جسر – دير الزور (خاص)
نشطت عمليات “تهريب البشر” مؤخراً بشكل ملحوظ في مناطق محافظة دير الزور، حيث أن المئات من أبناء المحافظة والقادمين من المحافظات الأًخرى، يسعون للوصول باتجاه مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) ومناطق سيطرة فصائل “الجيش الوطني” شمالي سوريا، بهدف الوصول إلى الحدود التركية واجتيازها.
وأصبحت عمليات التهريب ظاهرة في المحافظة التي يقتسم السيطرة عليها نظام الأسد والميليشيات الإيرانية من جهة، و”قوات سوريا الديمقراطية” من جهة أُخرى، حيث يتوافد العشرات من السوريين معظمهم من الشبان إلى المنطقة يومياً، بهدف بدء الخطوة الأولى برحلة الهجرة.
وعمل مراسل “جسر” خلال الأسبوع الماضي على تقصّي هذه الظاهرة، وزار مناطق عدة، والتقى بعدد من الشبان القادمين من محافظات أُخرى، إضافة إلى أشخاص من أهالي المنقطة، بهدف الحصول على معلومات عن عمليات التهريب النشطة في المنطقة.
وأكد مراسل “جسر” أن عمليات التهريب تجري منذ شهور عدة في دير الزور، وعبَر العشرات من الأشخاص في المنطقة منذ بداية العام، إلا أنها أصبحت ظاهرة ملفتة وتصاعدت وتيرتها بشكل ملحوظ، خلال أشهر الصيف الجاري، وذلك بسبب اعتدال حرارة الجو ليلاً الذي يجعل عمليات العبور أقل قسوة.
ولفت مراسلنا إلى وجود مهربين نشطين في مناطق سيطرة النظام، ومناطق سيطرة “قسد” بدير الزور، ومناطق سيطرة “الجيش الوطني”، يتشاركون في عمليات تهريب البشر، إلى تركيا.
من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق سيطرة “قسد”
يصل الأشخاص ومعظمهم من الشبان إلى مناطق سيطرة النظام بمحافظة دير الزور، وهناك يلتقون بمهربين من قوات النظام أو المتعاونين معها.
ويدفع الراغبون بالعبور إلى مناطق “قسد” لقوات النظام مبلغاً يتراوح بين 150 و300 ألف ليرة سورية، ويتم تسليمهم بطاقات أو أوراق مزورة تثبت أنهم من عناصر أجهزة النظام لاجتياز الحواجز والتنقل بحرية في المنطقة، وإيصالهم إلى المعابر المائية.
عقب ذلك، يتم تسليم الأشخاص إلى مهربي المعابر المائية، الذين ينقلون ليلاً الركاب بالقوارب إلى الضفة الثانية من نهر الفرات، الواقعة تحت سيطرة “قسد”، بريف دير الزور، ويدفع كل شخص 50 ألف ليرة سورية، أجرة عبور النهر.
عند الضفة الثانية من النهر، يقف عدد من المهربين ومعهم سياراتهم، بانتظار الركاب، ومن ثم يأخذونهم إلى منازل يتم تجميعهم فيها، تحضيراً لتهريبهم إلى مناطق سيطرة “الجيش الوطني” شمالي سوريا.
من مناطق سيطرة “قسد” إلى مناطق سيطرة “الوطني”
بعد المبيت ليلة أو اثنتين في منازل المهربين، تأتي سيارة كبيرة من نوع “انتر كولر”، تتسع لـ 50 راكباً، وتحمل معها الركاب باتجاه مناطق سيطرة الجيش الوطني، سالكة الطرق البرية خلال الليل، بعيداً عن عيون حواجز “قسد” المنتشرة على الطرق المعبّدة، لغاية الوصول إلى مشارف مدينة رأس العين بريف الحسكة الشمالي، أو مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي.
ويدفع الأشخاص للمهرب لقاء عملية العبور باتجاه مناطق سيطرة “الجيش الوطني” 100 دولار أمريكي.
من مناطق سيطرة “الوطني” إلى الأراضي التركية
وفي رأس العين وتل أبيض، يصبح الركاب على مسافة قصيرة من الحدود التركية، ويدفعون للمهربين في هذه المنطقة مبلغاً يتراوح بين 800 و1200 دولار أمريكي، لقاء العبور إلى داخل الأراضي التركية.
وكثيراً ما تتعثر عمليات تهريب الأشخاص إلى داخل الأراضي التركية، الأمر الذي يجبرهم على المبيت في بيوت يملكها المهربون، لعدة أيام.
النظام يستثمر في المأساة
تعاني معظم فئات الشعب السوري في جميع المحافظات السورية، من الفقر والبطالة وسوء الأوضاع المعيشية، وانتشار جرائم السرقة والمخدرات، إضافة إلى تردي الأوضاع الأمنية، واستمرار حملات التجنيد الإجباري في مختلف المناطق، الأمر الذي تسبب بحالة إحباط واسعة يعززها انعدام وجود حل قريب لحل الأزمة التي تشهدها سوريا منذ 10 سنوات.
وقال مراسل “جسر” بريف دير الزور إن ظاهرة تهريب البشر لفتت نظر النظام، وأصدر قراراً منذ يومين بعدم دخول السوريين إلى دير الزور، ما لم يكونوا من أبناء المحافظة، الأمر الذي فتح “باب رزق” جديد لضباطه وعناصره الذين بدأوا بتلقي الأموال مقابل السماح لأبناء المحافظات الأخرى بالدخول إلى المحافظة.
“قسد” تدعو الشبان للصبر وعدم “الهجرة”
من جانبه، نشر “مجلس دير الزور المدني” التابع لـ”قوات سوريا الديمقراطية” بياناً، أمس الاثنين، طالب فيه الشبان بتحمل المسؤولية وعدم مغادرة سوريا والهجرة إلى خارجها.
ودعا المجلس في بيانه الشباب إلى عدم الانجرار وراء المخطط “الذي يرمي إلى تيئيس شبابنا”، وتحمل المسؤولية الكاملة تجاه الوطن، وعدم التنكر للتاريخ، محذراً من آثار الهجرة الجانبية على “المجتمع الزراعي”.
وقال إن هذه الأزمات التي تمر بها المنطقة هي “أزمات عابرة”، مطالباً الشباب بـ”الثبات والصبر على الشدائد”، مضيفاً أن “الوطن ليس فندقاً نأوي إليه في زمن البحبوحة والرخاء، ونغادره عندما تلوح الأزمات”.
ولقي بيان المجلس التابع لـ”قسد” سخرية من جانب السوريين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين طالبوا “قسد” بالتوقف عن حملات التجنيد الإجباري وتوزيع الموارد على أهالي المنطقة وتحسين الخدمات، بدلاً مما وصفه بعضهم بـ”إلقاء الخطب الوطنية”.
من هو المفاوض الذي قابل الوفد الروسي في درعا مرتدياً “الشاروخ”؟