جسر – صحافة
نشر مركز التحليل والبحوث العملياتية “COAR”، دراسة بعنوان “كبتاغون وحشيش.. دولة المخدرات السورية”، طرح فيه أجوبة للعديد من الأسئلة، أبرزها “لماذا تحوّلت سوريا إلى دولة المخدرات الأولى في العالم؟ وما هي آثار ذلك على السوريين والمنطقة بشكل عام؟”.
وقال المركز إنه من المستحيل وضع تصور لنشوء دولة المخدرات السورية دون تحديد جذورها أولاً، لكنه قد بدأ إنتاج الكبتاجون في سوريا كنتيجة غير مباشرة لتصعيد حملات مكافحة المخدرات في أوروبا، خاصة في بلغاريا، وعلى الرغم من إقرار الحكومة السورية بوجود “طلب كبير” على المخدرات محلياً، وارتفاع عمليات مصادرة الكبتاجون المحلية إلى قرابة الضعف بين عامي 2008 و 2009، إلا أنها لم تُبلّغ رسمياً عن اكتشاف أي مختبر للكبتاجون حتى عام 2011، ثم انتهى هذا الإنكار القابل للتصديق، فسقطت ورقة التين مع اندلاع الصراع المسلح في البلاد.
تنامي دولة المخدرات السورية:
تنقسم تجارة المواد المخدرة في سوريا في زمن الحرب بسبب ديناميكيات النزاع إلى مرحلتين زمنيتين متمايزتين، وإن بصورة ضبابية، استمرت أولاهما من بداية اشتعال الأزمة في عام 2011 وحتى قرابة عام 2018. خلال هذه الفترة، تصاعدت أنشطة اقتصاد الحرب حيث قاتلت المجموعات المتنوعة التي شكلت المعارضة الناشئة الحكومة السورية وتقاتلت فيما بينها بشتى الصور. وبالتوازي، فإن الميليشيات الموالية للحكومة، كالفصائل المسلحة المدعومة من إيران، ثبتت مواطئ قدم استراتيجية لها في الوقت الذي تشظّت فيه الدولة المركزية السورية. وبحلول ربيع عام 2013، انسحبت الدولة المحاصَرة إلى بؤرة يمكن الدفاع عنها، متنازلة إلى خليط من الجماعات المسلحة عن محافظتي إدلب وحلب بكاملهما تقريباً، ومعظم مناطق شرق الفرات، وجيوباً واسعة من وسط وجنوب سوريا. ثم ازدهرت الاقتصادات غير المشروعة في المساحة التي أخلتها الدولة، وبرزت سوريا على أنها “عاصمة الكبتاجون العالمية” إذ أصبحت السيطرة على إنتاج المواد المخدرة وحركتها مصدر دخل مهم لمختلف الجماعات المسلحة.
تغير الوضع بحلول عام 2018، العام الذي يمكن وصفه بأنه نقطة انعطاف في النزاع. أحرزت الحكومة السورية في عام 2018 سلسلة من الانتصارات العسكرية المهمة إذ استعادت السيطرة على جيوب المعارضة في الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي وجنوب سوريا. أقصت هذه الحملات بمجموعها المعارضة المسلحة والسياسية إلى مناطق هامشية على طول الحدود السورية-التركية وأعادت بسط سلطة الدولة على شبكات الطرق الرئيسية والحدود الدولية الاستراتيجية والمعابر التجارية النشطة. كان لأحداث ذلك العام أثر على تحول سوريا إلى دولة مخدرات ليست بأقل أهمية. تزامنت استعادة الدولة للسيطرة مع تحول كبير في تدفق المواد المخدرة من سوريا، وازدادت عمليات اعتراض الكبتاجون والحشيش السوري في الخارج منذ عام 2018 مع ازدياد شحنات المواد المخدرة على نطاق تجاري. إضافة إلى نمو صادرات المخدرات السورية، يبرز أيضاً تغير نوعي بالغ، فقد أصبح إخفاء شحنات المخدرات أيضاً أكثر تطوراً من الناحية التقنية. تدل مجموعة متزايدة من الأدلة على تورط رموز مرموقة من النظام السوري وحلفائه الإقليميين في تجارة المخدرات الإقليمية، وهي تجارة متقلبة تتركز في سوريا. وفي حين كانت تجارة المواد المخدرة في أزمنة سابقة تُنسب إلى جماعات مسلحة كان يشكل بعضها تهديداً صريحاً للدولة السورية، حصلت طفرة في تجارة المخدرات منذ عام 2018 حين أصبحت عوائدها شريان مالي حيوي لنظام الأسد وحلفائه الدوليين.
المصدر: صوت العاصمة