جسر:صحافة:
قال تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، إن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، غيّر من دعم بلاده للمعارضة السورية وقلبها رأساً على عقب منذ عام 2015.
وذكر التقرير، الذي ترجمه تلفزيون سوريا، أن محمد بن سلمان أعطى الضوء الأخضر لروسيا لتتدخل في سوريا بشكل ضمني، حسب ما ورد في دعوى قضائية أقامتها إحدى الشخصيات الرفيعة المستوى في جهاز الاستخبارات السعودي سابقاً، ضد ابن سلمان في أميركا.
وادعى سعد الجبري، ضابط الاستخبارات السابق، أن الانقلاب المفاجئ والفج في المسار الذي أبداه ابن سلمان تجاه القضية السورية، بعد أن أصبح ولي عهد المملكة العربية السعودية، أثار ذعر مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ووجه له توبيخاً وتقريعاً من إدارة أوباما.
وعبر برينان عن قلقه من تشجيع ابن سلمان لروسيا على تدخلها في سوريا، في وقت لم تكن فيه روسيا طرفاً من الأطراف في القضية السورية حينئذ، ليقوم الجبري بتمرير رسالة لابن سلمان، الذي غضب بشدة عندما علم بمضمونها.
ووصفت الصحيفة دعوة ابن سلمان السرية لروسيا لتدخلها في سوريا بمثابة “قنبلة”، إذ إن النظام السعودي يدعم المعارضة ضد نظام الأسد، في حين قامت روسيا بقصف المدن التي تسيطر عليها المعارضة، وتسببت بقتل الآلاف من المدنيين السوريين.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين ومصادر مطلعة، أن محمد بن سلمان بمجرد أن أصبح وزيراً للدفاع مع صعود والده إلى عرش السعودية، تأثر بشكل كبير بولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، وعلقت المصادر أن ابن زايد “أعرب عن مدى قلقه تجاه خطر ثورة الإخوان المسلمين في سوريا، والتي ستكون أسوأ من بقاء الأسد على الأنظمة الملكية في الخليج”.
وأوضحت المصادر أن ابن زايد أقنع ابن سلمان باستبعاد ولي العهد السابق، ابن عمه محمد بن نايف، وأن يجد لنفسه أصدقاء جدد بعيداً عن واشنطن، وأن يعمل على تمتين العلاقات مع الصين وروسيا، حيث إن محمد بن زايد تربطه علاقة جيدة مع بوتين.
ابن سلمان استنزف “غرفة الرياض”
وقال حسان حسان، مدير برنامج الفاعلين غير الحكومي لدى “مركز السياسة الدولية” في واشنطن “كنت بيت السر بالنسبة لبعض المناقشات التي جرت على مستوى رفيع فيما يتصل بدعم دول الخليج للدور الروسي في سوريا بعد حرب اليمن في آذار 2015، وفي ذلك الوقت كانت الإمارات تطرح فكرة مساعدة روسيا في ترسيخ الاستقرار في سوريا وتساعد نظام الأسد في استعادة السيطرة على بلاده”، وأضاف حسان “عندما قرأت ما وجهه الجبري من اتهامات لمحمد بن سلمان بخصوص أنه طلب من روسيا التدخل في سوريا، فهمت على الفور كل شيء بناء على الحوارات التي سمعتها بين عامي 2015 و2017”.
وذكرت الصحيفة أن من آثار توجّه ابن سلمان نحو موسكو استنزاف الإرادة السياسية والموارد الدولية للمعارضة السورية، والتي كان أبرزها “غرفة الرياض”، والتي تم الاتفاق عليها بين قوى دولية عدة من بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وتركيا والسعودية والإمارات وغيرها من الدول.
وحققت “غرفة الرياض” بعض النجاحات عبر فرض القوانين والهيكلية للدعم الغربي والخليجي للمعارضة السورية ضد الأسد خلال العام 2014، لكن كل ذلك تبدد مع صعود الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة.
وبحسب رواية الجبري، فإن محمد بن سلمان اجتمع مع الرئيس الروسي في سان بطرسبورغ في حزيران من العام 2014، ووقعا هناك اتفاقيات تعاون في مجال النفط والفضاء والطاقة النووية، كما ناقشا أمر دخول روسيا في الحرب السورية.
وعندما علمت وكالة الاستخبارات المركزية بأمر تلك المناقشات، استدعى برينان الجبري لاجتماع طارئ، وعبّر له عن سخط الولايات المتحدة، وقال مصدر اطلع على تفاصيل ذلك الاجتماع أن الأمريكان “جن جنونهم، إذ كان الأسد على وشك أن يتلقى الضربة القاضية عندما منحه محمد بن سلمان قبلة الحياة”.
كما عبّر وزير الخارجية البريطاني حينئذ، فيليب هاموند، عن قلقه إزاء تلك النقاشات أيضاً، في اجتماع مع الجبري، وعندما أبلغ الأخير مجلس الأمن السعودي بما جرى في تلك الاجتماعات اعتبر ابن سلمان أن ذلك بمنزلةِ تَحَدٍّ مباشر لسلطته، ما دفع به لطرد الجبري ونفيه في أيلول من العام 2015، أي قبل أسابيع قليلة من بدء التدخل الروسي بجانب الأسد والغارات الجوية الروسية على المدن السورية الثائرة.
لكن دبلوماسيا سابقا في المنطقة، أكد للصحيفة أن ما يريده الجبري من كشف التواطؤ السعودي مع روسيا هو إيصال رسالة لمحمد بن سلمان، وإبلاغه بأنه لن يتراجع عن موقفه، والتلميح بأنه يعرف أشياء كثيرة، منها بعض الأشياء التي تتعلق بسوريا.
الفاعل سليماني
من جانب آخر، قالت الصحيفة إن “معظم الدبلوماسيين الغربيين يرون أن روسيا دخلت الحرب دون الحاجة إلى تشجيع ضمني من قبل الأميرين السعودي والإماراتي، بل التشجيع جاء عبر زائر آخر ظهر في تموز من العام 2015، وكان أكثر فاعلية وأهمية من الأميرَين بكثير، هو قائد ميليشيا “الحرس الثوري الإيراني”، الجنرال قاسم سليماني.
وكانت وكالة “رويترز” قالت إن سليماني قام بنشر خريطة لسوريا في موسكو أمام نظرائه الروس، وشرح لهم أهمية موقف الأسد الذي لا يقدر بثمن، وكيف يمكن لتدخل بوتين أن يقلب الموازين.
وهنا يعلق أحد الدبلوماسيين الغربيين لصحيفة “الغارديان” بالقول “لا أظن أن بوتين يهتم بشأن ما يريده السعوديون أو الإماراتيون، لكنه كان يستمتع وهو يراهم يطلبون من الروس التدخل في سوريا؛ لأن ذلك يشكّل ضربة من شأنها أن تكسر عظم الولايات المتحدة الأميركية”.
نشر في موقع تلفزيون سوريا الثلاثاء 18 آب/أغسطس 2020