جسر: متابعات:
زار وفد من شيوخ عشائر الجزيرة السورية طهران، الأسبوع الماضي، والتقى مستشار المرشد الإيراني في الشؤون الدولية علي أكبر ولايتي.
ووفق مصادر “المدن”، فقد تركز اللقاء حول “مقاومة الوجود الاميركي في شمال وشرق سوريا، ومناهضة التحركات العربية الخليجية هناك”.
ووفق تسريبات حصل عليها مراسل “المدن” عبدالكريم الرجا، فإن الأداة الايرانية المقترحة بهذا الصدد هي “تشكيل خلايا للمقاومة من أبناء العشائر، لتوجيه الضربات المتتالية للقوات الاميركية على وجه التحديد، وارغامها على الانسحاب من سوريا”.
ويُعد نواف البشير، شيخ قبيلة البقارة العائد إلى حضن نظام الأسد بعد مرحلة من العمل المعارض، أبرز الشيوخ الذين زاروا طهران. ويبدو مع انتشار قبيلته في مناطق سيطرة الاميركيين في الجزيرة السورية، ومع تزعمه لمليشيا مسلحة تعمل في ديرالزور وريفها، أبرز المرشحين للقيام بالدور المطلوب إيرانياً.
وفي مقابل ذلك، ولتقوية مليشياته ودعم قدراته، بدأت إيران بمنحه “مقاولات” في المناطق التي تسيطر عليها في محافظة ديرالزور، أولها عقد لإزالة الأنقاض من بعض أحياء مدينة ديرالزور. واستخدم البشير أولاً مقاتلي مليشياته لتنفيذ الأعمال بمعدات تم الاستيلاء عليها خلال الفترة السابقة. وتصاعدت “التعهدات” المسندة إلى البشير لتشمل انشاء بعض الأبنية والمقرات للميلشيات الإيرانية.
والمرحلة الجديدة التي تطمح فيها طهران إلى تصعيد أنشطتها الأمنية المضادة للوجود الاميركي، اقترنت مع منح البشير تعهد مقاولة كبير، بقيمة 3 مليارات ليرة سورية (بحدود 3 ملايين دولار)، لبناء مجموعة من الوحدات السكنية غربي البوكمال، لتكون بمثابة حي جديد، للايجار والبيع، مع الاحتفاظ بنقاط معينة لاسكان عناصر وعائلات أعضاء المليشيات التي يتم جلبها بكثافة إلى البوكمال، والتي تشكل نقطة الوصل بين العراق وسوريا.
“ضاحية البوكمال الغربية” ليست الضاحية الايرانية الوحيدة المزمع انشاؤها. ووفق المصادر التي تحدثت لـ”المدن”، ثمة مخطط لانشاء ضاحية أخرى قرب مدينة الميادين، وضاحية ثالثة قرب مدينة ديرالزور، وسيتم منح كل استثمار من هذا النوع لشيخ واحدة من العشائر التي تستطيع تقديم خدمات مهمة للجانب الإيراني. وهؤلاء الشيوخ يقومون بتوزيع تلك الاستثمارات لاحقاً على اتباعهم ومؤيديهم بحيث ترتبط شبكات عشائرية كاملة بالمال والدعم الايراني. وعلى سبيل المثال، مَنَحَ نواف البشير استثمار ضاحية البوكمال لمقاولين فرعيين من قبيلته؛ فارس وعماد الدغيم، مشترطاً عليهم توظيف أكبر قدر ممكن من أبناء القبيلة في عمليات الانشاء والتجهيز.
وينتظر شيوخ قبائل في الحسكة والرقة وديرالزور، منحاً مشابهة، يختلط فيها الجانب الأمني بالاجتماعي والاقتصادي، وصولاً إلى الجانب العقائدي، الذي سينمو تلقائياً مع تشابك وتفاعل المصالح.
من ناحية أخرى، علمت المدن إن عمليات تشكيل وتنظيم ما يعرف بـ”المقاومة في منطقة الجزيرة” تجري بوتائر متسارعة، وبدأ يظهر المزيد من اخبارها في وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة لجهة تبني بعض الاغتيالات والتفخيخ في منطقة سيطرة القوات الاميركية.
لكن الملاحظ ايضاً تزامن تلك الإعلانات مع تصاعد عمليات تنظيم “داعش” في المنطقة، ما يوحي بأن فسح المجال للتنظيم للقيام بتلك العمليات من طرف النظام، هو أحد اشكال “المقاومة” التي يتم الحديث عنها، خاصة مع ترك النظام لجيوب كبيرة للتنظيم في بادية الشام، غربي الفرات، التي يسيطر عليها، والتي تحولت في الآونة الأخيرة إلى مركز لتجمع وتدريب وإعادة اطلاق عمليات التنظيم.
المدن ٣٠ كانونالأول/ ديسمبر ٢٠١٩