جسر: متابعات:
أكدت شبكة “بلومبرغ” أن تركيا اكتشفت مخزونات للطاقة في البحر الأسود، على الأرجح من الغاز الطبيعي، حسبما قاله شخصان على دراية مباشرة بالأمر الأربعاء للشبكة، لكنهما لم يعطيا أي مؤشر على حجم وعمق الاكتشاف، ولا عن مدى صعوبة استخراجه.
وتحدث الشخصان بعد أن أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان الجمعة عن “أنباء طيبة” سيكشفها قريباً للأتراك مؤكداً أن من شأنها أن “تبشر بعهد جديد للأمة”. كما تعهّد بمواصلة عمليات التنقيب عن الطاقة في مياه البحر الأبيض المتوسط المتنازع عليها والتي أثارت خلافات مع الاتحاد الأوروبي.
في سياق آخر، واصلت الليرة التركية ارتفاعاتها مقابل الدولار بعد إعلان أردوغان. كما ارتفع مؤشر بورصة اسطنبول 100 القياسي بنسبة 2% بعد حديث أردوغان، في حين قفزت أسهم مصفاة البترول التركية AS أو Tupras وشركة Petkim Petrokimya Holding AS بنسبة 8.1% و9.9% على التوالي.
وكان وزير الطاقة التركي فاتح دونماز قد قال الشهر الماضي إن سفينة الحفر “فاتح” بدأت التنقيب في ما يسمى “منطقة تونا -1” قبالة بلدة إيريغلي التركية.
ونقلت “بلومبرغ” عن تيموثي آش المحلل الاستراتيجي في BlueBay Asset Management LLP في لندن قوله على “تويتر”: “كانت هناك اكتشافات للغاز في البحر الأسود من قبل ولكن على نطاق محدود. بالنظر إلى فاتورة واردات الطاقة السنوية، من 35 إلى 50 مليار دولار، تحتاج تركيا إلى شيء كبير لتغيير قواعد اللعبة.”
وأدى اضطراب السوق في تركيا إلى انخفاض الليرة إلى مستوى قياسي مقابل الدولار، لكن البنك المركزي اختار تشديد السياسة عن طريق التخفي وتجنب تغيير سعر الفائدة القياسي الذي قد يزعج أردوغان الذي يواصل الدعوة إلى خفض تكاليف الاقتراض. وستجتمع لجنة السياسة بالبنك المركزي يوم الخميس للنظر في الأسعار.
وتقع منطقة “تونا – 1” على بعد حوالي 150 كيلومتراً من الساحل التركي بالقرب من منطقة تلتقي فيها الحدود البحرية لبلغاريا ورومانيا، وهي ليست بعيدة عن كتلة “نيبتون” الرومانية التي تُعد أكبر اكتشاف للغاز في البحر الأسود.
وذكر تقرير “بلومبيرغ” أن “رومانيا تمتلك مشاريع غاز المياه الضحلة”، لكن الاكتشاف الرئيسي للمياه العميقة الذي قامت به شركة OMV Petrom SA قبل ثماني سنوات “لم يتم استغلاله بعد”. كما ستقوم شركة مدعومة من مجموعة “كارلايل” بالتنقيب قبالة رومانيا بهدف الحصول على الغاز في عام 2021. وقد قامت شركة “روسنفت” بالتنقيب في الجزء الروسي من البحر الأسود، لكن دون نتائج ملموسة.
وفي هذا السياق، قال كريستوف ميركل، العضو المنتدب لشركة “ميركل إنرجي للاستشارات”: “لا أعتقد أنه من المفاجئ أن تأتي المزيد من النتائج من تلك المنطقة”. وقد تكون بلغاريا وأوكرانيا واليونان من بين المهتمين للغاية بشراء هذا الغاز إذا قررت تركيا تصديره.
وأضاف: “اعتماداً على حجم الاكتشاف، أتوقع أن تكون شريحة على الأقل من ترك ستريم خاملة”. وتساءل: “لماذا تريد تركيا الاستمرار في استيراد الغاز من روسيا؟”.
يذكر أن شركة الغاز الروسية العملاقة Gazprom PJSC قد افتتحت خط أنابيب “ترك ستريم” تحت البحر الأسود لزيادة حصتها السوقية في تركيا وتقليل اعتماد روسيا على أوكرانيا كطريق عبور.
ويأتي الاكتشاف التركي وسط خلافات إقليمية مع اليونان وقبرص في شرق البحر المتوسط، حيث تبحث تركيا بنشاط عن النفط والغاز في المياه المتنازع عليها. من جهتها عززت فرنسا وجودها العسكري مؤقتاً في المنطقة لدرء الخطوات التركية. أما المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل فأكد مؤخراً أن الاتحاد الأوروبي يشعر بالقلق من التوترات المتزايدة في شرق المتوسط.
واستأنفت أنقرة بحثها في مياه البحر الأبيض المتوسط الأسبوع الماضي بعد انهيار مفاوضات بوساطة ألمانية مع اليونان، حيث أعلنت أثينا إبرام اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع مصر. من جهته، قال أردوغان إن الضغط الأوروبي لن يجعله يغير الاتجاه في هذا الملف.
يذكر أن تركيا على خلاف مع قبرص أيضاً بشأن احتياطيات الغاز البحرية حول الجزيرة. وجمهورية قبرص هي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي ولها سيادة رسمية على الجزيرة بأكملها. لكنها منقسمة بشكل فعلي منذ أن استولى الجيش التركي على الثلث الشمالي منها في عام 1974. وتطالب الأقلية التركية التي نصبت نفسها دولة في الشمال، والتي لا تعترف بها سوى أنقرة، بحقوقها في أي موارد طاقة يتم اكتشافها قبالة سواحلها.
وقد حدد قادة الاتحاد الأوروبي بالفعل موعداً لعقد اجتماع طارئ في سبتمبر/أيلول المقبل لمناقشة الوضع في شرق البحر الأبيض المتوسط . وشددوا على الحاجة إلى تهدئة الأمور. وخلال مكالمة فيديو الأربعاء الماضي، أعرب قادة دول الاتحاد عن “تضامنهم الكامل مع اليونان وقبرص” في وجه أنشطة التنقيب التركية “غير القانونية”.
واعتبرت “بلومبرغ” أن “الخلاف هو واحد في عدة نزاعات حيث يسعى أردوغان إلى إعادة تموضع تركيا كقوة إقليمية.. من الصراعات في سوريا وليبيا إلى الضربات في العراق، وتدخل ثاني أكبر جيش في الناتو (حلف شمال الأطلسي) بطائرات بدون طيار وطائرات حربية ودبابات”.
وتابعت: “كما حث أردوغان دول البحر المتوسط على التعاون لحل النزاعات. وقال الأربعاء إن معارك تركيا من شرق البحر المتوسط إلى ليبيا لا تتعلق بحقوقها بل بمستقبلها”.