جسر – (خاص)
بعيدة عن وطنها المنكوب، أرسلت الطفلة السورية “ميرال الحسون” هدية لجميع أقرانها السوريين، ممن أجربتهم الحرب على وضع طفولتهم جانباً، ومكابدة مرارة النزوح والتهجير والظروف المعيشية القاسية.
“يا شمس لو تطلع على حدود هالخيمات، خيوطك بتخجل من طفلة البسمات.. غطيهن بقلبك وارويهن بالدفا، طفل الخيم بردان عم ينده يا وفا”. بهذه الكلمات تفتتح ميرال أغنيتها بصوتها الطفولي الخارق للمشاعر، والناكئ للجروح، والمبشّر بجماله بغد سوري أفضل، مناجية الشمس أن تنشر بضعة خيوط من النور الدافئ على أطفال المخيمات في سوريا.
والد ميرال، السيد “نور الدين الحسون” الذي ينحدر مع عائلته من قرية المغارة بريف جبل الزاوية في محافظة إدلب، هو إعلامي خرج من سوريا عام ٢٠١٦ بعد عدة محاولات اغتيال واعتقال من قٍبل الفصائل الراديكالية المسيطرة على المنطقة، والتي يعتبرها الحسون الوجه الآخر لنظام الأسد المتوحش.
يقول السيد “نور الدين” في حديثه لـ”جسر”: “مررنا بمراحل عصيبة في المخيمات إلى أن سنحت لنا الفرصة للهجرة إلى المانيا.. مررنا بظروف كالتي يعيشها كل السوريين المعذبين ولا أحد يلتفت لمأساتهم. لم ننفصل عن الحدث والواقع نفسياً ومعنوياً وعلى كافة الأصعدة، وأطفالي عاشوا هذه الظروف الصعبة فطبعت بذاكرتهم كباقي الأطفال وصارت هموم الطفل السوري أكبر من سنه”.
وأضاف: “ميرال ذات حساسية عالية تجاه الأحداث ولا تخرج مُظاهرة إلا وتقدم على رفع صوتها البريء مع أخوتها، وعندما وجدت هذه الموهبة الصوتية فيها بدأت بتنميتها، وصورت عدة أغان تتحدث عن الطفولة، كان آخرها أغنية ياشمس، وقد كتبها لها عمها الأديب أحمد أنيس الحسون”
وأردف: “أردنا أن نسجل لها الأغنية لتشجيعها ضمن السياق الذي تعيشه ويؤرقها كطفلة ويؤرق كل السوريين في شتات الداخل والخارج، وبهمة كادر من الشباب السوريين الغيورين والوطنيين وعبر جهد ليس بالسهل استطعنا بمساعدة العديد من الشبان الثوريين في برلين، ومساعدة الملحن والمنتج والمخرج والزملاء الإعلاميين في الداخل الذين زودونا بصور و مقاطع فديو من المخيمات، أن نُخرج الأغنية على هذا النحو، لكي ترفع ميرال صوتها وصوت قلوب كل الأطفال المعذبين في وجه صقيع العالم وانكساراته الأخلاقية والإنسانية، لإيجاد حل لهذه المأساة التي يدفع فاتورتها الأطفال والنساء على وجه الخصوص”.
“بعيونّا غنوات سنابل ومنجل، سرقوا طفولتنا وعملولها حكايات.. خلي البشر تسمع ودويلهم صرخات يا كرز يا زيتون دفينا بأغصانك ردّد معانا وقول يا شمس لو تطلع.. بدبابة او مدفع زرعوها بالساحات، والعالم المجنون مافي أمل يسمع”، بهذه الكلمات التي حملها صوتها العذب، ترسل ميرال إلى الصامتين على المجزرة، لومها وعتابها الرقيق وشديد القسوة في آن معاً.
يقول والد الطفلة إنه كان على قناعة أن الأغنية ستلقى رواجاً، نظراً لبراءتها واقتضاب المعنى والفحوى بكلمات بسيطة، ونوّه بأنه لم يفكر باحتكارها لتحقيق مشاهدات على صفحة وحساب الطفلة في يوتيوب، فالغاية أسمى والهدف أنبل، فهذه الأغنية -كما أرادت ميرال- عبارة هدية لكل طفل في العالم ولكل إنسان.
“يا شمس لو تطلع على حدود هالخيمات، خلّي الوجع يرحل، ل نزرع الضحكات… يا شمس لو تطلع مع هالصدى صرخات، أكيد رح نرجع والشمس عمتطلع”.