أبي جعفر المنصور (القرن الثاني الهجري، الثامن الميلادي).
تشير الدراسات الأثرية إلى أن سور الرافقة قد شُيّد فيما مضى بشكل مضاعف، حيث كان هناك سور داخلي وخارجي يفصل بينهما (فصيل)؛ وهو الجزء الذي يسمح بتحرك الجنود لحماية الأسوار. ويبلغ عرض الفصيل الداخلي 20 إلى 21 متر، ويهدف إلى تسهيل حركة المنجنيقات والأسلحة والجنود، بينما يقع الفصيل الثاني بين السور الخارجي والخندق المائي الذي كان يحيط به من الجهات الثلاث؛ الشرقية والغربية والشمالية وذلك لحماية السور من الرطوبة وتفتت أساساته، بعد ملء الخندق بالمياه لحماية المدينة عن طريق قناة (النيل) التي قام بحفرها فيما بعد هارون الرشيد، ويُذكر أن هذه القناة كانت مُبلطة بالآجر. فيما شكّل نهر الفرات الذي يجري في الجهة الجنوبية من المدينة حاجزاً مائياً طبيعياً لها.
وعلى الرغم من اندثار معظم أجزاء السور وغياب الخندق المحيط به إلا أن هيبته مازالت ماثلة بأبراجه الدائرية الشكل، والتي قامت على أساسات صخرية من الحجر الكلسي مكونة من مدماكين يتموضعان فوق بعضهما البعض بارتفاع يبلغ نحو 65 سم، وهي التي ساعدت في الحفاظ على بنية السور وعدم انهياره. وأهم هذه الأبراج تلك القريبة من البوابات الرئيسة1؛ كباب الجنان في الزاوية الجنوبية الغربية الذي لم تعد له آثار واضحة، وباب بغداد الذي تشير الدراسات إلى أنه منشأة منفصلة عن السور، إلا أنه لا يوجد دليل قاطع على ذلك، فيما يُذكر إلى أن هناك باباً يدعى باب السبال قام بتجديده هارون الرشيد، إلا أنه لم يُعثر على بقاياه ضمن السور حتى الآن، ويحيط بالأبواب من الجانبين برجان دائريان كبيران، كما تنتشر الطاقات على السور الداخلي لتسهيل حركة المرور. وتشير الدلائل الأثرية إلى أن هارون الرشيد أمر بتلبيس الأسوار والأبنية التي بناها جده أبو جعفر المنصور بالآجر المشوي للحفاظ عليها.
ونتيجة لأهمية هذا السور، فقد رُشحت مدينة الرقة لنيل جائزة “ميلينا ميركوري” من قبل اللجنة الوطنية لليونسكو؛ وذلك لأن المدينة واحدة من أكثر المدن في العالم محافظة على طبيعة أسوارها الدائرية، بالإضافة إلى حصولها على جائزة منظمة المدن العربية للحفاظ على الآثار والتراث في عام 1986.
وفي تموز من عام 2017 تعرضت الأسوار لأضرار كبيرة نتيجة الضربات العسكرية المتبادلة بين قسد وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، كما تعرض السور عند باب بغداد لأضرار كبيرة أخرى نتيجة انفجار سيارة مفخخة، مما أدى إلى انهيارات كبيرة فيه، وحيث أنه يعتبر من مواقع التراث المهدد بالخطر، فقد عملت مصلحة الآثار على ترميم الأماكن الآيلة للسقوط في بعض الأجزاء من السور.
1- قام القرامطة بنزع حديد بوابات الرقة وجمع الأوزان الحديدية التي كان يستخدمها تجار ديار مضر وربيعة في القرن الرابع الهجري.