جسر: متابعات:
بيان رامي مخلوف الذي أصدره، بقصد دفع التهمة عن نفسه، بأنه يتاجر بالحشيش، على خلفية إلقاء السلطات المصرية القبض على كمية كبيرة من الحشيش، معبأة في عبوات حليب تعود ملكيتها لإحدى شركاته، هو بيان يستحق التأمل فيه، ويمكن من خلاله استشفاف بأن الرجل، لولا أنه متورط بهذه العملية، لما اضطر لإصدار بيان توضيحي، كون التهمة ملتصقة به تماما، بحسب تقرير السلطات المصرية، التي أكدت بأن العبوات، هي تقفيل المصنع المنتجة به، أي أنه من المستحيل أن تكون معبأة في مصنع آخر..
إلا أن رامي مخلوف يلف ويدور في بيانه، فهو يتحدث بداية عن الدور الوطني الذي تلعبه شركته “ميلك مان” ، من خلال استجرار كميات كبيرة من الحليب من المربين ، وتسويقه ، ثم يتحدث في اللقطة الثانية عن أن أحدهم يريد أن ينال منه ومن سمعة شركته لتعبئة الحليب، والتي قلة قليلة من الشعب السوري تعلم بأن هذه الشركة تعود ملكيتها له، والفضل يعود إلى الفضيحة التي أثارتها السلطات المصرية من خلال التحقيق مع المقبوض عليهم، والذين اعترفوا بأن هذه العبوات جرى تعبئتها بالحشيش في المصنع الذي تنتجه.
ولعل اللقطة الأهم التي أثارتها وسائل الإعلام المصرية، أن هناك من بلغ على الشحنة لدى وصولها إلى مصر، ما يؤكد حقيقة الصراعات داخل النظام السوري، والتي كانت قد تحدثت عنها وسائل الإعلام الروسية، وبالذات بينه وبين أسماء الأخرس، زوجة بشار الأسد.
ومخلوف، من جهة ثانية، يحاول في بيانه أن يلفت الانتباه، إلى أن هناك شخصيات نافذة وتمتلك قدرات كبيرة، موجودة في سوريا، وهي من تقوم بإنتاج المخدرات والحشيش بهذه الكميات الكبيرة، لأنّه، حسب قوله، “لا يمكن إنتاج هذه الكمّيات ﻓﻲ دكاكين صغيرة بل تحتاج إﻟﻰ أماكن كبيرة وتمويلات ضخمة وقدرات عالية من عمّال وآﻻت وأسطول نقل”، وهو في هذا الكلام، كأنه يملك معلومات عن جهات عليا في النظام تقوم بتصنيع الحشيش والمخدرات، لكنه لا يريد الكشف عنها، وإنما التلويح بفضحها فيما لو أن أحدا حاول المساس به .. لأنه بالشكل الطبيعي، كان يفترض بسلطات النظام السوري، ولدى إعلان السلطات المصرية عن إلقاء القبض على هذه الكمية من الحشيش، أن تقوم على الأقل باعتقال مدير المعمل والتحقيق معه، ومن ثم التواصل مع السلطات المصرية للوقوف على المعلومات التي بحوزتهم، إلا أن شيئا من هذا القبيل لم يحصل، ولم يقم النظام بأي فعل أو رد فعل اتجاه هذه الأخبار.
ثم يقول رامي مخلوف في ذات البيان، إنه زود “الجهات المختصّة ببعض الوثائق والمعلومات التي تفيد في هذا التحقيق”، وهو ما يؤكد مرة ثانية معرفته بتجار الحشيش والمخدرات في سوريا وأنه على استعداد في المرة القادمة لفضح أسمائهم على العلن، إذا ما اقترب الخناق من رقبته.
ويصر رامي مخلوف في نهاية بيانه، أن اختيار منتجات شركته بالتحديد، هو عمل مقصود، “هدفه الإساءة إلى سمعتنا وتعطيل أﻋﻤﺎﻟﻨﺎ وصولاً إلى إخراجنا من سوق المنافسة”.
علما أن شركة “ميلك مان” هي الوحيدة في السوق السورية التي تعمل في مجال تعبئة الحليب، فمن ذا الذي ينافسه ويحاول إخراجه من السوق.. ؟! كما يبدو، فإن الصراع داخل أقطاب النظام السوري، بدأ يتخذ منحى مختلفا، وهو أسلوب الفضائح والتسريبات.. حيث تقول التقارير الإعلامية إن رامي مخلوف هو من سرب للصحافة الروسية قصة شراء بشار الأسد لوحة لزوجته بقيمة 30 مليون دولار، ومن ثم فإن أسماء الأخرس، هي من سربت للسلطات المصرية قصة تهريب رامي مخلوف لـ 4 طن من الحشيش في منتجات حليبه..وهذا يعني، إذا لم يتفق الفاسدون في النظام السوري، فإننا سوف نسمع المزيد من قصص الفساد الاقتصادي وفضائح سرقاتهم لمقدرات الشعب السوري، والمتاجرة بالمواد الممنوعة، من أجل زيادة ثرواتهم.
المصدر: موقع اقتصاد/ ٢٨ نيسان ٢٠٢٠