قالت الشبكة السورية لحقوق الانسان في تقريرها الصادر اليوم بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة إن واقع المواطن الصحفي في سوريا يتجه نحو الاعتزال أو التشريد.
وقد ذكر التقرير الذي جاء في 10 صفحات أن سوريا جاءت في المرتبة 174 من بين 180 حسب التَّصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2019 الذي نشرته منظمة مراسلون بلا حدود.
وأشار التقرير إلى أن النظام السوري يتحمل المسؤولية الأكبر فيما وصلت إليه سوريا من أسوأ التصنيفات على مستوى العالم، وتشويه صورة سوريا والشعب السوري، واعتبر التقرير أن هيمنة الأجهزة الأمنية على أي هامش للصحافة أو الإعلام قد بدأت منذ بداية حكم عائلة الأسد وازدادت بشكل فظيع بعد اندلاع الحراك الشعبي في آذار/ 2011 كون الصحافة المستقلة سوف تفضح ممارسات وانتهاكات النظام السوري وتدحض زيف ادعاءاته التي كان ينشرها عبر وسائل الإعلام الرسمية، التي تحكمت فيها الأجهزة الأمنية بشكل مطلق.
شكَّل المواطن الصحفي السوري بحسب التقرير عاملاً حاسماً في إعداد التقارير الصحفية بالتعاون والتنسيق مع الصحفيين الدوليين ووسائل الإعلام، ولهذا السبب تحديداَ فقد عمد النظام السوري وعبر تكتيك مدروس وواضح لاستهداف الصحفي المحلي، عبر عمليات القنص أو الاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب، وكذلك حاول ضرب مصداقية المواطن الصحفي السوري عبر تكذيب روايته.
وفي المناطق التي خرجت عن سيطرة قوات النظام السوري، أكد التقرير أن المواطنين الصحفيين لم يسلموا أيضاً فقد لاحقهم القصف الجوي والمدفعي السوري والروسي، الذي تسبَّب في مقتل أو إصابة العديد منهم، مشيراً إلى أنَّ أخطر نماذج ذلك القصف تجسَّدت في سياسة الضربات المزدوجة التي تستهدف تجمعات المدنيين على رأسهم الكوادر الإعلامية التي تتوافد إلى مكان قصف ما لإعداد تقارير عن وقائع ما حدث، وأشار التقرير إلى إصابة ما لا يقل عن 1457 من الكوادر الإعلامية، ما بين إصابة خفيفة ومتوسطة وإعاقة دائمة.
ونوَّه التقرير إلى أن النظام السوري لا يسمح بأي هامش نقدي ولو كان من أشد الموالين له، ولا يتساهل أبداً مع أي نوع من حرية التعبير والصحافة؛ حيث لاحقَ النظام السوري إعلاميين موالين له خدموا روايته ودافعوا عنه طوال سنوات، قامت الأجهزة الأمنية باعتقالهم عند أبسط نقد أو اعتراض، واستعرض التقرير حادثة اعتقال الإعلامي البارز المعروف باسم وسام الطير، الذي اشتهر بولائه التام وقربه من الأسرة الحاكمة والذي لا يزال مصيره مجهولاً بحسب التقرير.
وطبقاً للتقرير فقد قام تنظيم داعش بنسخ ممارسات النظام السوري في العديد من أنماط الانتهاكات، حيث قام بتصوير ونشر فيديوهات متعددة تظهر مواطنين صحفيين يعترفون بممارساتهم ضد تنظيم داعش وندمهم عليها، ثم يقوم تنظيم داعش بإعدامهم بطرق متنوعة، كان أبرزها بحسب التقرير إصدار “وحي الشيطان” في حزيران/ 2016 الذي يصور إعدام أربع من المواطنيين الصحفيين في محافظة دير الزور (سامر محمد العبود، سامي جودت الرباح، محمود شعبان الحاج خضر، محمد مروان العيسى).
أما هيئة تحرير الشام فقد ركزت وفقاً للتقرير على التضييق على المواطنين الصحفيين في مناطق سيطرتها، وقتلت كل من شعرت أنه يشكل تهديداً لفكرها ونهجها المتطرف، كما فعلت مع رائد الفارس ومحمود جنيد، إضافة إلى اعتقال العشرات من المواطنين الصحفيين على خلفيات نشرهم منشورات تعارض سياسة الهيئة أو مزاولة نشاطهم دون الحصول على إذن، ما تسبب في الآونة الأخيرة في اعتزال أو نزوح عدد كبير منهم.
وأشار التقرير أن مناطق سيطرة المعارضة المسلحة لم تتمتع بنماذج جيدة لحرية الصحافة، بل مورست بحق المواطن الصحفي سياسة التضييق والابتزاز والتخويف والاعتقال والتعذيب.
أكَّد التقرير أنَّ قوات سوريا الديمقراطية قامت بقمع واسع لحرية الصحافة، وبشكل خاص لأي توجه يعارض سياستها، وقد نفَّذت عمليات الاعتقال والإخفاء القسري والتعذيب بحق مواطنين صحفيين انتقدوا سياسة قوات سوريا الديمقراطية وطريقة إدارتها للمناطق الخاضعة لسيطرتها.
أوردَ التقرير حصيلة أبرز الانتهاكات بحق الكوادر الإعلامية وفقاً لقاعدة بيانات الشبكة السورية لحقوق الإنسان، حيث سجَّل مقتل ما لا يقل عن 695 من الصحفيين والعاملين في الحقل الإعلامي (محليون وأجانب) منذ آذار/ 2011 حتى أيار/ 2019 ، قتل النظام السوري منهم546 بينهم خمسة أطفال وسيدة واحدة، وخمسة صحفيين أجانب، في حين قتلت القوات الروسية 20، وقتل تنظيم داعش 64 بينهم طفل واحد وسيدتان اثنتان، وثلاثة صحفيين أجانب، أما هيئة تحرير الشام فقد قتلت 7 من الكوادر الإعلامية، وقتل 25 منهم بينهم طفل واحد وثلاث سيدات على يد فصائل في المعارضة المسلحة.
وبحسب التقرير فقد قتلت قوات سوريا الديمقراطية 4 من الكوادر الإعلامية وقتلت قوات التحالف الدولي واحداً منها في حين قتل 28 على يد جهات أخرى.
وطبقاً للتقرير فإنَّ ما لا يقل عن 1136 حالة اعتقال وخطف وقعت بحق الكوادر الإعلامية على يد جميع الأطراف الرئيسية الفاعلة في سوريا منذ آذار 2011 حتى أيار 2019، لا يزال ما لا يقل عن 421 منهم قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري في مراكز الاحتجاز بينهم 4 سيدات و18 صحفياً أجنبياً، يتوزعون إلى 349 بينهم 2 سيدة، و4 صحفياً أجنبياً لا يزالون معتقلون لدى النظام السوري، في حين لا يزال هناك 48 بينهم سيدة واحدة، و8 صحفيين أجانب في مراكز الاحتجاز التابعة لتنظيم داعش، ولا تزال هيئة تحرير الشام تعتقل 3 من الكوادر الإعلامية بينهم صحفي أجنبي واحد.
فيما لا يزال 14 بينهم سيدة واحدة و5 صحفيين أجانب معتقلون لدى فصائل في المعارضة المسلحة. أما قوات سوريا الديمقراطية فلا تزال تعتقل 7 من الكوادر الإعلامية.
طالب التقرير مجلس الأمن الدولي بالمساهمة في مكافحة سياسة الإفلات من العقاب عبر إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية وبذل جهود واضحة في إنهاء حالة النزاع في سوريا عبر عملية سياسية تنقل سوريا من دولة شمولية إلى دولة حضارية ديمقراطية مستقرة.
وأوصى المفوضية السامية لحقوق الإنسان بإدانة استهداف الكوادر الإعلامية في سوريا، وتسليط الضوء على تضحياتهم ومعاناتهم.
وحث التقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة COI على إجراء تحقيقات في استهداف الكوادر الإعلامية بشكل خاص؛ نظراً لدورهم الحيوي في تسجيل الأحداث في سوريا.
كما طالب المؤسسات الإعلامية العربية والدولية بمناصرة زملائهم المواطنين الصحفيين في سوريا عبر نشر تقارير دورية تُسلِّط الضوء على معاناتهم اليومية وتُخلد تضحياتهم، كما يجب التواصل مع ذويهم والتَّخفيف عنهم ومواساتهم.
وأكد التقرير أن على جميع الجهات في المناطق الخاضعة لسيطرتها أن تلتزم بما يوجبه عليها القانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بحماية المدنيين، وبشكل خاص الكوادر الإعلامية ومعدَّاتهم.