قضية اللبناني علي كوراني، الذي اعتُقل عام 2018، في حي برونكس في مدينة نيويورك، بعدما اتهمته وزارة العدل الأميركية بالعمل لصالح حزب الله، منذ العام 2009 إلى العام 2015، وبالتحرك لتنفيذ اغتيالات، وجمع معلومات في نيويورك.. عادت تلك القضية إلى الواجهة، مع بدء محاكمته في الولايات المتحدة، وتسريب المزيد من الاعترافات والمعلومات.
في عمر 16 عاماً!
بدأ تورط كوراني مع حزب الله، وفق التحقيقات الأولية، التي نُشرت في عام 2017، عندما كان عمره 16 عاماً. وقد تلقى أسلحة وتدريباً عسكرياً من الحزب، بينما كان لا يزال مراهقاً يعيش في لبنان. وبعد تدريبه، هاجر إلى الولايات المتحدة في العام 2003، وأصبح مواطناً في العام 2009.
في منتصف مسيرته التعليمية، في العام 2008، جُنّد كوراني في الذراع الخارجية للحزب. وشارك في أنشطته التدريبية العسكرية في العام 2011، وجمع فيما بعد معلومات عن مواقع كاميرات المراقبة، وموظفي الأمن، وموظفي إنفاذ القانون في مطار جون كينيدي الدولي. وقد تم تجميد تجنيده كعميل سري في العام 2015، وقبض عليه مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد عام واحد من تجميد نشاطه. وخضع فيما بعد لإطلاق سراح مشروط مقابل تقديم اعترافاته.
الانتقام لمغنية
بدأت المحاكمة الرسمية لكوراني يوم الإثنين 6 أيار 2019، وحسب المعطيات الجديدة التي نشرها موقع “ديلي بيست” الأميركي، أخبر كوراني مكتب التحقيقات الفيدرالي أن حزب الله سعى للانتقام لاغتيال مغنية، عن طريق نسخ تكتيك إسرائيلي كان يستخدمه الروس منذ فترة طويلة، وهو تجنيد” الخلايا النائمة”، مع تكليفهم بالحفاظ على حياة طبيعية ظاهرية في جميع أنحاء العالم، وتحريكهم عند الضرورة.
وتشير المعلومات الجديدة إلى أن كوراني تم تجنيده في لبنان عندما كان يقوم بزيارة عائلية، من قبل شخص يُدعى فادي، الذي كان يرتدي قناعاً أثناء الاجتماع، وقد طلب منه الأخير الحصول على جنسية الولايات المتحدة وجواز سفرها في أقرب وقت ممكن.
بداية النشاط
أكمل كوراني الجزء الأول من هذه المهمة في نيسان 2009. وتقدم بطلب للحصول على جواز سفر في الأسبوع التالي، وعلى تأشيرة دخول إلى الصين بعد أسبوع. وتزعم الاتهامات الأميركية إنه سافر جواً إلى غوانغشو، موقع شركة تصنع عبوات ثلج الإسعافات الأولية المزعومة، التي تحتوي على نترات الأمونيوم، وهو مركب كيميائي يُستخدم في صناعة المتفجرات.
طُلب من كوراني الكشف عن الأمن حول القنصلية الإسرائيلية في نيويورك، وتحديد رجال الأعمال اليهود في المدينة، الذين كانوا أعضاء سابقين أو حاليين في الجيش الإسرائيلي “إما لأغراض الاغتيال أو التجنيد”، ويُقال أيضاً إن قائمة أهداف المراقبة شملت المبنى الفيدرالي في مانهاتن، حيث يوجد مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) ومكتب الخدمة السرية في بروكلين. ويُزعم أن كوراني قام بتصوير مقاطع فيديو عن مستودع أسلحة تابع للجيش الأميركي في مانهاتن ومطار جون كينيدي.
الشكوك الأميركية
مع تزايد الشكوك حول نشاطاته، قامت شعبة الاستخبارات في شرطة نيويورك بمقابلة كوراني في عدة مناسبات. وقد كانت أكثر صرامة في تطبيق القانون في أيلول 2015، عند وصول كوراني من رحلة إلى لبنان إلى مطار جون كينيدي.
وبعد تفتيشه وجد موظفو وكالة إنفاذ القانون أن هاتف كوراني الخلوي لا يحتوي على بطاقة ذاكرة، لكنهم عثروا على بطاقة ذاكرة مخبأة تحت ملصق سفر مثبت على جواز سفر كوراني الأميركي، والتي تحتوي، وفقاً لتقارير الشكوى المقدمة ضده، على أدلة تدينه.
ضغط مكتب التحقيقات
يشير الموقع الأميركي، أن كوراني أخبر بعد سلسلة من الاجتماعات في مكتب محاميه، عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي عن حياته كعميل نائم، لكن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي ظلوا مقتنعين بأنه لم يخبر كل ما يعرفه. وسعوا إلى الضغط عليه أكثر. وفي 1 حزيران 2018، قام العملاء بإلقاء القبض عليه بهدوء في حي برونكس، حيث كان يعيش مع أقارب له بعد انفصاله عن زوجته. ووُجهت له لائحة بثمانية اتهامات بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب، وقد احتُجز في فندق ماريوت المجاور لمنزله، حيث ظن العملاء أن إبقائه هناك رهن الاحتجاز من شأنه أن يساعد في الحفاظ على إمكانية التعاون.
في اليوم التالي، خلص العملاء والمدعين العامين إلى أن كوراني كان لا يزال يحتفظ بمعلومات لا يريد التصريح عنها. وبعدها تم احتجازه رسمياً، وتم إصدار مذكرة بحث للكشف عن رسائل بريده الإلكتروني وتفتيش شقته في برونكس. وقد عثر العملاء هناك على ورقة ملاحظات مبطنة، يبدو أن كوراني كتب عليها ملاحظات مكتوبة بخط اليد باللغة الإنكليزية بخصوص ما يريده من مكتب التحقيقات الفيدرالي مقابل الاعترافات، بما في ذلك المال وشقة في مبنى في مانهاتن.
وبالرغم من إنكار محامي كوراني الجديد، أليكسي شاخت، لكل اعترافات كوراني السابقة، إلا أن القاضي أقر بأن تصريحات كوراني أمام مكتب التحقيقات الفيدرالي مقبولة، ومن المتوقع أن تُستخدم ضده في المحاكمة التي تبدأ الاثنين، وأن يواجه حكماً قاسياً، إذ يمكن أن تصل محكوميته إلى السجن مدى الحياة في حال إدانته.
المصدر: المدن