جسر: متابعات:
لم تتوقف إيران عن محاولاتها التمدد داخل سوريا بالرغم من المعارضة الأميركية الشديدة لهذا الأمر، وقد عملت خلال سنوات الثورة السورية على ترسيخ وجودها سياسيا وعسكريا واقتصاديا وحتى ثقافيا، إذ سيطرت على مفاصل مهمة في سوريا وعملت على أجندة مقلقة بالنسبة لكل من واشنطن وتل أبيب، بحسب تصريحاتهما المتكررة بشأن الوجود الإيراني في سوريا.
وقد وصل الأمر بطهران أخيراً أن وقّعت اتفاقا جديدا مع النظام السوري بشأن التعاون العسكري الشامل، يقضي أحد بنوده بتطوير أنظمة الدفاع الجوي السوري.
وأماط الاتفاق الجديد بين النظام السوري وإيران اللثام عن تساؤلات كثيرة، وكشف عن جانب من إصرار طهران على البقاء داخل الأراضي السورية، فقد أكد الخبير العسكري والإستراتيجي عبد الناصر العايد، في حديث للجزيرة نت، أن الاتفاقية من حيث الشكل لا تختلف عن الوضع القائم على الأرض، لكنها تُثبت أن إيران باقية في سوريا.
وقال العايد إن “الحديث عن تباعد روسي إيراني بات أمرا مؤكدا بعد هذا الاتفاق الذي يسمح لإيران بنشر دفاعات جوية في سوريا، وقد كان من عمل روسيا، أي أن طهران لن تعتمد على موسكو في هذا الإطار”.
وأضاف العايد أن “إيران تحاول ترسيخ وجودها في سوريا من خلال اتفاقيات سيادية موثقة، كما فعلت روسيا من أجل أخذ الشرعية لوجودها حتى يتحول إلى قواعد عسكرية، وليس فقط من خلال الدعم الفني والمليشيات الموالية لها التي تقاتل إلى جانب النظام السوري منذ سنوات”.
ولم يكن الاتفاق العسكري الأخير بين طهران ودمشق الأول بينهما، بل جاء بعد سلسلة من الاتفاقات على الصعيد العسكري والاقتصادي والثقافي جرت خلال سنوات الثورة السورية، لذلك كان لا بدا من معرفة رأي المعارضة فيها، وإذا ما كان استمرارها في إطار الحل السياسي ممكنا.
وعن هذا الأمر، قال المتحدث باسم هيئة التفاوض السورية المعارضة يحيى العريضيللجزيرة نت إنه لا يمكن للمعارضة التي تحمل صوت الشعب السوري أن تنسجم مع إيران، واصفا إياها بالدولة الدموية والوجه الأكثر بشاعة من النظام السوري.
ووصف العريضي الاتفاقات بأنها مجاهرة من قبل النظام بالتمسك بمن لا يريده أحد، ومحاولة لإنقاذ النظام من قِبَل من يحتاج إلى إنقاذ، في إشارة منه إلى إيران.
وأكد العريضي للجزيرة نت أن النظام ليس لديه أي شيء يخسره، ويحاول البقاء ولو لأيام قليلة من خلال هذه الاتفاقيات، خصوصا أن إيران تحاول دائما تعزيز وجودها الأيديولوجي في سوريا من أجل استمرار عملية الاحتلال، على حد وصفه.
وتتزامن الاتفاقية الجديدة مع أحداث وتطورات ميدانية داخل مناطق سيطرة النظام السوري، تُبرز حجم التباين الإيراني الروسي إلى درجة بوادر الخلاف والتباعد، حيث شهدت محافظة درعا جنوبي البلاد عمليات اغتيال بين فصيلين، إحداهما موال لإيران والآخر يأتمر بأمر روسيا.
وفي هذا الصدد، أعلن قائد اللواء الثامن في الفيلق الخامس لقوات النظام -الذي تُديره موسكو- عن نيته تشكيل جيش موحد في حوران، للتصدي لنفوذ إيران.
وجاء ذلك بعد تفجير حافلة لقواته أثناء قدومها من قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، وتوجيه أصابع الاتهام إلى الفرقة الرابعة التي تدعمها إيران، لذلك فإن الاتفاقية العسكرية الجديدة تُظهر تقارب النظام مع إيران على حساب روسيا، خصوصا بعد أن هاجم الإعلام السوري الرسمي التابع للنظام الفصائل الموالية لروسيا وعلى رأسها اللواء الثامن العامل جنوبي البلاد.
وفي تحرك مماثل، سيطرت القوات الروسية قبل أيام على حقل الورد النفطي بدير الزور، بعد إخراج المليشيات الإيرانية منه بحسب مصادر محلية.
أما السبب الأبرز لهذا التباعد، فهو رغبة موسكو في تنفيذ وعودها لتل أبيب عندما جرى اتفاق التسوية بين روسيا والمعارضة جنوبي البلاد، وتعهدت حينها موسكو بإبعاد المليشيات الموالية لإيران أكثر من 80 كلم عن الحدود مع الجولان السوري المحتل، وهذا ما لم يحدث، وظهرت محاولات إيران لتعزيز وجودها في المنطقة الجنوبية.