توقف حزب الله لأشهر عن تسديد مستحقات لمؤسسات وافراد في الضاحية الجنوبية لبيروت، باشر تسديد هذه المستحقات في بداية الشهر الجاري بالدولار الاميركي وليس بالليرة اللبنانية التي تتعرض للضغوط في سعر صرفها مقابل العملة الخضراء. ومنحت هذه الخطوة هذا التنظيم قوة إستثنائية داخل البيئة الحاضنة التي تعاني مثلما يعاني سائر اللبنانيين من ويلات التدهور في احوالهم المعيشية.
ليس هناك متسع للكلام عن مفعول هذه الخطوة على المديين المتوسط والطويل، لكنها تساعد حالياً الحزب على شد عصب بيئته التي تكاد تنخرط بالكامل في تيار الاحتجاج الشعبي الذي انطلق في 17 تشرين الاول الماضي.
تقول شخصية سياسية لـ”النهار” إنها التقت قبل أيام في مناسبة اجتماعية مستشاراً لأحد المراجع، وسمع منه فحوى تقرير تسلّمه المرجع من جهاز أمني يفيد ان المشاركة الشيعية في الاحتجاجات بوسط بيروت تبلغ نسبة عالية وتتجاوز أحياناً نصف المشاركين. ونظراً الى صعوبة تأكيد أو نفي هذا المعطى في التقرير المشار اليه، يمكن الاكتفاء بالمضمون الذي يشير الى ان اللبنانيين، ومنهم الطائفة الشيعية، هم الآن صانعو الحدث الذي يغيّر وطنهم اليوم.
عندما يقوم “حزب الله” بتسديد مستحقات جماعته بالدولار الاميركي، يثبت ان الحزب، ومن ورائه إيران، يتصدى للتحولات الجارية في لبنان من منطلق التحديات التي تواجه النفوذ الايراني على امتداد مساحة نفوذ الجمهورية الاسلامية من بحر قزوين حتى ضفاف المتوسط. وفي رأي اوساط شيعية معارضة للحزب ان ما يجري في العراق ولبنان على السواء، لا يقتصر تأثيره على النفوذ الايراني في هذين البلدين فحسب، بل قد يمتد الى داخل إيران التي فيها كل العوامل التي دفعت اللبنانيين والعراقيين الى الشوارع والساحات وأكثر. ولذلك سيكون خطيرا جدا في حسابات أسياد الجمهورية الاسلامية ان يمتد لهيب لبنان والعراق الى بلاد فارس التي ما زال جمر ثورتها قبل أعوام تحت رماد القمع.
قد يسأل احدهم: من أين لـ”حزب الله” الدولارات ليسدد مستحقات جماعته فيما لبنان يمرّ بأدق مرحلة تتعلق بواقعه المالي؟ لا جواب مباشراً عن هذا السؤال. لكن هناك مقاربة مفيدة تفتح الطريق امام الجواب. الجنرال قاسم سليماني قائد “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري، وبالامكانات الضخمة التي يمتلكها، لن يتأخر في تحويل ما لزم الى جناحه اللبناني.
المصدر-النهار