جسر: متابعات
أنتجت شبكة نتفليكس، مطلع العام الحالي، مسلسلاً جديداً أثار جدلاً بمجرد ظهور إعلانه. واختارت الشبكة له اسم “رجل المعجزات” بالعربية، و Messiah بالإنجليزية، وتعني المسيح.
“رجل المعجزات” يروي قصة شخص، ظهر في الشرق الأوسط وتحديداً في سوريا ويقوم بأعمال غير مألوفة، فتنتشر المقاطع المصورة لما يفعل على مواقع التواصل الاجتماعي وفي شاشات التلفزيون، وهو ما يؤدي إلى ضمه الآلاف من التابعين الذين لقبوه بالمسيح وسط شكوك من أجهزة الأمن الأمريكية والإسرائيلية.
فما الذي سيحدث إذا ظهر شخص في عالمنا يقوم بصنع المعجزات ويصفه الناس بالنبي؟ كيف سيتصرف الناس ورجال السياسة والدين؟
يرى منير الكشو أستاذ الفلسفة السياسية بجامعة تونس أنه رغم “انتشار التفكير العقلاني وتطور العلوم بكل أشكالها” في عالمنا اليوم، إلا أن ذلك لا يمنع “بروز ظواهر” لأشخاص يصنعون ما يطلق عليه الناس “المعجزات” ويصدقونهم تحت أي اسم، لذا “من الممكن أن يؤمن الناس بنبوة مثل هذا الشخص”.
ويضرب أستاذ الفلسفة المثل بالمجتمعات الغربية “بإيمان بعض الناس باتصالهم مع كائنات فضائية، أو اتباعهم وطاعتهم طاعة كاملة لأشخاص بعضهم يدّعي النبوة وبعضهم يدعي الألوهية”.
وأضاف الكشو أن الفلاسفة “تداولوا في هذا الأمر كثيرا”، موضحاً أن الناس يعلمون “بمحدودية قدرات البشر”، لذلك يتطلعون دوماً “إلى ما قد يتخطى حدود العقل، بل وينتظرونه بشغف”.
أما من ناحية رجال السياسة، فيتوقع الباحث الأكاديمي أنهم سيختلفون مع هذا الشخص، لأنه عندما سيقدم آراء سياسية “فقد تؤخذ على أنها أوامر إلهية أو مقدسة أتت من الخالق ولا جدال فيها”، لا كما جرت العادة على اعتبار الحلول السياسية “بشرية ويمكن مناقشتها”. لذلك يرى الباحث أن الساسة “بطبيعة الحال سيرفضونه وسيعتبرونه منافسا غير شرعي لهم ولما يقومون به”.
ويعتقد الكشو أن ردة فعلهم ستختلف من بلد إلى آخر، ففي البلاد الديموقراطية، نتيجة لمساحات حرية الاعتقاد “سيحاول الساسة تقليب الرأي العام ضد هذا الشخص وأفكاره”، لكن في البلاد ذات الحكم السلطوي، سيأخذ الحكام “ردود فعل عنيفة” لأن هذا الشخص قد “يجردهم من شرعيتهم، ويهدد وجودهم”.
ولكي يبدأ مسيح نتفليكس طريقه نحو العالمية، اختار القدس لتكون مكانه بعدما هرب من الاحتجاز الإسرائيلي له، ووقف على الدرجات المؤدية لمسجد قبة الصخرة يخطب في الناس بالعربية قبل أن يتم تصوير “معجزته”.
وصرح متحدث باسم شبكة نتفليكس لبي بي سي بأن المسلسل هو “عمل درامي ملهم يستكشف قوة التأثير والإيمان في عصر وسائل التواصل الاجتماعي”، مضيفاً أنه “لا يتعلق بالدين، بل يتمحور حول إدراكنا للأمور، وكيف يشكّل ما نتعلمه عن العالم من خلال العائلة والأصدقاء ووسائل الإعلام والمجتمع الذي يؤثر في ما نراه وكيف نراه”.
وحول ما إذا كان محتوى المسلسل قد يسبب حساسية لدى بعض المشاهدين وخصوصا في العالم الإسلامي والعربي، أوضح المتحدث باسم الشبكة أن “جميع العروض تتضمن تقييمات ومعلومات لمساعدة الأعضاء على اتخاذ قراراتهم بشأن ما هو مناسب لهم ولعائلاتهم”.
لكن مستشار حراسة الأراضي المقدسة وممثل رهبان الفرنسيسكان في القدس، الأب إبراهيم فلتس، لا يعتقد أن الكنيسة ستدعم شخصاً كهذا في حال إعلانه عن نفسه، كما أنها لن تصدقه لأن “هناك علامات يجب أن تسبق ظهور المسيح”.
فرغم اعتقاد الأب إبراهيم أن العالم “في حاجة إلى مسيح جديد يرسي قيم السلام”، إلا أنه يؤمن بأن “كل مَن يعيش على قيم المسيح هو مسيح وقادر على أنْ يغيّر العالم ويصنع المعجزات”.
أما أحمد صدقي، مدرس الفقه المقارن بجامعة الأزهر في القاهرة، فيرى أن مَن يدّعي النبوة بعد أن ختم النبي محمد الرسالة والنبوة “فقد خرج عن ملة الإسلام”، معللاً بأن “دعوى النبوة بعد رسول الله تُناقض المعلوم من الدين بالضرورة”.
وأضاف العالم الأزهري أنه في حال ظهور شخص بهذه المواصفات فسيعتبر أهل الدين الإسلامي دعوتَه “باطلة وآثمة”، كما دعا لتحويله للقضاء لينفذ فيه “الحكم الشرعي”، وهو أن “يُحْجَر عليه ويحبس”.
المصدر: بي بي سي