حوارات جسر
- التيار لا يتبع لأحد وغير مدعوم من قبل أي دول أو أي فرد وقد أطلقنا رؤيتنا دون الرجوع لاي دولة.
- لدينا مبادرة وخطة متكاملة سنطلقها قريباً للأمريكان والروس، تحقق اعادة الإعمار وعودة اللاجئين معاً.
- مؤتمرات المصالحة لبعض زعماء عشائر الجزيرة هي شأن النظام نحن تيار يؤمن بالتغيير الديمقراطي وتداول السلطة.
- نتخوف من أن تكون القبائل في الجزيرة وقوداً لمشاريع جديدة، يدفع ثمنها مرة أخرى المكون العربي.
- داعش قد يعود بأشكال أخرى عبر تثوير الخطابات الشيفونية والعمل على فتنة عربية كردية.
- نؤيد حق تقرير المصير للاكراد ضمن الهوية الوطنية الجامعة وفي إطار الوطن السوري الواحد
- كل ما يقال عن انفصال الاكراد هو مجرد كلام إعلامي يؤسس لحالة الاحتقان والفتنة العربية الكردية.
- مسد لديها اعلام ولكن حين يتم التوصل لحل لا علم سوى العلم السوري الواحد، لسورية الموحدة.
- أخطات المعارضة السورية الممثلة رسمياً حين رفضت محاربة داعش، ورفعت شعار ” النظام أولاً”.
- الإبقاء على أية قوة أو جيش أو ميليشيا لدولة أجنبية – كائناً من تكون- على الأرض السورية، هي احتلال وانتهاك للسيادة السورية.
تداعت مؤخرا عدد من الشخصيات المستقلة من أبناء المنطقة الشرقية، وتحديدا من المكون العربي لتشكيل تيار سياسي، تحت اسم “التيار العربي المستقل” يطمح لان ينقل العرب في الجزيرة السورية من حالة الضياع والانقسام والتهميش، قبل وبعد الثورة، الى الاصطفاف ضمن رؤية سياسية موحدة، تنطلق من التشاركية وضرورة ايجاد حلول عملية وفورية للحالة الانسانية والمعيشية التي تهدد وجودهم بالتفكك والضياع بحسب رؤية التيار.
صحيفة جسر حاورت رئيس التيار الدكتور محمد الشاكر، للوقوف على أبعاد الخطوة والسياقات والمبررات لتشكيل التيار العربي، وكيفية التعامل مع “هيمنة” المكون الكردي، والموقف من مؤتمرات المصالحة التي عقدها بعض زعماء العشائر في الجزيرة مع النظام، كما تطرق الحوار للموقف من القوات الاجنبية على الاراضي السورية، وللعديد من القضايا الساخنة المتعلقة براهن ومستقبل الجزيرة السورية.
- لماذا الآن الإعلان عن حزب جديد في الجريرة السورية؟ أي فراغ سيملأ وما الحاجة له؟ من تمثلون بالتحديد؟
بداية، لابد من الإشارة إلى أن منطقة الجزيرة السورية والمنطقة الشرقية ككل، عانت من التجاهل والتهميش، من قبل النظام تاريخياً، كما غابت عن حسابات العملية السياسية، فعانت في جميع مراحل الصراع السوري وتحولاته بدءً من فوضى السلاح مروراً بجبهة النصرة و داعش. وفي كل مرة كان أبناء المكون العربي الضحية لجميع هذه المشاريع.
ولهذا كله فإن الإعلان عن التيار العربي المستقل، ينطلق- أولاً- من الوقوف عند الواقع الإنساني المزري لأبناء المكون العربي في منطقة تشكل خزاناً بشرياً من الطاقات والخبرات، كما تشكل سلة الغذاء السوري، وخزان وقوده.
أما بالنسبة للفراغ الذي يريد أن يملؤه التيار والحاجة إليه، فالتيار ينطلق في لحظة تاريخية، مردها تخوفات أخرى تتعلق بمشاريع جديدة أقسى تقف روائها جهات مستفيدة من تثوير حالة الاحتقان التي تعمل على إعادة تدوير الإرهاب والعنف، من خلال تكريس الخطابات الشيفونية في شرق الفرات، كما المشاريع الطائفية في غربه.
- المكون العربي في الجزيرة منقسم بين قسد والنظام وتركيا. ما الجديد في رؤيتكم القادر على توحيد الاصطفاف العربي في الجزيرة؟
جاءت ولادة التيار وأهدافه لتجيب عن هذا السؤال، بدءاً من الوقوف عند أسباب حالة انقسام المكون العربي بين قسد وتركيا والنظام. وهذه أكبر إشكالية يحاول التيار العمل عليها ، كون هذا الانقسام هو التربة الصالحة لإدخال المنطقة في صراعات جديدة، وساحة أخرى من الاقتتال يدفع ثمنها أبناء المنطقة، ويجني ثمارها المتصارعون على الأرض السورية. ولهذا كله يضع التيار في أولوياته أهمية العامل التنموي كرافعة للاستقرار، عندما تعجز الإيديولوجيات في أن تفعل أي شيء، إن لم تكن سبباً لانقسامات وصراعات جديدة.
دعنا نكون صريحين هذا التوزع والانقسام، سببه النزوح، الذي ولّد حالة الفقر والتهميش في المناطق التي توزعوا فيها، فاليوم مازال أبناء المنطقة من المكون العربي، يرزح قسم كبير منه تحت حالة من الفراغ والدمار و الفوضى، وغياب الخدمات، وقسم آخر في المخيمات، وقسم آخر في النزوح، حيث صعوبة العمل والعيش ودفع الإيجار الشهري، أما أبنائهم فمازالوا منذ سبع سنوات بدون مدارس، الأمر الذي يؤسس لحالة الانقسام والتبعية، كما يؤسس لأجيال جديدة من الحرمان والتهميش والجهل، كثالوث يشكل رحماً حاضناً لولادات جديدة من أجيال الحرب والتطرف والإرهاب، الذي قد يعود بمسميات وأشكال جديدة.
فداعش – كماهية وليس كمفهوم- لا يمت لأية منظومة فكرية أو عقيدية ، كما يحاول مؤسسوها الترويج لذلك، هو أشبه بحصان طروادة أو بالأدق الشركة المساهمة، أو السوق السوداء، التي ينفذ من خلالها جميع الصفقات، بما في ذلك صفقات غسيل التجاذبات والاستقطابات الحادة للقوى المتصارعة على الأرض السورية.
أما الجديد الذي نطمح إليه، هو أن يكون التيار مفتوحاً على باقي الفعاليات الإنسانية والمبادرات الخدمية، ومنظمات المجتمع المدني. لذلك فالتيار يضع في أهم أولوياته البعد الإنساني، والوقوف عند حاجات الناس الخدمية والتنموية، كرؤية سياسية لا تنطلق من ضرورة البدء بها في المنطقة وحسب، بقدر ما تؤسس لوطن سوري موحد، يؤمن بالعيش المشترك بين جميع مكوناته، ويقوم على الديمقراطية المستدامة والإنماء المتوازن للوطن بأكمله.
- قلتم بأنكم تؤمنون بالتشاركية، فأي تشاركية بعد فرض الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا “الحكم ذاتي” بعلم مستقل وقوات عسكرية وهياكل وسلطات مدنية كأمر واقع؟
التشاركية أو العيش المشترك، هي حاجة وطنية لجميع المكونات السورية ، ولأن المكون العربي يغيب تماماً عن واجهة الحدث، وليس موجوداً على الساحة، وهو الآن لاشيء، لذلك لابد من البحث عن أي شيء، فالمناطق العربية اليوم، هي مناطق فراغ وفوضى ويغيب عنها الأمن والخدمات، وهي بحاجة لأبنائها، كما حاجة المنطقة لتشاركية بين جميع المكونات، الذين يقررون نوع تشاركيتهم، وهذا مرهون أولاً وأخيراً، بعود أبناء المنطقة من مخيماتهم ومن مناطق اللجوء والنزوح، لكي يتمكنوا من الاستمرار بالعيش على أرضهم، ويستفيدوا من خيراتها، ويديروها. وإلا فإن المنطقة ستفرخ أجيال جديدة من الأمية والفقر والتهميش.
ولهذا كله، فإن تنمية المنطقة وتأهيلها وعودة أهلها، هي الخطوة الأولى التي يجب أن تقفز فوق كل الإيديولوجيات، أما بالنسبة للإدارة الذاتية، فهي مفهوم لا علاقة له البته – دستورياً- بالحكم الذاتي، وهناك فرق كبير وشاسع بين مصطلح ” إدارة” و ” حكم”، وكل ما يقال عن انفصال وغير ذلك، هو مجرد كلام إعلامي يؤسس لحالة الاحتقان والفتنة العربية الكردية، التي يتم الاشتغال عليها الآن.
أما بالنسبة للعلم المستقل، فالأخوة في مسد لديهم أعلام وليس علم، وهي أعلام أحزاب ومكونات، وحين يتم التوصل لوضع ما في العملية السياسية، فلا علم سوى العلم السوري الواحد، لسورية الموحدة.
- هل تؤيدون حق الأكراد في تقرير المصير وإقامة دولة كردية مستقلة في كردستان التاريخية التي تشمل جزء من الأراضي السورية؟
نحن أعلنا عن الرؤية السياسية التي تضمنت في بندها الأول” وحدة الأراضي السورية، والإيمان بالتحول الديمقراطي، والإنماء المتوازن، والديمقراطية الاجتماعية المستدامة، في إطار رؤية سياسية وفكرية، ترى أن لا حل سياسي بدون حوار سوري سوري، والعمل على بناء سورية الموحدة المستقلة أرضاً وشعباً.
أعتقد بأن السؤال أكبر من موقعنا في الحدث السوري كمجموعة من المستقلين من أبناء المنطقة، الذين يحاولون إعادة عائلة من مخيم أو بناء مدرسة أو مستوصف. دعني أقول لك، في السياسة من الصعب أن تتعامل بمبدأ ” كل شيء أو لاشيء”، و التشاركية التي نتحدث عنها، هي خطوة نحو العيش المشترك، والديمقراطية المستدامة، أما بالنسبة لحق تقرير المصير بالنسبة للأخوة الكرد، فهم سوريون قبل أن يكونوا كرداً.
ومفهوم حق تقرير المصير في القانون الدولي، أصبح مفهوماً راسخاً لا علاقة له باستقلال الدول، استناداً لمبدأ عدم تغيير الحدود كمبدأ راسخ في القانون الدولي، بقدر ما يتعلق بتقرير الحقوق السياسية والثقافية كمطلب لكل السوريين، و العمل على ضمان التوزيع العادل للثروات الوطنية، ومناهضة الاحتكار والاستغلال، بما يضمن تأمين حاجات الفرد والعيش بحياة حرة كريمة. والعمل على تحديد المفاهيم الفكرية والفلسفية المشتركة، التي توحد الثقافة المجتمعية، بما يضمن ممارسة حرية العقائد والثقافات الخاصة بكل مكون في إطار الوطن السوري الواحد. والتركيز على الهوية الوطنية، لبناء مجتمع سوري منسجم بين جميع مكوناته، هذا هو حق تقرير المصير الذي ندافع عنه لجميع المكونات السورية.
- ماذا عن حقوق المكون العربي والمكونات القومية الأخرى في الجزيرة، في مقابل هيمنة المكون الكردي، كيف يمكن ضمان عدم هيمنة مكون على الآخر والاستئثار بالسلطة والثروة على حساب الاخرين؟
دعنا نكون صريحين وصادقين مع الشعب السوري، ولنؤصل لحالة الهيمنة أولاً، حتى لا نحمل الأمور أكثر مما يجب. أولاً قسد ومسد هما أحد مفرزات الصراع السوري، وليس من مولداته. وبالتالي فقد أصبحوا أمام خطر مهاجمة تنظيم داعش، وعندما رفضت المعارضة السورية الممثلة رسمياً محاربة داعش، ورفعت شعار ” النظام أولاً”، لجأ الأمريكان لتشكيل قسد، وأنا شخصياً كتبت الكثير حول الخطأ في ذلك، وكالعادة كانت ثقافة التخوين الممنهجة، تحول دون أي قرار سوري سوري.
أما عن الهيمنة التي تسألني عنها، لابد من التنويه أن ” قوات سوريا الديمقراطية” يتواجد فيها مايفوق الـ 30 % منها من العرب، وكذلك ” مجلس سوريا الديمقراطي” الذي يضم المكون العربي وغيره من مكونات المنطقة. لذلك قد اتفق معك في الهيمنة – كأمر واقع مع ما أفرزته ضرورات قيادة العمليات العسكرية بالتنسيق مع قيادات قسد- لكن التشاركية التي نطمح إليها هي الكفيلة للانتقال من ثقافة الحرب التي خلفتها داعش، إلى ثقافة السلم التي تحتاج إلى تشاركية من جميع المكونات كسوريين ليس إلا، وبالتالي التشاركية في القرار أيضاً.أما بالنسبة للشق الثاني من سؤالك، المتعلق بالاستئثار بالثروة، فإن ” اللامركزية” التي تعد من أبرز أهداف مجلس سوريا الديمقراطي، و التي نحاول العمل عليها في المنطقة، كأسلوب عصري مطبق في غالبية دول العالم، ستشكل الحماية القانونية لفكرة عدم تركيز السلطة، والضامن لمبدأ سيادة الشعب في مراحل ما بعد الصراع، كما الضامن للتوزيع العادل للثروات الوطنية، و مناهضة الاحتكار والاستغلال، بما يضمن تأمين حاجات الفرد والعيش بحياة حرة كريمة. وهذه أحد أهم النقاط، التي ستكون أساساً لعملنا.
- في تسميتكم التيارالعربي المستقل،توحي كلمة ” المستقل” بأنكم توصلون رسالة بأنكم لا تتبعون لأحد،انتم مستقلون عن من؟
التيار لا يتبع لأحد، وغير مدعوم من قبل أي دول، أو أي فرد، وقد أطلقنا التيار ورؤيته السياسية وانتخاب هيئته السياسية دون الرجوع إلى أية دولة، دون أن يتخلى عن فكرة أساسية تتعلق بكون سورية قوة مضافة في محيطها العربي، وخصماً على نفسها إذا عملت منفردة. ومن هنا تأتي أهمية الوقوف عند واقع المكون العربي، الذي يشكل وجه سورية العربي، بالإضافة لإيماننا بأن لا حل في نهاية المطاف إلا في إطار رؤية عربية مشتركة، وإلا فإن الصراعات الإقليمية والدولية ستبقى واقعاً ماثلاً أمامنا، وهو ما أثبتته ثماني سنوات من الموت السريري لسورية.
التيار مجموعة من المستقلين، غالبيتهم من الأكاديميين وأصحاب الخبرات من جميع المجالات، وقد شغل الكثير منهم مناصب إدارية وسياسية عليا في الدولة السورية. وبالتالي يمكنهم التأسيس لعمل في إطار مؤسساتي يحسن إدارة المبادرة، فالإدارة الرشيدة هي القادرة على الانجاز بأقل الموارد.
أما أذا كنت تقصد عن معنى – مستقل- بالنسبة للمعارضة السورية، فنحن معارضون مستقلون، وفي الفكر السياسي تُعرف أية معارضة، بأنها مكون وطني، وفعل اعتراض نابع من وعي مطابق لحاجات الجماهير، وليس من حاجات القوى الدولية والإقليمية.
- تجنب بيان الإعلان عن التيار الكلام عن القوات الأجنبية على الأراضي السورية، كيف تنظرون إلى وجود كل من الأتراك والروس والإيرانيين على الأراضي السورية، هل من ضرورة أو دور لتلك القوات؟
أشارت الرؤية السياسية لسكة الحل في سورية من خلال القرار 2254 و القرارات ذات الصلة، وبالتالي فإن رؤيتنا تتعلق بالعملية السياسية التي يقودها السوريون وليس غيرهم، وبالتالي فأنّ الإبقاء على أية قوة أو جيش أو ميليشيا تابعة لأية دولة أجنبية – كائناً من تكون- وتتواجد على الأرض السورية، هي احتلال وانتهاك للسيادة السورية.
- ماذا لو نفذ الأتراك تهديداتهم بالدخول إلى منبج وشرقي الفرات، ما هو موقفكم في هذه الحالة؟
اعتقد أن مسألة دخول الأتراك إلى شرق الفرات، هي أعقد مما يُقال. لأنها موضوع مرتبط بالتنافس الروسي الأمريكي، و التجاذبات الحادة بين الأتراك والغرب الأطلسي. وكما قلت لك، نحن ضد أية قوة أجنبية تتدخل في سورية، لسبب وحيد، وقاعدة بديهية في العلاقات الدولية تقول ” الدول ليست جمعيات خيرية”. لذلك عندما تتدخل دولة في سورية، لن يكون هذا التدخل كرمى لعيون السوريين، وهو ما أيقنه السوريون واقعاً وليس نظرية.
- بعد الانسحاب الأمريكي والتجاذب الروسي- التركي، كيف تنظرون إلى مستقبل الجزيرة اليوم؟ الى أين نحن سائرون؟
تمر الجزيرة السورية اليوم في لحظة تاريخية هي الأخطر، صحيح أنّ داعش انتهى عسكرياً، ولكن مع بقاء مولدات الصراع.لذلك قد يعود داعش بأشكال أخرى وبمسميات جديدة، ومن أبواب جديدة، ليس بالضرورة أن تكون شعارات دينية، والأرجح أن تكون عبر تثوير الخطابات الشيفونية، وبالعمل على فتنة عربية كردية. الأمر الذي يحتاج إلى أية مبادرة، فالحرمان والتهميش والجهل، ستشكل حاضناً لولادات جديدة من أجيال التطرف والإرهاب. ولهذا، يضع التيار في أهم أولوياته البعد الإنساني، والوقوف عند حاجات الناس الخدمية والتنموية، كرؤية سياسية لا تنطلق من ضرورة البدء بها في المنطقة وحسب، بقدر ما تؤسس لوطن سوري موحد، يؤمن بالعيش المشترك بين جميع مكوناته، ويقوم على الديمقراطية المستدامة والإنماء المتوازن للوطن بأكمله.
- ماذا عن مؤتمرات المصالحة مع النظام وحضور الآلاف من زعماء القبائل في الجزيرة وسعيهم إلى مؤتمرات التطبيع مع نظام الأسد؟
مؤتمرات المصالحة شأن النظام، نحن تيار يؤمن بالتغيير الديمقراطي، وتداول السلطة، ولكننا نتخوف من أن تكون القبائل في الجزيرة وقوداً لمشاريع جديدة، يدفع ثمنها مرة أخرى المكون العربي.
- وفقا لرؤيتكم السياسية، التي تدعو لإعادة الإعمار وعودة المهجرين بالتزامن مع حل سياسي، كأنكم تمسكون العصى من الوسط، وليس لديكم رؤية واضحة ومحددة لمصير الأسد ونظامه؟
على النقيض من ذلك، ما ندعو إليه في هذا الإطار مشروع متكامل وواضح المعالم، ولدينا خطته التكتيكية والاستراتيجية التي شرحناها في الرؤية السياسية، كحل على المدى القريب والاستراتيجي. وتبدأ من تلمس حاجات الناس، فنخن في كارثة تهدد المكون العربي، وفي الكوارث لا يحق للدول التحجج بالإيديولوجيات، ونحن لدينا مبادرة وخطة متكاملة سنطلقها قريباً للأمريكان والروس، تحقق الرؤيتين في آن معاً، الإعمار وعودة اللاجئين كرؤية روسية، وإحداث اختراق فعلي في العملية السياسية كرؤية أمريكية، وهي مبادرة جاهزة ضامنها ومحركها الدور العربي. إذ تقوم المبادرة على تطبيق اللامركزية في مناطق النفوذ التي يتواجد فيها المكون العربي، وذلك بتطبيق اللامركزية اللامتناظرة كحل حتمي لمشاكل ما بعد الصراع، في المناطق الأكثر تأثراً في تداعيات الصراع، وبالتالي تحقيق عدم تركيز السلطة في المركز كخطوة في إطار المطلب الأمريكي، وعودة الناس كخطوة في إطار الرؤية الروسية.
- بصفتكم دكتور في القانون الدولي، هل ترون أن العمل الجاري على إعداد دستور مفتاح مناسب للحل في سوريا؟ كيف يمكن ضمان إجراء انتخابات نزيه بظل وجود بشار الأسد ونظامه بالسلطة؟
أعتقد بأن عبارة دستور جديد، أو إصلاح دستوري، أو مناقشة دستور هي مجرد مصطلحات، الأهم من ذلك هو أن اللجنة الدستورية ليس من مهامها كتابة الدستور خارج سورية، وإنما الاتفاق على المبادئ العامة، التي تحدد شكل الدولة ( مركزية أو لامركزية)، وشكل النظام السياسي( رئاسي ، نصف رئاسي، برلماني)، وبالتالي فإن الأولوية تبدأ بإصلاح المؤسسات الدستورية وتفعيلها، لتكون قادرة على تطبيق وتنفيذ المبادئ العامة بشكل عملي . لذلك يصبح التركيز على ضرورة الاتفاق على التصميم المؤسسي الذي يعكس التفاعل بين مؤسسات الحكم ضمن شكل النظام السياسي أياً كان شكله، وأيضاً شكل العلاقة بين المؤسسات ذاتها، عبر ديناميات بناء الدستور، كتلك التي تتعلق بتصميم السلطات التشريعية (أي حل المجلس النيابي وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة. وتصميم السلطة التنفيذية ( أي الاتفاق على آليات تشتيت وعدم تركيز السلطة سواء بشكل أفقي عن طريق التشاركية في مؤسسة الرئاسة، أو بشكل عمودي عن طريق اللامركزية). وتصميم السلطة القضائية ( عن طريق إصلاح المجلس الدستوري، ومجلس القضاء، والمحكمة الدستورية العليا). وإعادة هيكلة المؤسسة العسكرية والأمنية.
وهذه جميعها ضوابط وطرائق قادرة أن تشكل أرضية للانتقال السياسي. وهذا يحتاج إلى الوصول إلى صيغة نهائية للعملية السياسية.
أما مسألة اللجنة الدستورية الحالية، ونحن مجرد متابعين لها، فأعتقد أنّ تركيبتها الحالية، مازالت تعكس مصالح الدول، فالأسماء في اللجنة الدستورية سمتها القوى المتصارعة، بما في ذلك الثلث الثالث، ولم يكن الانتقاء على أساس الكفاءة أو المتخصصين، بل على العكس من ذلك، فقد تم تهميش القوى الوطنية والديمقراطية، وتم تهميش مكونات شرق الفرات، وكأنهم خارج العملية السياسية التي تقتضي حلاً على جميع الأراضي السورية، وكأن الرافضين لدخول مكونات شرق الفرات، يريدون أن يقولوا لهم ” انفصلوا”.
مسألة وجود بشار من عدمه في الانتخابات، فموقفنا واضح وهو دعوتنا أنّ تتوصل أطراف العملية السياسية ( التي لسنا طرف فيها) إلى صيغة حقيقة قادرة على إحداث نقلة في العملية السياسية، وفي مقدمة ذلك تضمين الدستور مسألة أساسية تتعلق بضرورة النص على تداول السلطة كأحد المبادئ الأساسية للدستور.
- هل تؤيدون ترشح بشار الأسد في أي انتخابات رئاسية مقبلة؟ انطلاقا مما وصل اليه الصراع؟
نحن ندعو لتداول السلطة، كمبدأ دستوري عام ومقدس، لأننا أزاء هزة عنيفة عصفت بالعقد الاجتماعي السوري، سببها عدم تداول السلطة، وما علينا إلا العمل على دستور عصري ودولة طبيعية، تحول دون وقوع الأجيال القادمة بهكذا هزة عنيفة، وذلك من خلال دراسة الأسباب البنيوية التي أدت لما نحن فيه.
للأسف الواقع الراهن للعملية السياسية يبدو مرهوناً بواقع الصراع، ومعه يرتبط الموقف من ترشح بشار من عدمه، لذلك نحن ندعو إلى مشروع وطني جامع، يعبر عن تطلعات الجماهير، لأن الإبقاء على هذه الحالة، قد يدخل السوريين في تعقيدات أخرى، قد يُوصل القوى المتصارعة إلى إعادة تأهيل النظام، خصوصاً وقد أجابت على سؤالك هذا أحدى الدول الأكثر دعماً للثورة السورية، عندما صرحت رسمياً بأنها لا تمانع من ترشح الأسد للانتخابات، في قفز واضح لإرادة السوريين.
ولهذا نحن نطمح إلى دولة طبيعية، تؤمن بتداول السلطة، ومبدأ الفصل بين السلطات، واستقلالية القضاء، وهذا أبسط مطلب يقدم لشعب قدم الملايين على مذبح الحرية والكرامة.