جسر: رصد
نشر دريد الأسد (ابن رفعت الأسد شقيق حافظ الأسد) ، مقطع فيديو على صفحته الشخصية في “فيس بوك” تحدث فيه عن اجتياح اسرائيل للبنان عام ١٩٨٢، ومشاركة النظام السوري في تلك العملية لصد العدوان، رابطاً الأمر ، بحسب زعمه، بوجود راقصة يهودية من اسكتلندا قدمت إلى دمشق، وأقامت علاقة مع وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس الذي قام بتسريب معلومات.
وقال الأسد في تسجيله “في بداية الثماننيات جاءت راقصة اسكتلندية يهودية تدعى ديان سيدني، وكانت امرأة على مستوى عال من الجمال، لتكون بذلك كفيلة باستقطاب اهتمام مصطفى طلاس وزير الدفاع الذي كان يقضي أوقاتاً طويلة في الملاهي الليلية”.
ولفت الأسد إلى أن مهام الراقصة تلخصت بالتقرب من وزير الدفاع، والتعرف عليه واكتساب الثقة، لأنها جاءت إلى سوريا بمهمة محددة، كلفها بها جهاز الموساد الاسرائيلي، وهي الحصول على معلومات عسكرية عن منظومة الدفاع الجوي وصواريخ سام الجديدة القادمة من الاتحاد السوفييتي، التي لم يمض وقت طويل على دخولها الأراضي السورية، وترافقت أيضاً بدخول طائرات ميغ، ومروحيات من نوع مي ٢٤ ومي ٢٥.
وأيضاً كان هدف الراقصة “ديان” الموظفة في قسم خدمات الشرق الأوسط في جهاز الموساد الاسرائيلي، الدخول إلى مبنى الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة ولمكتب مصطفى طلاس، للحصول على وئاثق وأوراق ومخططات لتساعدها على كشف نوع السلاح الجديد الذي حصل عليه الجيش السوري.
وعزا الأسد رغبتها في الحصول على تلك الوثائق نظراً لأن “السلاح الجديد عندما يدخل للمعركة يكون فيه نوع من المفاجاة والمباغتة بالنسبة للعدو، وعندما يتم تسريب معلومات عنه للعدو، تفقد سوريا عنصري المباغتة والمفاجأة”.
وادعى الأسد أن العلاقة توطدت بشكل لافت بين طلاس والراقصة، فبدأ بالظهور معها بشكل علني، في الأماكن العامة، وعاشت ديان فترة مؤقتة في دمشق لتسافر بعدها دون عودة، الأمر الذي يعني أنها أنهت مهمتها، بحسب الأسد، ونقلت كل المعلومات المطلوبة التي ظهرت نتائجها بعد عامين من الزيارة في حرب اجتياح بيروت عام ١٩٨٢، وعلى اساسها حوصرت بيروت، وأنشأت اسرائيل الحزام الأمني في الجنوب.
وعن مجريات الحرب الاسرائيلية قال الأسد “في عام ١٩٨٢ خلال الفترة التي واكبت حرب اجتياح بيروت التي سمتها اسرائيل بعملية الصنوبر، شارك مئة ألف جندي اسرائيلي فيها، حسب احصائيات عسكرية، أي ضعف الذين شاركوا في حرب تشرين، وكانت ذريعة اسرائيل حينها الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، وعلى رأسه منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات”.
وأضاف “شارك في هذه المعركة عدة أطراف هي سوريا وحزب الله وحركة امل ومنظمة التحرير، والملفت كان حجم القوات الاسرائيلية التي بلغت حوالي ١٣٠٠ دبابة وآلاف المدرعات وعشرات الطائرات، وقامت اسرائيل بعبور الشريط الحدودي شمال فلسطين وجنوب لبنان وضرب المقاومين الموجودين في لبنان”
وعن نتائج تلك الحرب على لبنان قال الأسد “من أهم نتائجها على صعيد لبنان هو احتلال الشريط الحدودي الجنوبي الذي بقي فترة طويلة جداً بيد اسرائيل وطرد منظمة التحرير الفلسطينة من لبنان، وطرد القوى المسلحة الفلسطينة من لبنان، وتحييد السلاح الفلسطيني عن أي معركة في لبنان في المستقبل”.
وأضاف “هذه المعركة كانت هامة لإسرائيل ليس فقط على الصعيد اللبناني، ولكن أهميتها كانت ضرب مقدرات الجيش السوري ووحداته المقاتلة في لبنان وضرب منظومات وبطاريات الدفاع الجوي وضرب وسائل الاتصال اللاسكلي والالكتروني لدى الجيش السوري”.
واعتبر الأسد أن حرب اجتياح بيروت “أول حرب تقوم في المنطقة بالمعنى الإلكتروني، وكان لها عنوان عريض، الحرب الإلكترونية، لأن عنوانها كان التشوييش على كل الرادارات الجديدة ومراكز القيادة والاتصال والتنسيق بين القيادة العسكرية في مبنى الأركان، وبين الوحدات العسكرية المقاتلة على الأرض سواء في لبنان أو سورية” .
وروى الأسد واقعة جرت أمامه في مبنى سرايا الدفاع عندما كان برفقة والده حيث قدم علي أصلان الذي كان حينها إما نائباً لرئيس هيئة الأركان أو رئيساً لهيئة الأركان فقال “تداولوا موضوع مشاركة المظليين والمظليات في عمليات انزال جوي خلف خطوط العدو، وطلبت من والدي حينها أن اشارك بهدة العملية، الفكرة كانت انزال آلاف المظليين والمظليات بنسبة ٨٠ بالمئة شبيبين و ٣٠ بالمئة شبيبيات خلف خطوط العدو في منطقة دير العشائر التي وصلت لها الدبابات الاسرائيلية، وهي على بعد عشرات الكيلومترات من قلب العاصمة دمشق، وكانت الغاية من الإنزال المروحي والاسقاط الجوي قطع طرق الإمداد والتمويل عن ألوية الدبابات والمشاة المحمولة التي توغلت في الأراضي السورية والمحاذية للحدود اللبنانية، الا أن الامر لم يتم إذ استعصى أمر محدد، وهو عدم توفر طائرات النقل العسكري التي ستقوم بتلك العمليات إذ يحتاج الاسقاط من ٣ الى ٥ طائرات اليوشن ومن ٨ الى ١٢ طائرة توبوليف اما الإنزال يحتاج من ١٢ إلى ١٥ حوامةمن نوع مي ٨، لتنقل آلاف المظليين”.
وطالب الأسد أن يتم سؤال العماد علي أصلان الآن كونه حياً يرزق، عن دقة كلامه، إذ قال الأسد أن أصلان قال إن “وسائط الاتصال السلكي واللاسكي بين القيادة في دمشق وبين الوحدات المقاتلة سواء في سوريا أو العاملة في لبنان، كانت مقطوعة بشكل شبه كلي، وتم التشويش عليها من قبل العدو، وقاموا بإرسال البريد بين القادة والوحدات بطرق كان يتم التعامل بها خلال الحرب العالمية الثانية منذ خمسين عاماً”.
وضربت في عام ١٩٨٢ مراكز التحكم والسيطرة، وأنظمة تشغل البطاريات والرادارات التي أرسلها الاتحاد السوفييتي، وبهذا اصبحت دمشق للمرة الاولى في تاريخها المعاصر مفتوحة أمام أي اعتداء جوي اسرائيلي لأن منظومة صواريخ الدفاع الجوى تم تعطيلها بشكل كامل، وأصبح بإمكان اسرائيل ضرب اي هدف في دمشق.
وفيما يتعلق بخسائر الجيش السوري،فقد بلغت ١٣٠٠ قتيل، ٣٠٠ اسير، ٣٥٠ دبابة مدمرة، تدمير ٨٦ طائرة حربية، تدمير١٠٠ مدفع، ١٢ مروحية، ٢٩ بطارية صواريخ سام.
ونقل الأسد عن والده رفعت قوله “اجتمعت مع أحد أكبر الخبراء الروس الذين قالوا لي إن خسائر الجيش السوري بحرب الاجتياح كان السبب فيها تسرب معلومات عسكرية عن الشيفرات والترددات الإلكترونية اللاسلكية الخاصة بالأسلحة، وأوضح أن خرقاً معلوماتياً عسكرياً نجم عنه خسارة سوريا لمنظومات الصواريخ والطائرات والحوامات التي سببها انقطاع التواصل مع القيادة، والتي هي العقل المفكر، والانقطاع عنها كارئة في العلم العسكري”.
واختتم الأسد خديثه بالقول “لن استنتج سأترككم أن تستنتجون، ولكن أريد القول من العار أن يأتي شخص كمصطفى طلاس ليسجل تاريخ سوريا، وأن يكون مرجعاً من مراجع التاريخ المعاصر في سوريا ويقدم شهادات في تاريخ سوريا”.
يذكر أن مصطفى طلاس في مذكراته “مرآة حياتي” كان قد شن هجوماً عنيفاً على رفعت الأسد، خاصة في الفترة التي حاول فيها الأخير الاستيلاء على الحكم والانقلاب على شقيقه حافظ الأسد الذي كان مريضاً حينها.