جسر: خاص:
أطلقت عدة مؤسسات إعلامية روسية حملة من الانتقادات طالت نظام الأسد ورأسه بشكل مباشر، واتهمته بارتكاب مختلف أنواع الفساد، وانعدام الكفاءة، وعكست بوضوح مدى التململ الروسي منه. كما أطلقت الحملة الإعلامية الروسية ضد النظام، العنان لوسائل إعلام وصحف عالمية لاستشراف مقاربات روسية جديدة للمسألة السورية. إلا أن السفير الروسي لدى النظام “ألكسندر يفيموف” أوضح في لقاء مع صحيفة “الوطن” الموالية بعد الحملة الإعلامية المذكورة؛ أن العلاقات بين بلاده ونظام بشار الأسد أقوى اليوم مما كانت عليه في أي وقت مضى، وأكد مواصلة الحرب في إدلب من دون تردّد، تحت شعار “محاربة الإرهاب”، وأن بلاده “تنطلق من أن اتفاقات وقف إطلاق النار في إدلب أياً كانت، لا تلغي ضرورة الاستمرار في محاربة الإرهاب بلا هوادة”، وفق قوله.
كما نشر الناشط الإعلامي والسياسي المؤيد للنظام “عمر رحمون” عبر حسابه على تويتر تغريدة زعم فيها أن تصريح وزير الدفاع الروسي عن قرب انطلاق العمل العسكري لتحرير باقي محافظة إدلب، يؤكد ثبات روسيا على موقفها الداعم لـ”الدولة السورية”، وأنه يقف ضاحكا أمام تصريحات وشائعات من وصفهم بالمرتزقة عند إردوغان في السوشيال ميديا، وأن مثلهم كمثل المرتزقة الذين ذهبوا إلى ليبيا.
روسيا واختلاف مقاربتها للمسألة السورية
الكاتب والخبير في الشأن الروسي محمود الحمزة أوضح في تصريح خاص لصحيفة جسر أن تصريح السفير الروسي في دمشق الداعم للنظام يشبه إلى حد كبير شعارات البعثيين وتصريحاتهم، وأنه على الرغم من صمت الكرملين وكذلك الخارجية الروسية حول الحملة الإعلامية والرسائل التي يبعثها النظام رداً عليها عن طريق خالد عبود وغيره من مدعي الثقافة، وهم في الحقيقة ليسوا إلا نخبة من الشبيحة بقيادة بهجت سليمان وابنه حيدرة تاجر المخدرات، تركت انطباعا سيئا جدا وردة فعل سلبية وأثارت ضحك واستهزاء المسؤولين الروس، وأنهم ينظرون إلى النظام على أنه جوقة من المجانين، خاصة عندما طالب عبرَ أبواقه بضرورة أن يقوم وزير الخارجية الروسي “لافروف” بلجم وإسكات وسائل الإعلام الروسية الناقدة للنظام، معتبرين أن بشار الأسد رمز مقدس لا يجوز تناوله في الإعلام الروسي.
وأكد الحمزة أن هذا الكلام الصادر عن النظام فارغ لا قيمة له نظرا لوجود عشرات المواقع الناقدة للرئيس الروسي بوتين، وتصفه بأبشع الأوصاف، وبالتالي من يكون بشار الأسد مقابل بوتين.
وبالعودة إلى التصريحات الصادر عن السفير الروسي في دمشق، وكذلك في إيران، اعتبرها الحمزة مجرد خطوات لتطيب خاطر نظام اﻷسد والنظام الإيراني حلفاء روسيا؛ بينما الشيء الجوهري ما يزال يجري تحت الطاولة، ولم يُعلن عنه، فصمت الجهات الرسمية الروسية عن الحملة الإعلامية ضد النظام ما هي إلا مؤشر جدي على أن شيء ما سيحدث في الفترة المقبلة.
واعتبر الباحث في المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام رشيد حوراني أن روسيا باتت تسعى مقابل الاستراتيجية الأمريكية التي تقول بضرورة “طيّ صفحة الأسد، وأن أي عملية سياسية لا يمكن أن تنجح طالما أن الأسد جزء فيها”؛ ألا تكون الخاسر الأكبر من الحرب السورية المتعدّدة الأطراف والرهانات، من خلال البحث عن مخرج يضمن لها تحقيق رهاناتها الرئيسية، قبل أن تفقد كل شيء، وبدأت بالتناغم مع هذا الوضوح الأمريكي من خلال جملة من الإجراءات السياسية التي تهدف إلى تعزيز الدور الروسي في سوريا واستمرار ضمان مصالحها حتى من دون الأسد، منها تعيين سفير موسكو في دمشق “ألكسندر إيفيموف” مبعوثا خاصا لبوتين بهدف زيادة إحكام قبضة اﻷخير على الشؤون السورية، وتعزيز دوره كحكم نهائي في القرارات الرئيسية في هذا المجال من السياسة الخارجية الروسية، وتوسيع دائرة مبعوثيه. وكذلك تكليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزارتي الدفاع والخارجية بالتفاوض مع النظام السوري للحصول على المزيد من السيطرة والامتيازات في المياه الإقليمية السورية، واستلام منشآت ومناطق بحرية إضافية في سوريا.