جسر: إدلب:
يأتي الزواج وتبعاته على رأس المواضيع الإشكالية في ادلب وريفها، حيث خسر الجميع بيوتهم وموطنهم، وأصبحوا لايملكون إلا عاداتهم وتقاليدهم التي يحاولون الحفاظ عليها، والتي يتضح تمسكهم القوي بها عند تقدم أي شاب لخطبة فتاة من منطقة آخرى، فكل منهما يحاول فرض عادات مجتمعه، إلا أن الوضع المادي وطبيعة الحياة الجديدة هي العامل الحاسم في النهاية.
الحياة التي يعيشها المهجرون لم تعد تمنحهم أي ثقة بالمكان، لذلك عند تزويج بناتهم لايطلبون بيوتاً، ولا متاعاً، ويكتفون بفرض مبالغ مادية كبيرة، أو مايعادلها من الذهب.
(ع.ص) فتاة من سراقب فرضت على زميل دراستها (أ.س) من خان شيخون مهرا قدره 3000دولار أميركي مقدم ومثله مؤخر، وكمية من الذهب كمهر لها، فهي غير مضطرة بعد خسارة الكثير من أحلامها، أنْ تتزوج زواج غير لائق بها على حد تعبيرها.
أما (ر.ح) ابنة حلب فقد تزوجت من (ي.ا) بعفرين، بعد أنْ فرضت عليه مصاغاً ذهبياً بقيمة 4000دولار أميركي ومثلها مقدم ومؤخر كمهر لها، مبررة ذلك بأنها الزوجة الثانية ويجب أن تضمن حقها.
وتقول السيدة (ا،ر) وهي من مدينة ادلب ، أنّ المهور عندهم مازالت معتدلة ولكن تم تحويلها لدولار، خشية نزول الليرة السورية، ولكنهم يهتمون بمنزل مستقل للعريسين، إضافة لفرشه بأثاث جيد، فهم لايخافون التنقل.
وتتفاوت الأجور حسب الحالة الاجتماعية للعروسين وذويهما، ففي مخيمات اللجوء على سبيل المثال، فإن الزواج يتم من خيمة إلى خيمة، وباقل التكاليف، وبما يسمح لحياة النازحين بالاستمرار بحدها الأدنى الطبيعي، وغالباً ما يقتصر المهر على خاتم من الذهب لكلا العريسين.
أما فئة الأرامل التي تضاعفت عدة مرات على خلفية الحرب المستمرة منذ عشر سنوات، فإن مهورهن أيضاً منخفضة، حيث يكون هدف زواجها على الأغلب، متابعة تربية أطفالها وحصولها على مكان لائق للسكن، والحفاظ على مكانتها في المجتمع، والمهر في هذه الحالة لا يتجاوز 500 دولار كحد أقصى.
أما مهور الفتيات، فتتراوح بين 3000 و 4000 دولار اميركي اضافة إلى الذهب الذي يتم الاتفاق عليه مسبقاً ايضاً.
وبالعموم، لم تشهد ظاهرة الزواج تراجعاً يذكر في محافظة ادلب، بعد تحلل المقبلين على الزواج عموماً من شرط امتلاك منزل، إلا أن الظروف الصعبة تنعكس بعد فترة من الزواج على شكل توتر أسري، ينجم عنه حالات طلاق أعلى من معدلات ما قبل الحرب، وهو ما سنتحدث عنه في تقرير لاحق.