جسر – صحافة
نبش قصف الطيران الإسرائيلي ساحة الحاويات، في شركة محطة حاويات اللاذقية الدولية غربيّ سورية، مرتين في 7 و28 ديسمبر/كانون الأول 2021، خبايا وصفها من التقاهم “العربي الجديد” بالخطرة و”التآمر الدولي”.
واعتبر هؤلاء أن أطرافاً دولية “في مقدمتها الشركة الفرنسية سي.إم.إيه ترمينالز” تدير العمليات غير الشرعية”، خاصة مع إيران، أو تتغاضى عنها، وتكسر، أو تساهم بكسر الحصار والعقوبات المفروضة على نظام بشار الأسد، وبمقدمتها “قانون قيصر” الأميركي الذي دخل حيّز التنفيذ في يونيو/حزيران عام 2020، مستدلين باستمرار تصدير المخدرات من المرفأ و”استيراد أو نقل، لأطراف لبنانية”، أسلحة، ومواد أولية تدخل بتصنيعها، إضافة إلى معدات نفطية وسلع ومنتجات غذائية، حتى بعد تطبيق القانون الأميركي.
وما صمت نظام الأسد وإيران والشركة الفرنسية المستثمرة لشركة الحاويات، إلا دليل قاطع، بحسب ما يراه البعض.
شركة حاويات اللاذقية
ينقسم مرفأ اللاذقية، وهو عبارة عن شركة عامة تتبع للحكومة السورية أسست عام 1950 بقرار من خالد العظم، إلى إدارتين: الأولى إدارة عمليات تفريغ شحنات وبضائع عامة، “منها دوكمة” تأتي على متن سفن تجارية، وتتبع هذه الإدارة للشركة العامة للمرفأ، ومقر إدارتها في مرفأ اللاذقية.
أما الإدارة الثانية، فهي شركة الحاويات “مساهمة محدودة المسؤولية”، أو محطة الحاويات، كما هو معروف في سورية، متخصصة بإدارة عمليات شحن وتفريغ سفن الحاويات، وهي مستثمرة من شركة “سي أم إيه تريمنالز” العائدة للفرنسي من أصل لبناني، جاك سعادة، قبل أن تؤول، بعد وفاته عام 2018، إلى ابنه رودولف سعادة، بالتشارك مع شركة “سورية القابضة” ممثلة سابقاً برجل الأعمال السوري، هيثم جود، منذ عام 2009 حتى عام 2019، قبل أن ينتهي العقد ويُجدَّد بحلة جديدة ووجوه جدد.
مَن هي “سي.إم.إيه” المستثمرة؟
لقد أسس الفرنسي من أصل لبناني جاك سعادة مجموعة “سي.إم.إيه” Compagnie Maritime d’Affretemen عام 1978، لتختص، وقتذاك، عبر سفينة واحدة، بخدمة بحرية واحدة بين مرفأي مرسيليا الفرنسي وبيروت اللبناني، قبل أن يتوسع ويستحوذ عام 1996 على شركة “سي.جي.إم” Compagnie Générale Maritime- CGM ثم “إيه.إن.إل” ANL عام 1998، و”دلماس” Delmas عام 2005.
وبحلول عام 2006، أصبحت شركة سعادة من كبريات مجموعات شحن الحاويات حول العالم.
هكذا تمت الصفقة
يكشف مسؤول سوري من مدينة اللاذقية، لـ”العربي الجديد”، أنه في عام 2009، جرى التعاقد مع شركة “سعادة سي.إم.إيه ترمينالز” لاستثمار محطة الحاويات لعشر سنوات، بالتشارك مع شركة “سورية القابضة، مساهمة مغفلة، تأسست عام 2007” بعد مرسوم رئيس النظام السوري، رقم 19 لعام 2015 حول جواز إحداث شركات سورية قابضة مساهمة مغفلة.
واستمر عمل الشركة الفرنسية، خلال الحرب في سورية، حتى مدة انتهاء العقد، وهنا الطامة والخرق، على حسب تعبير المسؤول السوري الذي طلب عدم ذكر اسمه لضرورات أمنية، لكونه يقيم داخل سورية.
ويلفت إلى أن العقد جُدِّد، لكن بشروط وأطراف جديدة، إذ أولاً، فُكَّت الشراكة مع “سورية القابضة”، وأُدخِل موظف سوري “يعمل بطبيعة الحال لدى وكالة سعادة البحرية، واسمه سمير حامض”.
وعُدِّلَت حصة استثمار الشركة الفرنسية، لتصل إلى 99%، كذلك عُدِّل مجلس الإدارة “الذي يتجدد بعد عامين تلقائياً” ليدخل إليه المديرون التنفيذيون اللبنانيون في شركة سعادة “CMA” ببيروت (كارلوس نصري شويري، وغابريال دقاق)، ويُفوَّض إلى سمير حامض بعض المهام التنفيذية.
ويترك المسؤول السوري أسئلة معلقة، من قبيل: كيف تدير الشركة الفرنسية محطة حاويات اللاذقية، وتستقبل حاويات من شركات عالمية “MSC, CMA” وغيرها الكثير، مثل “أركاس” وسفناً إيرانية، بواقع العقوبات، وتستمر بتنظيم رحلات منتظمة بين اللاذقية وإيران؟
كيف يسمح العالم بنقل بضائع غير مرخص استيرادها، من اللاذقية وإليها، بما فيها أسلحة، كما رأينا من خلال الانفجارات، التي استمرت ساعات، خلال قصف الطيران الإسرائيلي الأخير؟
ويقول المصدر إن “قصف إسرائيل الأول لم يطاول سوى بضع حاويات، لكن القصف الثاني دمر بين 600 و700 حاوية في المحطة، بين تالفة بالكامل ومتضررة”.
ويكشف المتحدث غياب التدقيق الجمركي في محطة الحاويات، لأن الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد (شقيق رئيس النظام) هي المسؤول الوحيد عن “أمن المرفأ” عبر قسم خاص يترأسه حتى اليوم ضابط من الفرقة العسكرية، ويمرر مسؤولو نظام الأسد، عبر وجودهم إلى جانب المستثمر الفرنسي، صفقات وحمولات تهريب الحبوب المخدرة “كبتاغون” وإدخال التبغ المصنّع، والسجائر، “من منطقة جبل علي بالإمارات العربية المتحدة” ويتلاعبون بما يريدون، بالمستندات وبوالص الشحن.
ويختم المسؤول الذي التقاه “العربي الجديد” ساعتين عبر خدمة “زوم” أن لقضية تهريب السجائر من الإمارات، الذي ينقل عبر سفن شركات خطوط الحاويات العالمية إلى سورية، قصة طويلة ورحلة فساد أخرى، فالمعمل المقام في جبل علي الذي أوكل إلى مشغّل أموال بشار الأسد رجل الأعمال خالد قدور، بعد إبعاد سابقه أيمن جابر واعتماد موزع داخل سورية هو حامد حسن، قصة كبرى تتصل بالفساد والسيطرة على السوق السورية، وتحت أعين الشركة الفرنسية ومباركة الجمارك السورية.
أين الحصة الروسية؟
في لقاء بمدينة إسطنبول التركية لـ”العربي الجديد” مع المتقاعد السابق بوزارة النقل المختص بالمرافئ السورية معد حسون (اسم مستعار)، أكد أن بعض ما في مرفأ اللاذقية “من حصة إيران”، كما أن مرفأ طرطوس كاملاً حصة روسيا، ولكن يبقى لنظام بشار الأسد، عبر أخيه ماهر وأمن الفرقة الرابعة وبعض الموظفين، سطوة، وإن جزئية على كلا المرفأين.
ويفصّل حسون بقوله: إيران خسرت إدارة مرفأ اللاذقية رسمياً في يونيو/حزيران من عام 2020، بعد وعود الرئيس بشار الأسد بمنح طهران استثمار المرفأ، كما منح الروس استثمار مرفأ طرطوس لـ49 سنة في إبريل/نيسان 2019.
وجُدِّد العقد لـ”شركة سعادة الفرنسية لخمس سنوات”، بعد مماطلة وخلافات بين الأسد والروس والإيرانيين امتدت لعام، منذ عام 2019 تاريخ انتهاء العقد مع سعادة، حتى 2020 موعد تجديد العقد، ولكن رغم أن روسيا نجحت بالضغط على الأسد وثنيه عن وعده بمنح إيران استثمار محطة حاويات اللاذقية، لم تزل إيران تتحكم، عبر الفرقة الرابعة وموظفين يتبعون لها، وبعلم الشركة الفرنسية إن لم أقل تواطؤها، بمحطة الحاويات، وإن بشكل غير مباشر “لم تتوقف الشحنات الإيرانية التي تعاظمت بعد تفجير مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020”.
وحول ما يتعلق بالعقد الروسي وحصة سورية، يكشف المتحدث أن العديد من بنود الاتفاق مبهمة وبعضها غير معلن، ولكن وفق ما رأينا، فإن العقد هو عبارة عن استثمار شراكة في إدارة وتوسيع وتشغيل المرفأ، حسب نظام عقود التشاركية بين القطاع العام والخاص، وقّعته الحكومة السورية مع شركة “ستروي ترانس غاز” CTG الروسية، وصدّق مجلس الشعب على العقد.
ويستعيد المتخصص حسون، زمن الوجود الروسي “منذ الاتحاد السوفييتي” بمرفأ طرطوس، وقت وقّع الأب حافظ الأسد اتفاقاً مع موسكو عام 1971 لفتح قاعدة عسكرية بحرية في طرطوس، وما يقال عن دور موطئ قدم للروس في المياه الدافئة “المتوسط” بدخول روسيا الحرب على ثورة السوريين، حقيقة وحلم روسي قديم، له علاقة بتجاور قواعده مع حلف الناتو بتركيا، وله علاقة بخطوط الغاز وأيضاً لتكون طرطوس، قبل قاعدة حميميم، قاعدة ووسيطاً جغرافياً لروسيا، لنقل الأسلحة إلى دول آسيوية وأفريقية.
ويروي حسون كيف ضُيِّق على الشركة الفيليبينية التي كانت تدير شركة حاويات مرفأ طرطوس، بعد فرض الغرامات ليُلغى العقد ويُمنَح لشركة “إس.تي.جي. إينجيرينغ” الروسية، رغم أن مساحة مرفأ طرطوس الكلية تزيد على ثلاثة ملايين متر مربع، منها مليون ونصف مليون متر مربع مساحة الأحواض المائية، ومليون و800 ألف متر مربع، مساحة الساحات والمستودعات والأرصفة والأبنية الإدارية.
ولفت إلى أن عائدات المرفأ حتى منح العقد الروسي، كان يدرّ على الخزينة العامة في سورية أكثر من 14 مليار ليرة سورية. وحول ما يتعلق بالعقد الروسي وحصة سورية، يكشف المتحدث أن العديد من بنود الاتفاق مبهمة، وبعضها غير معلن، ولكن وفق ما رأينا، فإن العقد عبارة عن استثمار شراكة في إدارة وتوسيع وتشغيل المرفأ، حسب نظام عقود التشاركية بين القطاع العام والخاص، وقّعته الحكومة السورية مع شركة “ستروي ترانس غاز” (CTG) الروسية، وصدّق مجلس الشعب على العقد.
ويتضمن المشروع الممتد لنحو نصف قرن “قابل للتمديد” إجراء توسيع بالاتجاه الشمالي للمرفأ، وتحديث البنية التحتية للمرفأ، إنشاء مرفأ جديد لتزيد الطاقة من 4 إلى 38 مليون طن سنوياً، وبكلفة تقديرية بنحو 500 مليون دولار.
ويعتبر معد حسون تسريح العمال السوريين الخسارة الأهم، بعد ضياع المرفأ ربما للأبد وتحوله كما قاعدة حميميم، إلى مواقع روسية دائمة، كما من الخسائر، الآليات “برية وبحرية” التي كانت مملوكة لشركة المرفأ، منها “روافع، سيارات وزوارق” استورِدَت عام 2002 بخمسين مليون دولار من أوروبا، لكنها للأسف، ضُمَّت إلى روسيا من دون لحظها بالعقد مع الشركة. وحول ما يقال عن دور الفرقة الرابعة وسطوتها على مرفأ طرطوس، يشير المتقاعد المتخصص إلى أنها موجودة، كما هي عليه في مرفأ اللاذقية “الفرقة الرابعة تسيطر على جل الجمارك هناك، يقومون بدور أقرب للكشاف”.
مرفأ النفط المهرّب
وعن البواخر التي تحمل النفط إلى نظام الأسد وتخترق العقوبات الأميركية، قال حسون إن “تلك من تخصص مرفأ بانياس، وذلك المكان يتبع لمشغلي أموال بشار الأسد، وبمقدمتهم “آل قاطرجي” الذين يملكون بعض النواقل، ويتعهدون بنقل جزء من النفط الإيراني، وأحياناً غير إيراني، إلى مصفاة بانياس، ليُستهلَك جزء منه داخل سورية”.
وعن وجهة الجزء الباقي من النفط، أجاب حسون: هنا باب آخر للتجاوز والالتفاف، إذ يُصدَّر جزء من النفط المكرر، رغم الحاجة الماسة إليه في سورية، عبر البحر المتوسط وشركات عالمية، ويذهب القسم الباقي إلى لبنان “حزب الله”.
حصة المخدرات في المرافئ
انطلقنا من البحث عن دور المرافئ السورية بتهريب المخدرات بحراً من تصريح رجل الأعمال السوري فراس طلاس، الذي قال إن في سورية أكثر من سبعين معملاً للمخدرات، بعضها مكابس صغيرة في أماكن سكنية، وتتبع هذه المعامل، بحسب طلاس، لـ 4 جهات (القصر الجمهوري – الفرقة الرابعة – حزب الله – الحرس الثوري الإيراني)، وكل جهة ترتبط بها عدة معامل تصنيع، وتكون هذه المعامل كرخصة استرزاق للأتباع المخلصين.
وحول إعادة التوضيب والتهريب، يعتقد طلاس أن كل جهة من الجهات الأربع لديها مستودع ضخم يقوم عليه أشخاص موثوق بهم جداً، وهناك تُوضَّب وتُجهَّز المخدرات المعدة للتصدير.
وكشف لـ”العربي الجديد” أن طوراً من تهريب المخدرات دخل “على الخط” خلال الأيام الأخيرة من عام 2021، “فبدأ حزب الله يهرب الهيرويين، وثمة خلاف الآن مع الفرقة الرابعة على النسب”، مبيناً أن حمولة هيرويين لحزب الله ضُبطَت بريف دمشق أواخر أيام العام المنصرم.
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، خلال تحقيق طويل نشرته أخيراً، عن تهريب المخدرات من سورية، إلى أن السلطات في كل من اليونان وإيطاليا والسعودية وأماكن أخرى، صادرت مئات الملايين من الحبوب المخدرة، مصدر معظمها من ميناء تسيطر عليه الحكومة في سورية، وبعضها في عمليات شحن قد تتجاوز قيمتها السوقية مليار دولار.
واكتشف مسؤولون في إيطاليا 84 مليون حبة كبتاغون مخبأة في لفات ضخمة من الورق والتروس المعدنية عام 2020، بينما عثرت السلطات الماليزية في مارس/آذار الماضي على أكثر من 94 مليون حبة داخل عجلات عربة مطاطية.
ويشير التحقيق الذي أعده بن هوبارد وهويدا سعد من العاصمة اللبنانية بيروت، إلى أن تجارة المخدرات تدرّ على حكومة الأسد عائدات أكثر من الصادرات القانونية، مبيناً أن القائمين على التصنيع والتجارة رجال أعمال تربطهم صلات وثيقة بالحكومة، وجماعة حزب الله اللبنانية المسلحة، وأعضاء آخرون من عائلة الرئيس الذين يضمن لهم لقبهم (الأسد) الحماية من الأنشطة غير القانونية.
وهو ما يؤكده لـ”العربي الجديد” العامل السابق في مرفأ اللاذقية نبيل سعد، الذي غادر سورية في سبتمبر/أيلول عام 2021، بقوله إن “شركة الحاويات بمرفأ اللاذقية مسيطر عليها، بشكل شبه كامل من الفرقة الرابعة، ومنها تُهرَّب المخدرات (حبوب الكبتاغون والكريستال) عبر توضيب وإخفاء ضمن منتجات غذائية أو مواد بناء (متة، مخلل، صابون وحتى حليب أطفال).
وأشار إلى أن تهريب المخدرات من سورية لا يقوم عليه “صغار”، كما يقول البعض، بل هناك ضبط شديد وشركات كبيرة متعاونة.
وحول من أي المرافئ تُهرَّب المخدرات، يضيف سعد لـ”العربي الجديد”: تقريباً بنسبة 95% من مرفأ اللاذقية، وربما 5% من طرطوس، لأن مرفأ طرطوس بعد الاستثمار الروسي، ورغم وجود الفرقة الرابعة، شبه مشلول ولا تؤمه أكثر من 10 آلاف حاوية سنوياً، فيما لم يزل مرفأ اللاذقية، رغم العقوبات والحصار، مقصداً لجميع دول العالم، وتؤمه أكثر من 250 ألف حاوية سنوياً.
“دمار شامل“
بهذه العبارة بدأ المخلص الجمركي صفوان ديب (اسم مستعار) حديثه لـ”العربي الجديد”، فالقصف الإسرائيلي الأخير على مرفأ اللاذقية “قضى على مئات الحاويات” بعد وصول الباخرة من إيران بساعات، “في حين أن القصف الأول لم يدمر سوى بعض الحاويات، ولم يسمحوا لنا بالدخول إلى المرفأ لتفقد البضائع”.
ويؤكد المخلص الجمركي السوري “تعليق العمل بمرفأ اللاذقية حتى إشعار آخر” جراء القصف الإسرائيلي الذي أحدث “خراباً عاماً”، كاشفاً عن موت ستة جنود سوريين كانوا يحرسون الشحنة الإيرانية بساحة الحاويات.
وعن كيفية علم إسرائيل بوصول الحاويات الإيرانية وأماكن تخزينها بدقة، يضيف ديب: “الأرجح أن لهم عيوناً بالمرفأ أو روسيا تبلغهم بالتفاصيل”، لأن مرفأ اللاذقية غير مؤتمت (ممكنن)، ولا توجد لدينا شاشات لمعرفة وصول البواخر أو حمولتها، “لذا قلت لك عين أو روسيا”.
ورجّح أن مئات الحاويات التي دمرتها إسرائيل تحمل، أو معظمها يحمل، أسلحة ومواد متفجرة، لأن “الانفجارات استمرت أكثر من ساعتين، وأكثر من 11 ساعة حتى أُطفئت الحرائق”، وتساءلنا نحن العاملين في المرفأ وسكان المنطقة: لماذا لا تتدخل روسيا لصد الهجوم أو تساعد على الأقل بإطفاء الحرائق والانفجارات، خاصة أن مرفأ اللاذقية لا يبعد عن قواعد ومراكز انتشار الروس (قاعدة حميميم) أكثر من 20 كيلومتراً؟
ويكشف المخلص الجمركي أن من بين أضرار القصف، محولتي كهرباء رئيسيتين لتغذية روافع الشحن والتفريغ، “واحدة مملوكة للشركة الفرنسية والثانية للحكومة السورية”، ما يعني شل حركة محطة الحاويات.
وعندما سألنا المخلص الجمركي السوري، أن الرواية الرسمية عبر قائد فوج إطفاء اللاذقية، مهند جعفر، أكدت أن الحاويات المقصوفة كانت تحوي زيوتاً وقطع غيار سيارات، أجاب: “وماذا تريدهم أن يقولوا؟”.
وأضاف: “هل قطع غيار السيارات تنفجر، أم حليب الأطفال يشتعل لساعات؟”، على حدّ تعبيره.
ويخلص ديب إلى القول إن القصف لو كان خلال الدوام، لرأينا عشرات القتلى والجرحى العاملين في ساحة الحاويات. رواية الدمار الكبير لم ينكرها مسؤولو نظام بشار الأسد وممثلو الاقتصاد، إذ قال المدير العام للمرفأ، أمجد سليمان خلال تصريحات نقلتها وكالة “سانا” الرسمية: “إن الأضرار الناجمة عن الاعتداء كبيرة، وامتدّت على مساحة أكبر من تلك التي طاولها الاعتداء السابق في السابع من الشهر الحالي، في إشارة إلى ديسمبر 2021.
المصدر: العربي الجديد