قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها الصادر اليوم إنَّ هناك قرابة 2000 سوري لا يزالون مختفين قسريا لدى تنظيم هيئة تحرير الشام المتطرف مشيرة إلى مسؤولية الهيئة عن مقتل الناشط سامرالسلوم من مدينة كفرنبل.
وذكر التقرير الذي جاء في خمس صفحات أنَّ سياسة هيئة تحرير الشام تقوم على تخويف وإرهاب المجتمع عبر ممارسة سياسة اعتقال تعسفي عنيفة، ثم إنكار وجود هؤلاء المعتقلين لديها ليتحول مصيرهم إلى مختفين قسرياً، مؤكداً أنَّ هذه الاستراتيجية مركزة على استهداف النشطاء البارزين والشخصيات الاجتماعية؛ بقصد تخويف بقية أفراد المجتمع، ونوَّه التقرير إلى أنَّ هذه السياسة ظهرت جلياً عندما توسَّعت سيطرة هيئة تحرير الشام على محافظة إدلب منذ تموز/ 2017.
وأشار التقرير إلى أن هيئة تحرير الشام لم تتوقف عن عمليات الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في ظلِّ الحملة العسكرية الأخيرة التي تشنُّها قوات الحلف السوري الروسي على منطقة خفض التصعيد الرابعة منذ 26 نيسان 2019، بل استمرَّت في رفض مطالبات الأهالي المتكررة بالكشف عن مصيرأبنائها والسماح لهم بزيارتهم ومعرفة أسباب اعتقالهم وتعذيبهم، واستنسخت الهيئة سياسة الأجهزة الأمنيةالتابعة للنظام السوري في اعتقال المواطنين دون مذكرة اعتقال أو توضيح سبب الاعتقال والجهة التي تقوم بعملية الاعتقال، ومنع القضاء العادل المستقل من الوجود أو العمل.
ويلتزم التقرير بمعايير دقيقة لتحديد حادثة الاعتقال التَّعسفي والاختفاء القسري، مُستنداً بذلك إلى أحكام القوانين الدوليَّة ومجموعة المبادئ المتعلقة بالاعتقال التعسُّفي والاختفاء القسري. مُشيراً إلى أن تسجيل حالات الاعتقال يتم بالاعتماد على مصادر مُتعددة وبتتبع حالات الاعتقال وتحديثها بشكل مستمرلمعرفة مصير المعتقل ومكان احتجازه وظروف اعتقاله.
وبحسب التقرير فقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان منذ الإعلان عن تأسيس تنظيم جبهة النصرة مطلع عام 2012 حتى آب 2019 ما لا يقل عن 2006 شخصاً بينهم 23طفلاً و59 سيدة (أنثى بالغة) لا يزالون قيد الاعتقال لدى هيئة تحرير الشام، تحوَّل ما لا يقل عن 1946 منهم إلى مختفين قسرياً، وسجَّل التقرير في المدة ذاتها مقتل ما لا يقل عن 24 شخصاً بينهم طفل واحد بسبب التعذيب،و38 حالة إعدام في مراكز الاحتجاز التابعة لهيئة تحرير الشام معظمهم لم تُسلَّم جثامينهم لذويهم.
واستعرض التقرير حادثة مقتل الناشط سامر السلوم الذي اعتقلته هيئة تحرير الشام في 26/ كانون الأول/ 2017 بعد مداهمة منزله ليتحوَّل بعدها إلى مختف قسرياً حتى آب/ 2019 عندما حصلت عائلته على معلومات تؤكد إعدامه رمياً بالرصاص منذ نيسان/ 2019، وأشار التقرير إلى أنَّ هذا التكتيك الوحشي يُشبه ما يقوم به النظام السوري، حيث لا يكتفي بإخفاء مصير قرابة 83 ألفاً من المواطنين السوريين بل إنه بعد قتل عدد منهم تحت التعذيب يُبقي مصير هؤلاء الذين قتلوا محجوباً عن أقربائهم؛ كي يظلوا تحت المعاناة والألم وعدم تمكن زوجاتهم أو أبنائهم من القيام بأية معاملات أو إجراءات متعلقة بهم؛ لعدم إمكانية الحصول على وثيقة تُثبت وفاتهم.
وأوردَ التقرير رواية لشقيق سامر الذي أفاد بظروف اختفاء سامر وعن تلقي عائلته أنباء عن إعدامه من ثلاثة معتقلين كان قد أفرج عنهم في أوقات متباعدة في عام 2019 وأشارَ شقيق سامر في الرواية التياستعرضها التقرير إلى أنَّ المعتقلين المفرج عنهم أكدوا أنَّ محققين في الهيئة اقتادوا سامر من زنزانته من دون حاجياته الشخصية، ولدى سؤال المعتقلون العناصرَ عن سامر وسبب غيابه، كانت الإجابة أنهأُعدمَ في ساحة سجن العُقاب.
وأكَّد التقرير أنَّ هيئة تحرير الشام انتهكت عبر عمليات الخطف والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والقتل بإجراءات موجزة القانون الدولي الإنساني وأقصت جهاز القضاء والشرطة التي سمحت بتشكيله في مناطق سيطرتها، وكونها تمتلك كياناً هرمياً فهي ملزمة بتطبيق أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما أشار إلى أن حالة الناشط سامر السلوم تُشكِّل واحدة من عشرات الحالات التي قامت هيئة تحرير الشام بإخفائها قسرياً ثم قتل صاحبها دون إعلام أهله أو أقربائه، ويأتي ذلك ضمن سياسة انتهاك أبسط مبادئ حقوق الإنسان بهدف إرهاب المجتمع الخاضع لسيطرتها.
وقال التقرير إن فشل المجتمع الدولي ومجلس الأمن في ردع النظام السوري عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية في ظل إفلات تام من العقاب يُشكل سردية تبني عليها التنظيمات المتطرفة روايتها في تجنيد أبناء المجتمع السوري.
ودعا التقرير المجتمع الدولي ومجلس الأمن الدولي إلى بذل موارد وخطط لمحاولة استقطاب المنضمين إلى التنظيمات المتطرفة مادياً ومعنوياً وتوعوياً.
كما طالب هيئة تحرير الشام بإيقاف عمليات الاعتقال التعسفي والكشف عن مصير المختفين قسرياً وإيقاف الملاحقات وتعويض عائلات الضحايا.