جسر – صحافة
وأكمل بريمر: “سألت الجنرال أبو زيد عن أفضل وأسرع طريقة للتعرف عليه، إذ كان صدام معروفاً باستخدام أشباه له في الشكل لضرورات أمنية، فقال سنحضره الآن على متن طائرة عمودية وسنقوم بعرضه على المعتقلين الآخرين الذين كان من بينهم طارق عزيز، لنرى هل سيتعرفون عليه أم لا، وأيضاً لديهم الحمض النووي الخاص به الذي يتيح لهم معرفة هويته بشكل دقيق، وبالفعل تم إحضاره بعد 4 ساعات، وتم التأكد من هويته بعد إجراء تحليل الحمض النووي”.
وأضاف بريمر: “اتصلت مباشرة بالدكتورة رايس، مستشارة الأمن القومي، وقلت لها لقد ألقينا القبض على صدام حسين. وقتها كان العسكريون يضعون خطتهم التي تقوم على وضع صدام حسين داخل سفينة بأسطول أميركي يرسو على مياه الخليج، لكني أخبرت الجنرال أبو زيد باستحالة ذلك، فصدام سجين عراقي لا نستطيع إخراجه من البلاد، فإذا فعلنا ذلك لن يصدق أحد أننا قبضنا عليه، وكان يجب إظهاره للعالم”.
وطرح المحاور مالك الروقي، سؤالاً حول أداء واشنطن بعرض صدام قائلاً “في المقابل، الصور التي عرضتموها مخالفة صريحة لاتفاقية جنيف في التعامل مع الأسرى.. لماذا قمتم بعرض صدام حسين بهذه الطريقة المخالفة قانونياً؟”، وأوضح بريمر: “ناقشنا كيفية إقناع الشعب العراقي بأن الذي بين أيدينا هو صدام حسين، وتوصلنا إلى احتمالين. أولاً، يجب علينا إظهار صورة له، لكن ذلك لم يكن كافياً. يبقى الاحتمال الثاني، وهو أن يشهد سياسيون عراقيون أمام الشعب العراقي، أنهم شاهدوا صدام تحت الأسر، وتحدثوا معه، ما عملناه كان انتهاكاً لاتفاقية جنيف. قرارنا كان بكل بساطة هو لإقناع الشعب العراقي بأن صدام بحوزتنا، حتى لو اقتضى ذلك انتهاك اتفاقية جنيف”.
وعن كيفية مقابلة حسين وهيأته في أول مرة التقاه بعد اعتقاله، قال بريمر: “في البداية اتصلت بالسيد عدنان الباجة جي، رئيس الحكومة العراقية الانتقالية، وسألته إن كان بوسعه جمع أكبر قدر من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي الراغبين برؤية صدام الذي كان محتجزاً حينها في مطار بغداد، وبالفعل تم ذلك بسرعة واختار إحضار 4 آخرين. كنا حريصين على إعلان الخبر في اليوم ذاته. توجهنا جميعا إلى المطار، وقام العريف الأميركي بسؤالهم إن كانوا يرغبون برؤية صدام عن بعد لتأكيد هويته، أم كانوا يرغبون بمقابلته شخصياً. اختاروا مقابلته شخصياً”.
وأكمل بريمر: “بعد ذلك أذكر دخولنا بممر طويل، مطلي بالأبيض والأخضر. كان مكاناً تعيساً ومظلماً، وفي آخر الممر كانت هناك غرفة مضيئة، ربما كانت غرفة استحمام، وصلنا إليها، وفي الداخل وجدنا سريراً صغيراً يجلس عليه صدام حسين بلحية كثيفة وشعر كث، من الواضح أنه لم يحلق منذ أشهر، مرتدياً سترة أميركية”.
وتابع: “خمسة من أعضاء مجلس الحكم، كانوا جالسين في الطرف المقابل لصدام، يخوضون معه حديثاً، تستطيع تمييز الغضب فيه، وكان كل واحد منهم قد ذاق الويلات من نظام صدام حسين، حتى لو لم تفهمه، كان كل واحد من هؤلاء الخمسة يملك قريباً قتل أو عذب من قبل صدام حسين”. واستطرد بريمر: “لم ينظر لي صدام مطلقاً. كنت أقف بجوار الباب وهو على الجهة الأخرى، وبجواري الجنرال سانشيز ومترجم يخبرني بكل ما يجري بالمعركة الكلامية أمامي”.
وأردف: “لقد كان مشهداً ضوضائياً. كان الأعضاء غاضبين عليه، وهو غاضب عليهم أيضاً، ولم يظهر مكسوراً، على العكس، أظهر شراسة واضحة عندما تجري مهاجمته من قبل أعضاء المجلس، وكان يرد عليهم بتفاصيل دقيقة عنهم. كان يعتبرهم حفنة من الخونة، لم يقل ذلك صراحة، لكن نظراته تفصح بذلك، وكان يتعامل مع الجميع كأنه ما زال رئيساً”.
المصدر: موقع المدن