أقامت “مديرية شؤون الشهداء والجرحى والمفقودين في الحسكة” حفلاً تكريمياً لعائلات أكثر من 100 قتيل من قوات النظام، برعاية محافظ الحسكة، وعدد من الضباط والمسؤولين القادمين من دمشق، بحسب مراسل “المدن” محمد الخلف.
وهذا النوع من التكريم معتاد في مناطق النظام، وقد سبق ووصف بـ”المخجل” في محافظات أخرى قدمت فيها “هدايا” من الماعز أو ساعات الحائط البلاستيكية والحقائب المدرسية والقرطاسية، وصورة “للشهيد”، فضلاً عن مبالغ مالية بخسة. إلا أن الحال في محافظة الحسكة المهملة من قبل النظام منذ عقود طويلة، ازداد بؤساً خلال الحرب، وسط لامبالاة من النظام بجمهوره، وفساد المسؤولين بدرجة فاقعة.
مصدر محلي قال لـ”المدن”، إن النظام لم يرصد أي مبلغ مالي لهذه الاحتفالية، فاضطر مسؤولو المنطقة إلى فرض اشتراك على الحزبيين بواقع 500 ليرة من كل “رفيق”، بهدف تقديم مبلغ 10 آلاف ليرة لعائلة كل قتيل، أي أقل من 20 دولاراً، بالإضافة إلى سلة غذائية تم الاستيلاء عليها من المنظمات الخيرية والإنسانية العاملة في المحافظة، والمدعومة من منظمات دولية كبرنامج الغذاء العالمي.
وكنوع من الاحتجاج، أسّر أحد القائمين على التكريم، لـ”المدن” بالقول: “السلال الغذائية التي جهزتها بنفسي مع زملائي، تم تعفيش عبوات زيت الطعام منها من قبل ضباط الإدارة السياسية في الجيش السوري، الذين أوفدوا من دمشق خصيصاً لحضور الاحتفالية”.
إعلام النظام لم يتطرق في حفل التكريم هذا، إلى الهدايا المقدمة، واكتفى بالحديث عن قيمة الشهادة وأهمية الدفاع عن أرض الوطن.
وقد حضر الحفل محافظ الحسكة جايز الموسى، ورئيس فرع حزب البعث تركي حسن، ومدير مكتب شؤون الشهداء والجرحى والمفقودين في الإدارة السياسية للجيش السوري اللواء نبال بدر. وتم تسليم كل عائلة ورقة مكتوب عليها اسم القتيل مع عبارات “وسام التضحية، وسام الإخلاص..”. وليس لتلك الأوراق أي قيمة قانونية أو رمزية.
ويحتفظ النظام بوجود رسمي في الحسكة، ويحظى بجمهور مؤيد ايضاً، بفضل اللعب على التناقضات هناك. وبينما تدعي “وحدات حماية الشعب” الكردية مناوئة النظام، إلا أنها مضطرة للتعاون معه والحفاظ على دوائره ومؤسساته في المنطقة. هذا بالإضافة إلى أهمية العلاقات التجارية والاقتصادية مع النظام، في ظل اغلاق الحدود من جهة تركيا، وتعقد العلاقات مع إقليم كردستان العراق.في المقابل، يحافظ النظام على جمهوره من القبائل العربية في الحسكة، التي تتخوف بشكل جدي من انسحابه كلياً وتركهم فريسة للأكراد، خاصة لناحية الأراضي، التي يقول الأكراد إنها كانت ملكاً لهم، واستولى عليها العرب بفضل دعم النظام لهم.
المصدر: صحيفة المدن ٢٩ أيار ٢٠١٩