جسر – صحافة
كثفت هيئة تحرير الشام أنشطتها الدينية والدعوية في مناطق سيطرتها في إدلب شمال غربي سوريا، وسمحت بتأسيس العديد من المراكز والجمعيات والمعاهد الشرعية، وفتحت الباب لظهور أعضاء ومشايخ في تيارات إسلامية غير سلفية، أقل تشدداً للعمل في قطاع الدعوة، وهو أمر بدا متنوعاً وذاخراً بالأنشطة التي لم تعهدها المنطقة من قبل.
الدعوة النسائية
لدى مكتب الدعوة النسائي فريق كبير من الداعيات والمتطوعات في مجال العمل الديني، بعضهن زوجات وأقارب سلفيين في تحرير الشام، وبعضهن الآخر تخرجوا سابقاً من الثانويات الشرعية التابعة للنظام، وأخريات حصلن على شهادات في العلم الشرعي من معاهد تأسست في إدلب في الفترة ما بعد العام 2015، أي بعد سيطرة المعارضة السورية على المنطقة.
أما القسم الثاني من النشاط الدعوي فهو موجه للرجال وفئة الشباب خاصة، وتشرف عليه دائرة الدعوة والإرشاد، والفريق الدعوي هنا أكبر وأنشطته أوسع وأكثر علنية، ويكاد لا يخلو مسجد أو معهد شرعي من فعالية دعوية، أهمها، مسابقة نداء الجمعة، وتقام كل يوم جمعة في الفترة الصباحية ويوزع على بعض الحاضرين من الشبان الذين وصلوا إلى المسجد في وقت مبكر وأجابوا عن أسئلة المسابقة جوائز قيمة، مثل الدراجات النارية.
أما الفعاليات اليومية التي تقيمها دائرة الدعوة فتتنوع بين خطب ودروس دينية حول العقيدة والفقه، وحلقات تعليم وتحفيظ القرآن والرقية الشرعية وتقدم الفرق الدعوية الجوالة أنشطة متنوعة في المدارس بمختلف مراحلها، وينظمون فعالية باسم فعاليات دوري كرة القدم لأسر المساجد في مدينة إدلب وريفها.
النشاط الدعوي الحالي لتحرير الشام والذي تصاعد بشكل كبير منذ بداية العام 2021، يبدو مختلفاً بشكل كلي عن نشاطها السابق، والذي كان تقليدياً من حيث التشابه مع أنشطة التنظيمات السلفية في هذا القطاع.
وقال مصدر سلفي مناهض لتحرير الشام ل”المدن”، إن ” نموذج الدعوة الجديد الذي باتت تعتمده وتروج له تحرير الشام يهدف إلى تكريس سلطاتها في إدلب، وهو نموذج يعمل على تخدير الناس وحرف أنظارهم عن الفقر والمشاكل والمعاناة التي يعيشونها يومياً بسبب تحرير الشام وإدارتها”. وأضاف أن “النموذج المفترض هو تسخير الدين لخدمة مشروعهم، ولدى نظام بشار الأسد نموذج دعوي وديني خاص يكرس أيضاَ سلطاته ويدجن الناس ويمنع انتفاضتهم ضده مهما تصاعدت معاناتهم”.
يرى السلفيون أن الخطر في النموذج الدعوي الجديد يكمن في التوجه نحو “حرف الناس عن سبيل ومنهاج الفرقة الناجية” وهو كذلك “يؤصّل لمهادنة الطواغيت وترك الجهاد”. ويرى السلفيون المناهضون أن التغيير شديد الخطورة لأنه “يهدم بنيان الجهاد من الداخل بنعومة وبطء في ظل ضعف المدافعة الحقيقة، أي في ظل هيمنة تحرير الشام التي باتت مطلقة على القطاع الديني بعد أن قضت على معظم التنظيمات المتشددة التي كانت تحافظ على الخطاب الدعوي السلفي التقليدي”.
وقال المنشق عن تحرير الشام بو يحيى الشامي على تلغرام، إن “الصوفية التي تنتشر الآن ذات عقيدة الله يطفيها بنوره، يراد لنا أن ننشغل بالدعوة ونترك الأمر لصاحب الأمر، وأن كل من قال لا إله إلا الله فهو مسلم حرام دمه وماله ولو كان في جيش بشار، صوفية سيدنا الشيخ تاج راسي ولو كان منافقاً معلوم النفاق”. ويضيف “كل ولاة الأمور الظالمين يحبون أن ينتشر لأن هذه الدروشة والانشغال عن الجهاد والسنة بالقعود والبدعة يقوي حكمهم ويقلل خصومهم”.
المصدر: موقع المدن