قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ رفض النظام السوري دخول فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا يُشكل دليلاً قوياً ضده، وإن على دول العالم المتحضرة معاقبة النظام السوري سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لمنعه دخول فريق التحقيق.
وذكر التقرير – تلقت صحيفة جسر نسخة منه- و جاء في 6 صفحات أن رفض النظام السوري دخول فريق التحقيق التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى سوريا من أجل التحقيق وتحديد هوية مرتكبي هجمات ربما يكون قد استخدم فيها أسلحة كيميائية، يُثبت بدون أدنى شك أن النظام السوري متورط في هذه الهجمات مجدداً، ولا يريد لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تكشف ذلك، مُشيراً إلى تصريحات مدير عام منظمة حظر الأسلحة الكيميائية السيد “فرناندو أرياس” يوم الأربعاء الماضي 12/ حزيران -التي نقلتها عنه وكالة رويترز- أن النظام السوري منع فريقه من دخول سوريا، وأنه تلقى رسالتين من نائب وزير الخارجية التابع للنظام السوري أبلغه فيهما بعدم سماح الحكومة السورية لأعضاء الفريق بالاطلاع على أية معلومات سرية تتعلق بالملف الكيميائي السوري.
وأكَّد التقرير أن ممارسات النظام السوري المهينة للمجتمع الدولي وللأمم المتحدة شكَّلت سلسلة متراكمة من الكذب والتضليل، ذلك بسبب ما يحظى به من دعم الدولة الروسية وهي عضو دائم في مجلس الأمن؛ ما جعل النظام السوري نظاماً مارقاً، وفوق القانون والمحاسبة، وتمكن دائماً من عرقلة عمل اللجان الأممية وتكرار استخدام الأسلحة الكيميائية وقتل أبناء الشعب السوري وهو متأكد تماماً من إفلاته من العقاب بسبب الدعم الروسي.
وفي هذا السياق أشار التقرير إلى أن النظام السوري أُجبر على الانضمام إلى اتفاقية حظر استخدام الأسلحة الكيميائية في 14/ أيلول/ 2013، ذلك بعد أن استخدم الأسلحة الكيميائية ضد أبناء غوطتي دمشق في 21/ آب/ 2013، لكنه خدع فريق عمل منظمة الأسلحة الكيميائية مراراً، ولم يُسلم كامل أسلحته الكيميائية، والدليل على ذلك أنه أعاد استخدامها 184 مرة منذ أيلول/ 2013 كما قام النظام السوري دائماً بوضع عراقيل أمام فرق عمل المنظمة الدولية عبر التأخير المتعمَّد في إعطاء تأشيرات الدخول، وكذلك التأخر في الرد على رسائل المنظمة، إضافة إلى إعاقة وصول المفتشين إلى عدد من المناطق وأشار التقرير إلى ما قام به النظامان السوري والروسي من خطوات قاسية في سبيل عرقلة التَّحقيقات، وكان أبرزها ما حصل في حادثة الهجوم على مدينة دوما بمحافظة ريف دمشق نيسان/ 2018.
وجاء في التقرير أنَّ الردود التي أرسلها كل من النظام السوري والحكومة الروسية، التي انتقدا فيها تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأخير، الذي أثبت استخدام أسلحة كيميائية في مدينة دوما، دون أن يحدد من قام بذلك الفعل الجرمي، لأنها لم تكن قد وسعت من ولايتها بعد، تكشف الردود أن النظام السوري وروسيا لا يزالان يتعاملان بالعقلية والنظرة والنهج ذاته في ملف الأسلحة الكيميائية، وتؤكد أنه لا أمل في تغيير تلك العقلية سوى عبر عقوبات جدية تجبر المجرم على الانصياع للقانون الدولي.
ونوَّه التقرير إلى أن هذا الحظر والمنع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يترافق مع آخر هجوم استخدم فيه النظام السوري سلاحاً كيميائياً على قرية الكبينة بريف اللاذقية الشرقي في 19/ أيار الماضي وهو أول هجوم كيميائي موثق لدى الشبكة السورية لحقوق الإنسان بعد هجوم دوما، وكذلك بعد توسيع صلاحيات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مُشيراً إلى أنه بإمكان المنظمة الآن تحديد أن النظام السوري هو من استخدم الأسلحة الكيميائية وهذا بحسب التقرير ما يخشاه النظام السوري وحليفه الروسي، حيث سيضحد هذا التَّحقيق سلسلة الكذب الطويلة التي مارساها بالتعاون مع عشرات من الصحفيين والإعلاميين الداعمين لهما والمؤيدين بالتالي لاستخدام الأسلحة الكيميائية ضد البشرية.
وأشار التقرير إلى أن دول العالم المتحضرة نجحت وخطت خطوة نحو القانون وتحقيق العدالة في 28/ حزيران/ 2018 عندما صوتت لصالح توسيع صلاحيات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، لكنها اليوم تقف عاجزة أمام منع النظام السوري منظمة حظر الأسلحة الكيميائية من ممارسة مهامها، وفي حال نجح النظام السوري في ذلك دون ضغوط سياسية وعسكرية واقتصادية فهو دون أدنى شك سوف يكرر استخدام الأسلحة الكيميائية ثم ينكر ذلك ويبرر أنه لا توجد أدلة، وسوف تقوم روسيا بحمايته مجدداً في مجلس الأمن.
طبقاً للتقرير فقد استخدام النظام السوري الأسلحة الكيميائية 184 مرة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2118 الصادر في 27/ أيلول/ 2013 فيما نفَّذ 115 هجوماً كيميائياً بعد القرار رقم 2209، وما لا يقل عن 59 هجوماً كيميائياً بعد القرار رقم 2235 الصادر في 7/ آب/ 2015.
وبحسب التقرير فقد تم توثيق 222 هجوماً كيميائياً منذ 23/ كانون الأول/ 2012 وهو تاريخ أول استخدام موثَّق للسلاح الكيميائي في سوريا حتى 15/ حزيران/ 2019، نفَّذ النظام السوري 217 منها، معظمها في محافظتي ريف دمشق وإدلب، فيما نفذ تنظيم داعش 5 هجمات جميعها في محافظة حلب.
وذكر التقرير أن هذه الهجمات تسبَّبت في مقتل ما لا يقل عن 1461 شخصاً جميعهم قضوا في هجمات شنها النظام السوري بينهم 1397 مدنياً، بينهم 185 طفلاً، و252 سيدة (أنثى بالغة) و57 من مقاتلي المعارضة المسلحة و7 أسرى من قوات النظام السوري كانوا في أحد سجون المعارضة.
أكَّد التَّقرير على أنَّ النِّظام السوري انتهكَ عبر استخدام الأسلحة الكيميائية القانون الدولي الإنساني العرفي و”اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية” وجميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وبشكل خاص القرارات رقم 2118 و2209 و2235، كما أنَّ استخدام الأسلحة الكيميائية يُشكل جريمة حرب وفقاً لميثاق روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وشدَّد على ضرورة عقد جلسة طارئة في مجلس الأمن الدولي والتحرك عاجلاً وإصدار قرار يلزم النظام السوري بدخول فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية دون عراقيل والتجول بحرية، ويُهدد باستخدام عقوبات في حال عدم التزام النظام السوري بذلك.
وأوصى التَّقرير أن تُظهرَ الدُّول توحداً أكبر ضدَّ النظام السوري المستخدمِ الأبرز للأسلحة الكيميائية في هذا القرن، وأن تتحرك جديَّـاً وبشكل جماعي لتطبيق عقوبات صارمة ورادعة وحقيقية بشكل فوري، وحثَّها على إيجاد تحالف إنساني يهدف إلى حماية المدنيين السوريين من الأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجرة؛ لأن روسيا سوف تظلُّ تعرقل مجلس الأمن وتستخدم الفيتو آلاف المرات.
كما دعا التقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن تطلب من مجلس الأمن التحرك بصورة فورية وإصدار قرار يلزم النظام السوري بإدخال فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وفضح النظام السوري وحليفه الروسي أمام منظمات الأمم المتحدة وهيئاتها كافة وكذلك أمام المؤسسات الإعلامية وتشكيل ضغط جدي يمنع النظام السوري من تكرار عملية حظر دخول المحققين.