مراسل درعا: جسر
ما تزال صورة أبنائها عالقة في مخيلتها، ولا يزال صدى ضحكاتهم وعبق أنفاسهم يملأ المكان ، حتى مشاجراتهم الصغيرة لا تزال تدور في ذهنها ولم تشأ تغادرها ولو للحظة.
هذه هي حال أم أسامة (أ.ج) السيدة الستينية ، الأم لأربعة شهداء، والخامس معتقلاً، تقول بأن فراقها لأبنائها الشهداء كان بمثابة الوداع الأخير، لقد دخلت مرحلة جديدة تصفها بـ“اليتم” فهي تشعر مع أحفادها الصغار بيتمهم وتشاركهم انكسار مشاعرهم.
فاليوم وقد رحل من ملأ المكان بحديثه، وتلاشت معه الأحاديث الجميلة.. وتلك اللمسات الناعمة خرجت من ذلك البيت بدون استئذان.
لم تتوقع ان تلقب بالخنساء يوما، او تحصل ذات لحظة على لقب ام الشهداء، كما أخبرتها جاراتها ؛ بدون شك هو لقب كبير لا تستحقه الا القليلات.
فقد كانت قادرة على تناسي حزنها وآلامها لأن أمثالها كثر من آلاف الأمهات السوريات اللواتي فقدن أبنائهن أو فقدن عزيز
فهي اليوم قادرة على تخطي حزن المرحلة، و بوسعها ان تنتظر فرحا يلوح في الأفق، ربما خبرا عن ابنها المعتقل في سجون الموت لتكون فرصتها في الحياة أكبر، لتقول لمراسل جسر : (انا أحيا اليوم على مجرد خبر).
تلك هي حالة الأمهات السوريات في عيد الأم ، لم يعد يجمعهن حنين تلك الجلسات العائلية الصغيرة ، ولا المشاكسات الناعمة بين الأبناء، فكل البيوت في سوريا اليوم باتت مرهقة ، و أتعبها الموت، و بعثرها التهجير، و لم يعد يجمعها اليوم سوى خبر ينقل عبر حروف الكترونية تفتقد الأحاسيس ، ولكنها تحرك أحياناً بعضاً من المشاعر.