في الوقت الذي يضغط فيه حزب الله وحلفاؤه في الحكومة اللبنانية على اللاجئين السوريين في التنقل والعمل، إلى جانب أشكال أخرى من التضييق، يُمنع أهالي مدينة القصير المُهجّرين من العودة إلى مدينتهم، لأنها باتت ضمن مشروع ايران الديموغرافي القائم على التهجير الطائفي والإستيطان في أراضي المهجرين عبر الاستيلاء الإجباري حيناً، وبالتحايل والتزوير بطرق عدة، أحياناً أخرى–وفق ناشطين-.
وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ “اقتصاد”، “لا تزال سياسة لبنان تجاه هؤلاء اللاجئين تخضع لسياسة حزب الله في التضييق عليهم من أجل دفعهم للعودة إلى النظام ولكن ليس إلى بيوتهم”.
وكشفت المصادر لـ”اقتصاد” أن الروس تواصلوا مع أطراف تسمي نفسها على الحياد، لإعادة النازحين، لكنهم تعرضوا للتهديد من ميليشيا حزب الله، مما يعني -بحسب المصادر- أن هناك خلافاً روسياً إيرانياً بخصوص القصير.
وأكد ناشط فضّل عدم ذكر اسمه لـلموقع، أن النظام لم يسمح أيضاً للمقيمين ضمن محافظة حمص وريف دمشق بالعودة إلى القصير بينما يتغنى بعودتهم على وسائل إعلامه ليل نهار.
وكشف محدثنا أن العشرات من أهالي القصير المهجرين قدموا طلبات للحصول على موافقات أمنية فجاء الرد مع عدم الموافقة، وعدداً ممن عادوا من طرابلس –كما يقول- منعوا من دخول القصير وأُجبروا على الإقامة في مدينة حمص.
ولفت المصدر إلى أن أكثر من 60٪ من منازل القصير مدمر، والصالح منها للسكن كان من نصيب بعض الشبيحة وأهالي كفريا والفوعة. لكن المعلومة الأخيرة تحديداً ينفيها نشطاء. أما الأراضي الزراعية فحزب الله، ومؤيدوه، هم من يستثمرونها وخاصة الأراضي الواقعة غرب المدينة. وكشف محدثنا أن مواليْ الحزب قاموا بقطع أغلب الأشجار في المدينة وأطرافها وتم بيعها كحطب للتدفئة.
وبدوره أكد الناشط “نبيل المصري” أن المهجرين الذين يزعم النظام إعادتهم إلى القصير كلهم في الداخل السوري وتحديداً في حمص وريفها، أما مهجري القصير في لبنان فتم إغلاق ملفهم حتى إشعار آخر، علماً أن عدد أهالي القصير ضمن مناطق النظام بلغ حولي 1000 عائلة موزعة في مدينة حمص وريفها وغالبيتهم موظفون في الدولة من ضباط ومدرسين، وجلّهم –كما يقول– من المسيحيين.
وكشف محدثنا أن مليشيا حزب الله تقوم بعمليات حفر وتحصين جديدة في محيط القصير كمطار الضبعة العسكري ولهذا السبب تقف هذه الميليشيا عائقاً أمام عودة اللاجئين.
وروى المصدر أن مسؤولاً سابقاً وهو “محمد خالد رعد” الذي كان عضو القيادة القطرية وعضو مجلس الشعب ومدير التموين في حمص سابقاً حاول منذ شهر أن يعود إلى القصير ومعه شخص يُدعى “فهمي الطالب” أمين شعبة الحزب في القصير حالياً. وبعد أن قاما بترميم منزليهما، تم حرقهما من قبل شبيحة “آل حنا”، وبعض عناصر حزب الله.
ويعمل النظام من خلال المخطط التنظيمي الذي تم وضعه في العاشر من تشرين الثاني -أكتوبر الماضي على إحداث تغيير ديموغرافي في المدينة، حيث سمح بعودة بعض الأقليات الّتي كانت تقطن في المدينة سابقاً بعد سيطرته عليها، لكنه في الوقت عينه رفض عودة عائلات من مكوناتٍ أخرى تشكل الأغلبية الساحقة في مدينة القصير ومدينة حمص كلها.
وكشف المصري أن هناك 10 عائلات مسيحية عادت في الفترة الماضية إلى المدينة لكنهم على صلة قرابة مع شبيحة “آل حنا” و”آل كاسوحة” الذين كانوا من أوائل من “شبّح” على أهالي المنطقة من مسيحيين ومسلمين على حد سواء، وتحالفوا-حسب قوله- مع حزب الله ونسقوا معه أثناء اقتحام عناصره للمدينة، وهم حالياً يعملون-كما يؤكد- كأدلاء لميلشيا حزب الله في التنقيب عن الآثار في المنطقة، ونقل المخدرات ضمن الأراضي السورية.
وتابع المصدر أن قوة أمنية تابعة للنظام داهمت منذ فترة بعض أوكار “آل حنا” وصادرت عدداً من القطع الأثرية والمخدرات من حبوب وحشيش إضافة لـ “طن ونصف” من النحاس الذي تم نهبه من شبكة التيار الكهربائي ومن منازل المهجرين وأُحيل أحد هؤلاء الشبيحة ويُدعى “كاسر كاسوحة” إلى القضاء ليتم إطلاق سراحه بعد أسبوع، وهو نفسه من قام بحرق منزل “محمد خالد رعد” و”فهمي الطالب”، السابق ذكرهم.
ونفى محدثنا أن يكون هناك أحد من أهالي “كفريا” و”الفوعة” في القصير فالمدينة الآن –كما يقول- مدينة أشباح والبنية التحتية فيها منهارة تماماً فلا شوارع أو شبكة للصرف الصحي أو مياه للشرب فيها، وفي الوقت الذي يروّج النظام لإعادة تأهيل الخدمات في القصير فإن المؤشرات تفيد بأن الخدمة الوحيدة التي قدمها النظام هي إعادة تأهيل الطرقات التي يسلكها عناصر حزب الله في عبوره للحدود.
وبدوره أكد عضو الرابطة السورية لحقوق اللاجئين “مصطفى النعيمي” رفض الرابطة لعودة اللاجئين السوريبن في لبنان إلى مدينة القصير دون إشراف للأمم المتحدة وأن تكون العودة غير قسرية ويترك الأمر لحرية الشخص العائد؛ وحمّل النعيمي مسؤولية سلامة العائدين للقائمين على ملف العودة، وعلى الأمم المتحدة-كما قال- متابعة ملف العائدين ومساءلة النظام حال تعرضهم للاعتقال، مطالباً إياها بمتابعة ملفاتهم وأن يتم إفتتاح مكتب للأمم المتحدة معنيّ بمتابعة شؤون اللاجئين والعمل على إنشاء رقم خاص بالطوارئ لمتابعة أي مضايقات تتم أثناء رحلتهم من لبنان الى القصير وحتى بعد وصولهم وضمان عيشهم الكريم بما يتناسب مع حقوق الإنسان المرعية في كافة الدول المستقرة.
المصدر: موقع “اقتصاد” ٥ ايار ٢٠١٩