جسر: خاص:
تحل بعد أيام الذكرى السنوية الأولى لوفاة الشاب أحمد زوين، ابن مدينة حمص، الذي توفي في حادث سير قرب دوار بابل بمدينة مرسين التركية، دون ان تحظى عائلته، ولو بكلمة عزاء أو مواساة، من المواطن التركي، الذي تسبب بوفاته.
توفي أحمد زوين في الثالث من شهر حزيران عام ٢٠١٩، ليدفن في اليوم الذي يليه وهو يوم مولد شقيقه الأصغر، في لعبة حاكت الاقدار خيوطها بطريقة محزنة، حول تلك العائلة.
يتذكر والد أحمد تلك الأيام العصيبة، ويسردها بأدق تفاصيلها لـ “جسر”: “كانت أيام قليلة تفصلنا عن عيد الفطر، وابني كباقي الشبان أراد الذهاب لالقاء نظرة على السوق و شراء ثياب العيد مع رفاقه، وعندما ترك رفاقه، اجتاز الشارع من ممر المشاة، لتأتي سيارة مسرعه وتصدمه فيفارق الحياة”.
وينقل الوالد رواية الرجل الذي قام بإسعاف أحمد، أن “ابنه كان على ممر المشاة والسيارة كانت تسير بسرعة كبيرة، فلا يوجد أي لوم على أحمد، في تلك الحادثة”.
لم يع والد أحمد، محمد جمال زوين ما جرى، فابنه البكر توفي، ولم يفرح به بعد، وهو الذي كان غاب عن عائلته منذ عام ٢٠٠٨، مغترباً للعمل، في مملكة البحرين، وانتقل بعدها إلى تركيا، لتلحق به عائلته عام ٢٠١٥، ولم يمض مع أحمد الكثير من الوقت.
يقول “اسودت الدنيا في وجهي، نبض قلبي ضاع، لم أعرف ماذا أفعل، وبعد أن دفنت ابني، عرفتي سيدة سورية تحمل الجنسية التركية، على محام تركي يدعى “ج.ب”، وأخبرتني أنه محام جيد وسوف يساعدني لأحصل حق ابني، كون عائلة الشاب الذي قتل ابني، لم تتصل بي ولم تعزيني، وحتى اللحظة لا أعرفهم، ولم أر وجوههم”.
ويضيف “بدا لي المحامي رجلاً طيباً حتى أنه بكي أمامي، وقال لي “ابنك هو ابني، وسوف احصل لك حقه”، طالبني المحام أن أبدأ بالاجراءات بسرعة، وطلب حينها مبلغ ١٢ ألف ليرة تركية، من أجل أن نقوم بحبس الشاب الذي قتل ابني، تمكنت بمساعدة المحبين من جمع المبلغ، لنبدأ بالإجراءات بعد عطلة العيد، وهنا بدأت قصتي”.
يؤكد أبو أحمد أنه طلب مراراً وتكراراً من المحامي ايصالاً بالمبلغ الذي دفعه، وتلقى وعوداً كثيرة بأنه سيسلمه إياه، إلى أن حصل الأب عليه في النهاية، ليتبين له لاحقاً أنه “مزور”.
يتابع ” وعدني المحامي أن يطلب من عائلة الشاب مليون ومئة ألف ليرة تركية، فقلت له أريد التوجه للإعلام، هل من المعقول أن يتوفى ابني خلال شهر رمضان ولا أتلقى أية تعزية، وسأطالب باعتذار، فأصر أن لا أتوجه للإعلام، راحت الأيام وجاءت الأيام، وقال لي أننا سنحصل على مبلغ التأمين من شركة السيارات، وافقت على اعتبار أن وضعي المالي صعب جداً”.
لكن، ووفقاً لوالد الضحية “في شهر ١١ من العام الفائت جاءني شخص، ودعاني للتنازل عن القضية، مقابل الحصول على مبلغ معين، وقال لي: نحن بغربة والوضع صعب، فتوجهنا للقضاء، وهناك قالوا لي : لا يوجد قضية من الأساس، وهي مغلقة وتم استلام مبلغ التأمين من شركة السيارات”.
وتبين لـ “زوين” لاحقاً أن المحامي قام من خلال الوكالة التي منحه اياها، رغم أنها لا تحتوي على بند يخوله بحق القبض أو التنازل، تمكن من استلام مبلغ التأمين من شركة السيارات، وبمراجعة شركة السيارات لاحظ “الزوين” ارتباكاً ملمحاً إلى تواطئ تم بين أحد أعضائها، وبين المحامي، إذ لا يمكن أن يحصل المحامي على المبلغ المقدر بآلاف الليرات التركية بموجب تلك الوكالة، وأكد أنه بالتحقق تبين له أن الوصل الذي أعطاه إياه المحامي بقمية 10 ألف ليرة تركية هو وصل مزور أيضاً (استلم وصل بـ 10 آلاف ليرة وليس 12 ألف بسبب إعلامه من قبل المحامي أنه هناك 2000 ليرة أجور ومعاملات).
ورغم تأكيدات المحامي له أن قاتل ابنه في السجن، تبين أنه لم يتم توقيفه يوماً واحداً، ويرى الزوين أن حقه هضم كونه لا يجيد لغة البلد التي يقيم فيها، فضلاً عن تأكيده بأنه يتلقى تهديدات بالترحيل، ليقول “لو كنا في بلادنا كنا عرفنا نتصرف”.
كل ما يريده “زوين” الآن هو محاسبة المحامي الذي قبض ثمن “دم ابنه” دون وجه حق، وكأن أحمد قتل مرتين، مرة عندما دهسته السيارة، ومرة أخرى عندما “استولى المحامي على مال ليس من حقه”.
تنويه: حرصت “جسر” على نقل الرواية كما أوردها السيد محمد جمال زوين الذي أبدى استعداده للتقدم بكافة الملفات التي تثبت أقواله إلى القضاء التركي في سبيل “انصافه واسترداد حقه”.