جسر:صحافة:
استعادة الأميركيين المخطوفين أو المأسورين في دول عدة، خصوصًا سوريا وإيران هو أحد الأعمدة الأساسية لحملة الرئيس دونالد ترامب الانتخابية، وكان أحد فصولها الإفراج عن العميل السابق عامر الفاخوري الذي كان معتقلًا في لبنان مقابل الإفراج عن رجل الأعمال المُقرّب من حزب الله قاسم تاج الدّين الذي كان موقوفًا في واشنطن بعملية نفذتها الاستخبارات المركزية الأميركية، وكذلك الإفراج عن معتقلين لدى النظام الإيراني وفي مقدّمتهم اللبناني نزار زكّا وسام غودوين بجهود ساهم بها اللواء عباس إبراهيم ومعتقلين آخرين بوساطة سويسرية.
إلا أنّ أكبر هموم ترامب الانتخابية الآن هو الصحافي أوستن تايس الذي خُطِفَ عام 2012 في سوريا، حيث كشفت معلومات خاصّة بـ”أساس” أنّ الاستخبارات المركزية الأميركية أبلغت النظام السّوري أنها على علم بأنّ تايس محتجز في أحد سجونه، إلا أنّ السوريين أبلغوا سابقًا الأميركيين أنّ تايس لم يُعتقل لدى قوات النظام وليس في سجونه. ويسعى الرئيس الأميركي لتحقيق إنجازٍ أو خرقٍ على هذا الصعيد قبل أيام من انطلاق العملية الانتخابية الرئاسية في الثالث من تشرين الثاني المُقبل. مع الأخذ في الاعتبار أنّ ابراهيم يعمل على هذا الملف منذ سنوات.
وأفادت المعلومات الخاصة بـ “أساس” أنّ موضوع الصحافي تايس كان محور اللقاءات التي جمعت اللواء عبّاس إبراهيم بأكثر من مسؤول أميركي رفيع المستوى في الأمن القومي الأميركي والاستخبارات ومكتب الأمن الفيدرالي FBI خلال زيارته للولايات المتحدة، حيث إنّ الإجابة عن “ما يُمكن أن تقدّمه واشنطن لدمشق” باتت مع مدير عام الأمن العام اللبناني. وأضافت المعلومات إلى أنّ زيارة سفير النظام السّوري قبل أيّام إلى قصر بعبدا واللقاء بالرئيس عون ترتبط بالملف الذي يتابعه اللواء إبراهيم فيما يخصّ قضية الصّحافي تايس.
يتوقّف المراقبون عند المماطلة التي قام بها النظام السّوري بهذا الملف، وإنكاره الدائم لوجود المواطن الأميركي في سجونه، حيث إنّ النظام كان يتنظر الفرصة المناسبة ألا وهي الاستحقاق الانتخابي لتقديم “خدمة العُمر لترامب”، مقابل سلّة مطالب سورية تمّ نقلها لواشنطن تتعلّق بتدخّل البيت الأبيض لدى الدول العربية وخصوصًا المملكة العربية السّعودية لإعادة فتح سفارتها في دمشق وإعادة سوريا إلى جامعة الدّول العربية، كما طلب السّوريون إعادة فتح سفارة الولايات المتحدة التي أُغلِقت بعيد اندلاع الثورة السّورية وأعمال العنف التي شهدتها سوريا جرّاء قمع النظام للتظاهرات التي طالبت بإسقاطه.
بحسب المعلومات، فإنّ السّوريين لم يغفلوا عن قانون “قيصر” إذ طالبوا أيضًا بتخفيف قيود هذا القانون. كما نقل النظام السّوري طلبًا يتعلّق بإغلاق قاعدة التنف الأميركية مقابل الصحافيي تايس، إلا أنّ المعلومات التي حصل عليها “أساس” تشير إلى أنّ هذا الطلب هو روسي- إيراني مُشترك إذ إنّ كلًا من موسكو وطهران تعتبران القاعدة تهديدًا جدّيًا واستراتيجيًا لوجودهما العسكري في سوريا، كما أنّ الوجود الأميركي فيها يُعدّ حاجزًا استراتيجيًا على طريق بيروت – دمشق – بغداد – طهران.
المعلومات التي حصل عليها “أساس” من مصادر خاصّة، اعتبرت أنّ النّظام السّوري وسّع باكورة المطالب ليحصّل الحدّ الأدنى من المكاسب وهي فكّ العزلة العربية والدولية عن النّظام، ولم تستبعد المصادر أن يُقبل هذا المطلب، لكن بقيود. إذ إنّ دول مجلس التعاون الخليجي ومصر ترغب في علاقة معيّنة مع سوريا لكبح الجماح التركي، ولن يكون هناك أيّ رفض عربي لهذا البند، إلا أنّ مطلب إعادة فتح السّفارة الأميركية في سوريا لا يزال مبكرًا الحديث عنه بحال لم يستجدّ شيء بهذا الخصوص، وكذلك إغلاق قاعدة التنف قد يعدّ مكسبًا استراتيجيًا لإيران وحزب الله، بالإضافة إلى الرفض الإسرائيلي لإغلاق هذه القاعدة دون أيّ انسحاب فعلي وكامل للحرس الثوري وحزب الله والميليشيات العراقية من سوريا.
ولفتت المعلومات إلى أنّ مؤشرات عديدة في المنطقة تؤكّد أنّ شيئًا ما يتمّ “طهيه” بعيدًا عن الإعلام، إذ لوحظ مؤخرًا انخفاض وتيرة الغارات الإسرائيلية على مواقع تابعة لإيران وحزب الله في سوريا، وانطلاق مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل بوساطة أميركية، واختفاء التصاريح الإعلامية الحادة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ضدّ الولايات المتحدة، وكذلك اختفاء “عمليات التلحيم” في إيران خلال الآونة الأخيرة. فقد صرّح وزير خارجيتها محمد جواد ظريف أنّ بلاده مستعدة لاستكمال عمليات تبادل المعتقلين مع أميركا، كما قال الرئيس الأميركي إنّ أول اتصال سيتلقّاه في حال فاز بالانتخابات الرئاسية سيكون من نظيره الإيراني.
المصدر: أساس ميديا