جسر – صحافة
قال مسؤول عسكري سوري رفيع، قبل أيام، بإمكانية إلقاء الحجز التنفيذي على أملاك المُكلّفين المتخلفين عن الخدمة العسكرية الإلزامية، وأملاك ذويهم. وأثارت تلك التصريحات إشكالية في تفسير نص أحد تعديلات قانون خدمة العلم الذي يبدو أن له نسخة سارية المفعول غير منشورة في المواقع السورية الرسمية.
وتحدّث العميد الركن إلياس بيطار، رئيس فرع الإعفاء والبدل في مديرية التجنيد العامة في الجيش السوري، في تسجيل مصور نشرته وزارة الإعلام في 6 شباط، عن بدل الإعفاء من الخدمة الإلزامية، وعن الشرائح المستفيدة من دفع البدل. وحملَ حديث بيطار تهديداً للمتخلفين عن الخدمة العسكرية، بضرورة دفع بدل الخدمة الإلزامية أو الالتحاق بها.
النقطة الأبرز التي تناولها العميد بيطار، تتعلق بدفع المُكلّف المتخلّف عن الخدمة الإلزامية، بدل فوات الخدمة عند بلوغه سن الـ43، إن كان مقيماً في سوريا أو خارجها. وكان قانون خدمة العلم الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007، قد عرّف بدل فوات خدمة بأنه “تعويض مالي يحمل صفة التعويض المدني يدفعه المُكلّف لصالح الخزينة العامة في حال تجاوز سن 42 عاماً ولم يؤدِّ الخدمة الإلزامية لغير أسباب الإعفاء أو التأجيل المنصوص عليها في قانون خدمة العلم”.
ويبلغ بدل فوات الخدمة ثمانية آلاف دولار، بحسب تعديل القانون 30\2007 الصادر بالقانون 33 لعام 2014، أو ما يعادلها بالليرة السورية بحسب نشرة الأسعار الرسمية الصادرة عن مصرف سورية المركزي بتاريخ الدفع، وتتم جبايتها وفق قانون جباية الأموال العامة. القانون 33\2014 أضاف عقوبة بالسجن وغرامة سنوية، على التأخير بالدفع. في حين أن تعديلاً آخر على القانون 30\2007 صادر بالقانون 35 لعام 2017، أعطى المُكلف المتخلف عن الخدمة الذي بلغ 43 عاماً، مهلة 3 شهور لدفع بدل فوات الخدمة قبل فرض الحجز الاحتياطي على أملاكه، بقرار من وزير المالية، مع الاحتفاظ بعقوبة السجن والغرامة المالية في حال عدم دفع المكلف البدل خلال المهلة المحددة.
العميد بيطار، أشار إلى إلقاء الحجز التنفيذي على أموال وممتلكات المُكلف الذي بلغ 43 عاماً من عمره، في حال لم يقم بدفع قيمة بدل فوات الخدمة. ويعني ذلك مصادرة أملاك المكلف لصالح الدولة، أو بيعها بالمزاد العلني. ويستند كلام العميد بيطار إلى تعديل الفقرة \ه\ من المادة 97 من القانون 30\2007، الصادرة بالقانون 39 لعام 2019، والقائل: “يلقى الحجز التنفيذي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمكلف بالدفع الممتنع عن تسديد بدل فوات الخدمة ضمن المهلة المحددة (..) بقرار يصدر عن وزير المالية”. وأضاف التعديل أن تحصيّل “بدل فوات الخدمة المترتب بذمة الممتنع عن الدفع” يتم “وفق أحكام قانون جباية الأموال العامة دونما حاجة لإنذار المكلف”.
وفي آلية تنفيذ الحجز التنفيذي، تقوم شعب التجنيد في المحافظات برفع لائحة بأسماء المكلفين المخالفين ممن تجاوزا سن الـ42 عاماً، إلى قسم الإعفاء والبدل في وزارة الدفاع، لتقوم بدورها بتنظيم إضبارة ترسلها إلى النيابة العامة في القضاء العسكري، وإلى هيئة الضرائب والرسوم في وزارة المالية، لإلقاء الحجز التنفيذي مباشرةً على أملاك وأموال المكلف المنقولة وغير المنقولة، وبالتالي تحصيلها وفق قانون جباية الأموال العامة. ويشكل ذلك استثناءً من القواعد العامة للحجز التنفيذي، الذي لا يتم إلقاؤه إلا بواسطة القضاء استناداً إلى أحكام مبرمة، أو لتحصيل قيمة سندات دين مستحقة الأداء، أي ثبوت الحق بشكل نهائي.
إلا أن العميد بيطار، أشار أيضاً إلى إمكانية إلقاء الحجز التنفيذي على أموال وممتلكات “ذوي المكلف أو من يخصه”. ولا يعتبر ذلك زلة أو خطأً من العميد بيطار، الذي عاد وكرر تصريحه، في مقابلة نشرتها روسيا اليوم، بالقول: “يمكن إلقاء الحجز على أموال المكلف الممتنع عن تسديد تلك القيمة، وكذلك يمكن إلقاء الحجز على أموال فروعه وأصوله”، أي الأبناء، والآباء.
القانون 39\2019 لم يذكر صراحة إلقاء الحجز التنفيذي أو الاحتياطي على أملاك ذوي المكلف. إلا أن تكرار العميد بيطار للأمر، بالإضافة إلى وجود أنباء تعود إلى ديسمير 2019، تقول بإن مجلس الشعب أقر تعديلات على القانون 30\2007 تتيح إلقاء الحجز الاحتياطي على أملاك زوجات وأبناء المكلف، تجعلنا أمام مشكلة يبدو تفسيرها المنطقي، بحسب مصادر سيريا ريبورت، هو بوجود نسختين مختلفتين من القانون 39\2019، واحدة منشورة لا يوجد فيها ذكر للحجز الاحتياطي، وأخرى غير منشورة وافق عليها مجلس الشعب في ديسمبر 2019.
وورد في خبر، ما زال موجوداً كنسخة احتياطية في الموقع الالكتروني لمجلس الشعب، إن المجلس ناقش تقرير لجنة الأمن الوطني حول مشروع القانون المتضمن تعديل الفقرة /هـ/ من المادة 97 من القانون 30/2007 وتعديلاته، وأقره وأصبح قانوناً. وفيهذ النسخة، يلقى الحجز الاحتياطي على أموال الزوجات والأبناء، في حال كانت أموال المكلف غير كافية للتسديد، ويمكن رفع الحجز الاحتياطي عن أموال وممتلكات الزوجات والأبناء، إذا ثبت أن هذه الأموال لم تؤول إليهم من المكلف.
وأضاف الخبر، إن إقرار الحجز الاحتياطي لتحصيل مبلغ ثابت ومحدد المقدار بموجب نص تشريعي، يتعارض والفائدة التي شرع من أجلها الحجز الاحتياطي من أنه تدبير احترازي يلجأ إليه عندما يكون المبلغ محل نزاع او غير ثابت، لذلك كان لابد من تعديل الفقرة /هـ/ من المادة 97، بحيث يتم تقرير الحجز التنفيذي على أموال المكلف الممتنع عن الدفع مباشرة عند إتمامه 43 عاماً دون الحاجة لإنذاره، وإلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال العائدة لزوجاته وأبنائه ريثما يتبين أن هذه الأموال لم تؤول إليهم من المكلف في حال كانت أموال المكلف غير كافية للتسديد.
ورغم أن الخبر لا يذكر أي نوع من أنواع الحجز على أملاك ذوي المكلف من الأصول، أي الأباء والأمهات والأخوة، إلا أن وجود نسختين من القانون بحد ذاته هو أمر مخالف لكل القواعد القانونية التي تقول بوجوب نشر القانون في الجريدة الرسمية ليصير نافذاً. وقد يكون تهديد أملاك الأصول، هو مجرد تخويف لذوي المكلف للمسارعة بتسديد بدل فوات الخدمة. وفي كل الأحوال، يعتبر كلام العميد بيطار غير صحيح قانونياً، لناحية إلقاء الحجز التنفيذي على أموال وممتلكات ذوي المكلف، حتى وإن كان القانون 39\2019 بنسخته غير المنشورة صحيحاً.
إذ أن امتداد الحجز الاحتياطي على الزوجة والأبناء أو ذوي المكلف يخالف ما ورد في المادة 9 من قانون جباية الأموال العام 341/1956، التي حددت أن الحجز يلقى على أموال المكلف شخصياً ولم تذكر سواه.كما يخالف ذلك ما ورد في المادة 51 من الدستور السوري لعام 2012، بأن العقوبة شخصية، لا تقع إلا على مرتكب الفعل المجرّم قانوناً، وبالتالي لا يجوز أن تشمل العقوبة جزائياً غير المسؤول عنها.
المصدر: syria report