جسر: متابعات:
منذ أربع سنوات، استيقظ العالم منصدما على صورة الطفل اللاجئ السوري الصغير إيلان كردي حيث عثر على جثته على شاطئ بودروم في تركيا، وتحولت الصورة إلى رمز لمعاناة المهاجرين، لكن لا يزال الأطفال ضحايا لـ”رحلات قاتلة” حيث يلقى طفل حتفه يوميا تقريبا.
بالتحديد في الثاني من سبتمبر 2015، غرق قارب كان ينقل أعدادا كبيرة من المهاجرين السوريين قبالة منتجع بودروم البحري، فلقي إيلان الذي كان يبلغ من العمر ثلاث سنوات حتفه غرقا بينما كانت عائلته تحاول عبور البحر إلى اليونان، لكن القارب غرق وألقت أمواج البحر بالطفل على أحد الشواطئ التركية، كما لقي شقيقه غالب ووالدته ريحانة حتفهما أيضا في هذه الرحلة المأساوية.
وكانت مأساة الأسرة الكردية، المنحدرة من كوباني في شمال سوريا والتي كانت تسعى إلى لم شملها في كندا، سببا لجدل حاد حول قبول المهاجرين في أوروبا، لكن الأزمة لا تزال مستمرة.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة في يونيو الماضي بأن حوالي 1600 طفل لقوا حتفهم أو فقدوا بين عامي 2014 و2018، بمعدل طفل واحد كل يوم تقريبا، لكن الكثير من هذه الحالات لم يتم تسجيلها.
وخلال الفترة التي يغطيها التقرير (2014 إلى 2018)، أفادت المنظمة الدولية للهجرة أيضا بوفاة 32 ألف مهاجر، غرق أكثر من نصفهم أو فقدوا، حوالي 18 ألف شخص في البحر الأبيض المتوسط، ولم يتم العثور على رفات ما يقارب ثلثي هؤلاء الضحايا.
وبحسب المجلس النرويجي للجوء، فإن الأطفال عرضة للقتل أثناء رحلة اللجوء أو قبلها، مشيرا إلى أن النزاع السوري وحده أدى إلى مصرع أكثر من 50 ألف طفل.
ورغم هذه الأرقام الصادمة، فإن محاولات الهجرة عبر البحر مستمرة.
وقال الناطق الرسمي باسم البحرية الليبية أيوب قاسم لـ”الحرة”، الاثنين، إن حرس السواحل الليبي تمكن من إنقاذ 108 مهاجرين قبالة سواحل صبراتة غرب ليبيا، من 18 جنسية عربية وأفريقية مختلفة، مشيرا إلى أن بينهم نساء وأطفال.
وللتذكير بأزمة الأطفال المهاجرين الذين يلقون حتفهم في البحر، غيرت سفينة إنقاذ ألمانية تنشط في البحر المتوسط اسمها في فبراير الماضي، من البروفسور البيرخت بينك إلى اسم الطفل السوري إيلان، ما جعله رمزا مأساويا لأزمة المهاجرين التي ضربت أوروبا عام 2015.
وفي شهر يوليو الماضي أنقذت هذه السفينة 65 مهاجرا كانوا يقومون بالرحلة الخطرة وأنزلتهم في مالطا بعدما أغلق وزير الداخلية الإيطالي اليميني ماتيو سالفيني مرافئ بلاده أمام السفينة.
وينحدر المهاجرون الذين أنقذتهم هذه السفينة من سوريا وليبيا وباكستان وبنغلادش وغينيا، بينهم طفل يبلغ من العمر 15 شهرا وآخران يبلغان من العمر ثلاث وخمس سنوات.
وتصادر السلطات الإيطالية والمالطية سفن الإنقاذ وتفرض عليها غرامات في حال دخولها المياه الإقليمية بدون تصريح.
وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 23 يوليو الماضي بعد لقائه مفوض الأمم المتحدة الأعلى للاجئين فيليبو غراندي، أن 14 دولة أوروبية أعطت موافقتها مبدئيا على “آلية تضامن” تحدد كيفية توزيع المهاجرين الذين تتم إغاثتهم في البحر المتوسط على هذه الدول، لكن يبدو أن الاتفاق المبدئي لا تزال تنقصه بعض العوائق.
وأفادت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة الأمم المتحدة بغرق 40 شخصا على الأقل قبالة سواحل ليبيا في 27 أغسطس الماضي، في أحدث الكوارث التي تطال اللاجئين والمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وجددت المفوضية دعوتها العاجلة للتحرك من أجل إنقاذ الأرواح.
وكان المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي قد دعا إلى عدم إغفال المآسي التي يتعرض لها المهاجرون في طريق عبورهم إلى وجهاتهم المختلفة حول العالم.
ووقف غراندي لحظة صمت على الساحل الليبي خلال زيارته إلى قاعدة أبو ستة البحرية في ليبيا في يونيو الماضي، لإحياء ذكرى آلاف النساء والرجال والأطفال الذين لقوا حتفهم أثناء محاولتهم عبور البحر الأبيض المتوسط بحثا عن السلامة وحياة أفضل.
وقال غراندي: “الكثير من الحديث يدور حول الأرقام. الناس يصلون إلى ليبيا، ويعبرون من ليبيا، محاولين عبور البحر من هذا الشريط الساحلي. إنها دائما أرقام. ولكن الأمر لا يتعلق بالأرقام، بل بالأشخاص من النساء والرجال والأطفال. الناس اليائسون الذين يخاطرون بحياتهم، وغالبا ما يفقدونها في سبيل الحصول على مستقبل أفضل. وبالنسبة للكثيرين منهم، فإن النهاية مأساوية، نريد أن نتذكر هؤلاء الناس وخصوصا أولئك الذين فقدوا حياتهم على هذه المراكب الصغيرة”.
الحرة 3 أيلول/سبتمبر 2019