الحال لم يختلف، عندما سيطرت قوى متناوبة على النفط، منذ اندلاع الثورة السورية 2011، وآخرها “قوات سوريا الديموقراطية”. الجنرال مظلوم عبدي، قائد “قسد”، أجاب حين سُئِلَ عن كميات النفط المستخرجة بأنه “غير مختص بالأمر”، وكأن معرفة عدد براميل النفط تحتاج إلى متخصص. لكن عبدي أضاف إنه متأكد أن النفط يوزع على السوريين بـ”عدالة”، رغم أنه لا يعرف الكمية المنتجة أصلاً!
النفط شرقي الفرات
إنتاج الغاز في السويدية بلغ نصف مليون متر مكعب يومياً، يباع منه نحو 20 ألف أسطوانة غاز منزلي، سعر الواحدة منها نحو 8 دولارات، أي نحو 160 ألف دولار يومياً.
أي أن ما تم احصاؤه من انتاج النفط والغاز شرقي الفرات، يبلغ سعره يومياً 2.335 مليون دولار، أي نحو 70 مليون دولار شهرياً، ونحو 840 مليون دولار سنوياً. وإذا ما ادخلنا في الحساب ما لم نستطع احصاؤه، بأقل تقدير ممكن، فإننا نستطيع القول إن عائدات نفط الجزيرة السورية تتجاوز مليار دولار سنوياً.
من يجني فوائد هذه الثروة؟
وتقوم الإدارة الذاتية بتكرير جزء من النفط عبر اكثر من 200 مصفاة نفط صغيرة، تعمل على الكهرباء، تتموضع غالبيتها في الحسكة.
أما الطرف الثاني الأكثر استفادة فهو النظام السوري، الذي يشتري عبر وسطاء بينهم شركة القاطرجي، ما لا يقل عن 300 صهريج محملة بالنفط يومياً وهي تتجه إلى مناطق سيطرة النظام من خلال معبر الطبقة.
ويشكل وصول هذا النفط للنظام السوري بحد ذاته مكسباً له في ظل العقوبات المفروضة عليه، ناهيك عن سعره المنخفض، وتشغيله لمصافي النفط وتوابعها في مناطق سيطرته، التي يعمل فيها الآلاف من العمال.
أما المستفيد الثالث فهو قطاع الفساد في الإدارة الذاتية وفي “قسد”، سواء عبر السرقة المباشرة لكميات هائلة من النفط، خاصة من الآبار البعيدة والمعزولة في الصحراء، التي لا يستطيع أحد الاقتراب منها بسبب الظروف الأمنية، أو ببيعه للتجار المتفق معهم على تقاسم كميات من النفط الذي لا يتم تمريره على أي قيود، او حتى من خلال الفاقد في كميات النفط التي يتم اسقاطها من الكمية النهائية، بذريعة وجود كميات كبيرة من الماء مختلطة بالنفط، وهو هامش يترواح بين 5% إلى 30% من الكمية الاجمالية في بعض الأحيان. ويقدر تجار النفط أن ما يحصل عليه قطاع الفساد يزيد عن 15% من اجمالي الكمية المنتجة.
وتتشابك عائدات قطاع الفساد مع عائدات جهتين أخريين، الأولى هي حزب “العمال الكردستاني” في جبال قنديل، الذي عين مسؤولاً من قبله على كل بئر نفط في الجزيرة فلا يمكن ضخ برميل نفط واحد من دون موافقة “الكادر” المعين من قنديل، وهؤلاء باتوا معروفين بالاسم لمعظم أهالي الجزيرة السورية، وغالبيتهم من الأكراد الايرانيين. ويعتقد المطلعون على عمليات الاستخراج والبيع، إن ما لا يقل عن 10% من عائدات النفط تذهب لحزب “العمال”.
أما الطرف الآخر المستفيد من الفساد الممنهج، فهو “داعش”، الذي يفرض ضريبة على شكل “زكاة” على تجار النفط في المنطقة، بما نسبته 1% من تجارتهم، تحت التهديد بالقتل. أحد تجار النفط، قال لـ”المدن”: “كل من يشتري النفط ويدعي أنه لا يدفع لداعش فهو كاذب، او إنه ميت ببساطة”. وقد أحصى أهالي المنطقة نحو 10 تجار نفط ممن تم اغتيالهم لامتناعهم عن دفع تلك الضريبة التي يتم اعلامهم بها بشكل سري، فإن لم يتم الدفع يتم وضع خرقة بيضاء على منزله أو باب بيته في إشارة إلى الكفن، ويلي ذلك القتل في حال لم يسارع “المكلف بالضريبة” إلى دفعها.
نسبة 1%، رغم ضآلتها الشديدة، إلا أنها كافية لإدارة عمليات التنظيم الأمنية محدودة التكاليف، وادامة وجوده التنظيم، وإنعاش نشاطاته، وهو ما تمت ملاحظته في الآونة الأخيرة بوضوح.
تنظيمات تدميرية