جسر: متابعات:
الرئيس السوري يحكم منذ عشرين عاماً، بلده تعاني من الحرب، ومع هذا يلتصق الأسد بكرسي الحكم, كيف يحدث هذا؟
قبل وقت قصير من الذكرى العشرين لتوليه السلطة، حصل بشار الأسد في الأيام الماضية على هدية سياسية من خصومه الدوليين: الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ودعا هدفهم الرسمي المتمثل في طرد الأسد من القصر الرئاسي في دمشق، حتى مجلس الأمن أثبت عجزه مجددًا:: روسيا أوقفت بنجاح المساعدات المخصصة للمحتاجين في سوريا. قبل بضع سنوات كان الأسد على حافة الهزيمة في حرب طويلة ضد المعارضة، ولكنه يبدو الآن صامدا في كرسيه، هنا خمسة أسباب مهمة لنجاة الأسد.
الأسد هو الشر الأقل ضررا بالنسبة لكثيرين
الموالون من الأقليات و العلويون: عندما تولى بشارالأسد في السلطة خلفا لوالده المتوفي حافظ الأسد في عام 2000، اعتُبر حينها إصلاحياً، الأسد الأب حكم سوريا بقبضة من حديد منذ عام 1970، ولكن الابتهاج لم يدم طويلاً، فالأسد بدأ باعتقال مؤيدي الإصلاح وأثبت أن صورته كمُحدّث للبلاد كانت سراباً، في عام 2011 رد الأسد بالسلاح على مطالب بالديمقراطية، ومنذ ذلك الوقت تدور حرب كلفت مئات الآلاف من البشر حياتهم وتسببت بتشريد الملايين.
ضامن أساسي لبقاء الأسد في السلطة، هي الأقلية الدينية التي تنتمي إليها عشيرة الأسد: العلويون، الطائفة التي يبلغ تعداد أتباعها 2,5 مليون من بين 20 مليون سوري، تُعتبر مقربة من الإسلام الشيعي وكانت مضطهدة وملاحقة من قبل الأغلبية السنية في سوريا، ولكن تحت حكم حافظ الأسد دخل العلويون إلى الجيش والحكومة لدعم النظام، ولاؤهم للأسد الابن يُمكن تفسيره بخوفهم من انتقام السنة في حال سقوط الرئيس.
أقليات دينية أخرى تُشاطر خوف العلويين من العنف السني، كثير من المليوني مسيحي في سوريا و الدروز في الجنوب يرون في الرئيس الخيار الأقل ضرراً، خصوصا فيما يتعلق بفظائع الدولة الإسلامية داعش والمجموعات الإرهابية السنية الآخرى، أعضاء من النخبة الاقتصادية، من بينهم سنة، يراهنون على الأسد. طبقة جديدة منتفعة من الحرب استفادت من التهريب توالي أيضاً الرئيس، أصحاب الشركات أصبحوا اليوم تحت الضغط بسبب العقوبات الأمريكية.
2- أجهزة الأمن الوحشية: تعذيب، استعمال الأسلحة الكيميائية، الخطف، لا شيء يردع النظام السوري في حربه ضد معارضيه. محققوا الأمم المتحدة يتهمون سلاح الجو الروسي باستهداف المشافي و المدارس عمداً، وحدات هامة من الجيش والشرطة والمخابرات يسيطر عليها ضباط يرتبطون بشكل قوي بالأسد، ماهر الأسد شقيق الرئيس يقود الفرقة الرابعة في الجيش وهي من وحدات النخبة.
منذ بداية الحرب قبل تسع سنوات تم خطف وقتل عشرات الآلاف من قبل الأجهزة الأمنية، أحد أفراد الشرطة العسكرية المنشقين, الذي حمل اسم قيصر بعد هربه، قدم أكثر من 50 ألف صورة لضحايا التعذيب ينبغي استعمالها لملاحقة مجرمي الحرب.
تنظيم داعش يستغل الفوضى في سوريا
3- معارضة ممزقة: لم تتمكن المعارضة في أي وقت منذ اندلاع الثورة ضد الأسد على الاتفاق على برنامج موحد، من وقفوا خلف المقاومة السلمية، تم تنحيتهم جانبا عبر وحشية الأجهزة الأمنية من جهة و سلطة المتطرفين ضمن خصوم الأسد، بعض المجموعات، من ضمنها مجموعات سنية متطرفة، حصلت على دعم من الخارج. لكن حتى بين الداعمين بالمال والسلاح كان هناك خلاف، تركيا ودول الخليج الغنية كالسعودية حصلوا على ميزات معينة عبر دعم مجموعات معينة.
مع هذا نجح المتمردون في السنوات الأولى من الحرب في السيطرة على الكثير من المناطق، لكن خلافات داخلية أضعفت قوى المعارضة. الأكراد في شمال شرق سوريا نأوا بأنفسهم بعيدا عن الصراع، وركزوا على بناء حكم ذاتي على طول الحدود التركية، استغلت مجموعات جهادية كداعش و القاعدة الفوضى في سوريا.
4- حلفاء أوفياء: الأسد معزول دولياً بشكل كبير, ولكنه يعتمد على بلدين، روسيا أنقذت الرئيس عبر تدخلها العسكري في سوريا عام 2015 من هزيمة مؤكدة في الحرب، مع التدخل عادت روسيا كقوة في الشرق الأوسط. وسعت روسيا قاعدتها الجوية ونقاطها العسكرية في سوريا، حتى تدعم النفوذ الروسي في كامل المنطقة. إلى جانب ذلك استطاع الكريملين بناء علاقات مع تركيا. انسحاب الولايات المتحدة الامريكية من المنطقة سهل التقدم الروسي.
إيران أيضا تدعم الأسد. كقوة شيعية إقليمية لا يتعلق الأمر فقط بمنع سقوط الأسد وقيام نظام سني، وإنما يقدم التدخل في سوريا لإيران أيضا إمكانية نشر قواتها ومليشياتها قرب الحدود مع إسرائيل، بهدف تكثيف الضغط على الدولة اليهودية.
الغرب لازال يتفرج على الصراع في سوريا
غرب لا يبالي: “لم نقل أن الأسد عليه أن يرحل”, هذه العبارة التي قالها المبعوث الأمريكي جيمس جيفري تلخص التأرجح في موقف الغرب، أصرت أمريكا وأوروبا لسنوات على رحيل الأسد، ولكن في الأسبوع الماضي شدّد جيفي أن هدف الولايات المتحدة يتمثل فقط في تغيير دراماتيكي في سلوك النظام السوري، تصريح مشابه جاء من ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: يمكن الحديث عن تطبيع للعلاقات فقط عندما تغير حكومة دمشق من سياستها، ويتم إنهاء القمع تجاه الشعب والانخراط في عملية سياسية، ولا كلمة عن تنحي الأسد.
خلال أكثر من تسع سنوات من الحرب أثبت الغرب عدة مرات أن النزاع في سوريا غير مهم بالنسبة له، على الرغم من الخطابات، الرئيس الأمريكي باراك أوباما تراجع في عام 2013 عن ضربة عسكرية ضد نظام الأسد، على الرغم من أنه تخطى عبر استخدامه للسلاح الكيميائي خطوط الأمريكيين الحمراء، صُدمت أوروبا لدى وصول مئات آلاف اللاجئين من سوريا, لكن ردة فعلها اقتصرت على تحويل تركيا لحارس.
المصدر: ترجمة intsyria
لاطلاع على المقال من المصدر اضغط هنا