جسر – صحافة
في ساعة متأخرة من مساء كل يوم، ينطلق كريم (اسم مستعار) وهو شاب لبناني في نهاية عقده الثالث من منطقة البقاع الشمالي في لبنان، بشاحنته مخترقاً الحدود باتجاه سوريا في الجروف الوعرة ضمن أراض ترابية شقّها البشر.
منذ بداية هذا العام، كان ينقل شحنات من الوقود اللبناني مقابل 250 دولاراً لكل شحنة في خزان شاحنته التي يبلغ حجم استيعابها 45 ألف لتر، لينتهي بها المطاف في خزانات فارغة صممت لتستقبل الوقود اللبناني، علماً أن البلدين يعانيان من أزمة نقص محروقات شديدة.
قبل الوصول إلى الحدود، يمرُّ كريم بشاحنته على حواجز القوى الأمنية، كحاجز بلدة البزّالية البقاعية من دون أن يتم إيقافه أو حتى تفتيشه.
يقول الشاب الذي خبر الطريق الجبلية إلى سوريا جيئة وذهاباً أنه نقل أكثر من 150 صهريجاً (سعة الصهريج 45 ألف ليتر) من البنزين والمازوت منذ بداية العام الحالي وحتى حزيران/ يونيو، قبل أن يتوقف عن العمل، وفي الوقت ذاته كانت عشرات صهاريج الوقود تتوجّه يومياً إلى سوريا محمّلة بالوقود المدعوم في تصاعد غير مسبوق لعمليات التهريب من لبنان إلى سوريا.
وهو ما دفع عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان جورج البراكس، للقول في تصريحات، “أكثر من مليوني ليتر من المازوت تُهرّب يومياً إلى سوريا، من ضمن 5 ملايين ليتر يحتاجها السوق اللبناني يومياً”، مشيراً إلى قرابة المليار ليتر من المازوت يُهرّب سنوياً من لبنان الى سوريا، بحسب تقديراته.
الحكومة اللبنانية بحثت في أيلول/ سبتمبر الماضي، مسودة قانون يسمح للمركزي اللبناني باستخدام الاحتياطيات الإلزامية لمواصلة تمويل واردات الوقود المدعوم.
تموّل الحكومة اللبنانية واردات الوقود بالقطع الأجنبي وتبيع المادة بسعر مدعوم للمواطنين ما يساعدهم على تحمل أعباء ارتفاعات أسعار الوقود.
وكانت السلطات أعلنت في أيلول/ سبتمبر الماضي عن تسوية تقضي باستيراد المحروقات بسعر 8 آلاف ليرة/ للدولار حتى نهاية الشهر ذاته. وكانت هذه المرة الثانية التي تعدل فيها السلطات سعر استيراد المحروقات، إذ بدأت في نهاية حزيران/ يونيو تمويل استيراد المحروقات وفق سعر 3900 ليرة للدولار بدلاً من السعر الرسمي المثبت على 1507.
يضحك الشاب رداً على سؤال عن سبب إدخال هذه الكمية إلى سوريا وبصوت متقطع: “التهريب شغّال بكل الطرق، سواء عبر الصهاريج أو الدرّاجات أو الحمير أو بسيارات خاصة للجيش السوري والمحمّلة ببنزين ومازوت، وقفت على 150 صهريج؟”.
لا يُعدّ التهريب على طرفي الحدود بين الدولتين اللتين تنتشر بينهما معابر غير الشرعية كثيرة، أمراً جديداً، غير أن “وجهة” التهريب بين البلدين وسلاسل الإمداد Supply chain، قد تغيّرت في السنوات الأخيرة بسبب الحرب السورية والأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان بعد ثورة 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
يقول كرم شعار، الباحث في “مركز الشرق الأوسط للدراسات في واشنطن”: “إنّ التهريب بين البلدين تغيّر اتجاهه مرات عدة، خلال السنوات الماضية، وهذا التغيّر كان بحسب تغير مستوى الدعم في كلا البلدين، بمعنى أنه عندما يكون سعر الوقود أرخص في بلد ما، يكون هناك حافز أعلى للتهريب باتجاه البلد الآخر”.
قبل عام 2011 وعلى الجانب السوري، كانت تصل البضائع المهرّبة من لبنان كالتبغ والكحول والجلود والالكترونيات والألبسة والشوكولا الفاخرة إلى بلدات قريبة من الحدود كمضايا وسرغايا، وكانت تصل البضائع في ثمانينات القرن الماضي وتسعيناته إلى وسط دمشق وتباع في أسواقها، كسوق التهريب الشهير في حي القابون الذي شيّد عشوائياً ويقع بالقرب من مقرات القوات الخاصة الحساسة التابعة للجيش السوري.
تغيّر الحال بعد اندلاع الثورة السورية، وفرض الغرب عقوبات صارمة على النظام السوري بسبب القمع، طاولت بنيته المالية الصلبة وأركانه من رجال أعمال ومؤسسات حكومية، وهو ما أصاب بشكل مباشر الخزينة وأدى إلى صعوبات في توفير القطع الأجنبي والمحروقات، بعدما خرجت أهم آبار النفط شرق البلاد عن السيطرة الحكومية، لمصلحة “قوات سوريا الديموقراطية” المدعومة من الولايات المتحدة.
أصبح الاعتماد على لبنان يتنامى مع مرور الوقت من عمر النزاع السوري، كانت بيروت ومرافئ البلد بمثابة نافذة النظام السوري على العالم، وتم تأسيس شركات واجهة وكذلك شبكات إمداد برية عبر الحدود لتجاوز آثار الحصار والعزلة الدولية على النظام، لكن انفجار مرفأ بيروت في آب/ أغسطس 2020 خرّب هذه الخطط الاستثنائية التي صنعها النظام مع حلفائه هناك، ولضمان استمرار الإمدادات، كان لا بد من الاعتماد على التهريب بعيداً من المعابر الرسمية والعيون.
تنامي عمليات التهريب دفعت السفارة البريطانية في لبنان إلى الإعلان في كانون الثاني/ يناير الماضي، عن تزويد لبنان بمئة مركبة دورية مدرعة من طراز Land Rover RWMIK، لتعزيز دور أفواج الحدود البرية، “والمساهمة في تحقيق الاستقرار على الحدود اللبنانية”.
على رغم ذلك، استمرت عمليات التهريب حتى بات الجيش يعلن دورياً عن إلقاء القبض على مهربين، على سبيل المثال، أوقفت وحدات الجيش اللبنانية المنتشرة في كلٍّ من البقاع والجنوب في تاريخ 8 تموز/ يوليو الماضي، سبعة لبنانيين وفلسطينياً واحداً لمحاولتهم القيام بعمليات تهريب إلى خارج الأراضي اللبنانية، وضبطت 3000 ليترٍ من مادة البنزين وكمية من التبغ كانت معدة للتهريب ومحملة في سيارة وآلية نوع فان، وخمس آليات نوع “بيك أب” وشاحنة.
أزمة معيشية واقتصاد هشّ
تعيش سوريا ولبنان واقعاً اقتصادياً ومعيشياً هشاً يجعل البلدين مهددين بمخاطر انعدام الأمن الغذائي، وفق ما نشرته منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “فاو”، في آذار/ مارس الماضي.
ويتشارك البلدان بحدود برّية يبلغ طولها 375 كيلومتراً، تخترقها رسمياً خمسة معابر برية هي: معبر العبودية، والعريضة وجسر قمار (قبيعة)، وهي معابر شمالية، إضافة إلى معبري المصنع وجوسيه القاع، وهي معابر شرقية في منطقة البقاع اللبناني، يديرها الجيش والأمن اللبناني، إنما ثمة طرق ومعابر أخرى للمهربين وسلسلة المستفيدين والوسطاء قول آخر فيها على جانبي الحدود، نكشفها في هذا التحقيق، ونحدد عبر مقابلات حصرية مع سكان على الطرف السوري من الحدود وشهود عيان وسائقين حجبنا أسماءهم الوجهات النهائية لما يُهرب من لبنان إلى سوريا.
يُجمع من التقينا بهم، على أنّ المعابر غير الشرعية يستغلّها أشخاص يحظون بالتغطية من أحزاب لبنانية وتحقق هذه التجارة أرباحاً طائلة، وهو ما أشار إليه في نيسان/ أبريل الماضي وزير الطاقة اللبناني السابق، ريمون غجر، عندما قارن بين التفاوت في أسعار البنزين بين لبنان وسوريا، وهو ما يشير إلى إمكانية تحقيق المهربين أرباحاً ضخمة، على حد قوله.
لكن كيف يتم نقل السلع الأساسية وبخاصة المحروقات (المازوت والبنزين) وهل من تسهيلات داخل لبنان أو قرارات يستغلها المهربون؟ ولمصلحة من تذهب الشحنات؟
إيصالات شحن تحت الطلب
في وقت سابق من هذا العام، بدأ سائقون ومهربون يتحركون بشاحنات ويحملون إيصالات تسهيل حركة مرور ممهورة بأختام رسمية، قالوا إنهم حصلوا عليها من جهات رسمية في مرفأ طرابلس، ليملأها المهربون وسائقو الشاحنات بالمعلومات وفق وجهتهم لتسهيل العبور.
الإيصالات نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي وتم تداولها على أنها تسهيلات. وقد عرضها علينا سائقون نقلوا المشتقات النفطية من لبنان إلى سوريا، وتأكد صحافيون من موقع “درج”، شركاء “الوحدة السورية للصحافة الاستقصائية”- سراج، من صحتها.
وأكد من التقينا بهم أن عملية الحصول على هذه الإيصالات تمت مقابل مبالغ مالية.
يقول السائق كريم: “حصلنا وقتها على إيصالات فارغة وموقعة، لنكتب عليها معلومات عن جهة وصول نحددها.
في إحدى المرات كتبت أنّ جهة الوصول هي نقطة مقابلة لبلدتي زيتا وبلوزة الحدوديتين مع الأراضي اللبنانية ومن ثم بعد الوصول أدخلت الصهاريج من هناك إلى سوريا عبر الجيش السوري (مفرزة تابعة للفرقة الرابعة)”.
في أحد مقاطع الفيديو، تمكن رؤية صف من الشاحنات التي وضعت لصاقات على الصهاريج على أنها زيت نباتي مع إيصالات تشير إلى أن محتوى الصهريج زيوت نباتية لتلافي تفتيشها على الحواجز في لبنان، بيد أن محتواها الأساسي هو مشتقات نفطية سيتم نقلها إلى سوريا”.
في دراسة أجرتها منتصف العام الحالي، قدّرت مؤسسة “الدولية للمعلومات” كلفة تهريب المحروقات التي خرجت من الأراضي اللبنانية إلى سوريا، وكانت مدعومة على حساب ودائع اللبنانيين، بـ235 مليون دولار سنوياً.
يبلغ سعر صفيحة البنزين 95 أوكتان في لبنان بحسب لائحة أسعار وزارة الطاقة 308 آلاف و600 ليرة لبنانية، وسعر صفيحة البنزين 98 أوكتان 318 ألفاً و200 ليرة، أي أكثر من عشرة دولارات بحسب سعر الصرف في السوق السوداء، في حين يتراوح سعرها في سوريا 140 ألف ليرة سورية، أي 40 دولاراً. (1 دولار أميركي = 3500 ليرة سورية).
يقول الشاب كريم: “شاهدت مستودعات كتب عليها الفرقة الرابعة في منطقة القلمون وأفرغنا حمولتنا هناك”.
ولم نتمكن من التواصل مع مسؤولين في الفرقة الرابعة في قوات النظام السوري للتعليق على المعلومات التي لدينا.
يشير كريم إلى أنّ مالكي الوقود هم من يتكفلون بعملية تسهيل نقله وتحديد الطريق التي سيسلكها وصولاً إلى الأراضي السورية.
ويضيف: “الوقود الذي ننقله كان مملوكاً من قبل تجار بينهم مقربون من حزب الله ورجال أعمال سوريين. وهناك أكثر من 50 شاحنة كانت تعمل على هذه الخطوط بشكل يومي”.
عدد الشحنات يعكس حجم الطلب على البنزين داخل السوق السورية وفي الوقت نفسه حجم المعروض داخل السوق اللبنانية، إذ أشارت “الدولية للمعلومات” في دراستها إلى إنّه بين عامي 2018 و2019 ارتفع استيراد لبنان من البنزين بمقدار 89316 طناً بنسبة 4.4 في المئة، وبين العامين 2015 و2016، بلغ 137034 طناً أي بزيادة 2.7 في المئة.
الزبداني.. ملتقى خطوط التهريب
طرق تهريب المحروقات من الأراضي اللبنانية إلى سوريا تسلك مسارات عدة، وتتم معظم العمليات ليلاً، أبرزها يمّر بالقرب من مدينة الزبداني وبلدات القلمون الغربي، وأخرى في ريف حمص.
تُقدر نسبة شحنات المحروقات التي تمر بين البلدين، بنحو 80 في المئة من عدد الشحنات الكلي، فيما يعمل المهربون على تهريب نسبة تُقارب 20 في المئة من عدد الشحنات الكلي، لكن في كلا الحالتين، تعتبر الفرقة الرابعة السورية اللاعب الأبرز في جميع عمليات التهريب، والمنسق الرئيسي لإدخال الشحنات إلى سوريا.
حازم (36 سنة) وهو أحد أبناء بلدة “عسال الورد” في القلمون الغربي، قال: “إن جرود عسال الورد تعتبر من أبرز جرود القلمون لتهريب المحروقات بين لبنان وسوريا”.
هذه الجرود، هي جرد شعبة الجوز، وطريق الصهريج، وعقبة صالح، ووادي عربية.
وأشار إلى أن طريق التهريب تبدأ من سهل البقاع اللبناني، ومنه إلى منطقة “رأس الجوزة” الحدودية داخل الأراضي اللبنانية، ثم تدخل الأراضي السورية عبر معبر غير شرعي في منطقة تُعرف محلياً باسم “المبحص”، وصولاً إلى عسال الورد، مؤكّداً أن هذا المعبر عمره عشرات السنوات، و تم تعبيده وإجراء صيانة له عام 2018، لتسهيل عبور الشاحنات بين البلدين.
يعتبر حاجز رأس العين، المتمركز في أراضي منطقة “رأس العين” التابعة لبلدة عسال الورد، إلى جانب حاجز الكرت التابع للفرقة الرابعة، والذي يقع جنوب المفرزة الحدودية في عسال الورد، من أبرز الحواجز المشتركة على الطرق القريبة من ممرات التهريب، إذ نصب في أرض زراعية تبعد من المفرزة نحو 200 متر فقط، تعود ملكيتها لأحد أبناء المنطقة.
وبطبيعة الحال، فإن الشحنات تدخل الأراضي السورية عبر صهاريج لا تحمل لوحات مرورية، وعادة ما تتألف القافلة الواحدة من 4 صهاريج.
وبحسب حازم، فإن الصهاريج تدخل من معبر المبحص بحماية عناصر تابعين لـ”حزب الله”، وعادة ما يكون التسليم في منطقة تعرف باسم “مزرعة الدرة”، وتقع بين بلدة عسال الورد والجرود الحدودية، لتقوم عناصر “أمن الرابعة” التي تتسلم الصهاريج بنقلها إلى ثلاث مزارع على أطراف البلدة كنقطة موقتة قبل نقلها إلى خارج المنطقة باتجاه العاصمة دمشق.
“عملية التسليم تكون منسقة بالوقت بين قوات أمن الرابعة وحزب الله، كون أمن الفرقة الرابعة يستقدم الصهاريج التي عمل على إفراغها إلى منطقة مزرعة الدرة، وبذلك تستلم الفرقة الصهاريج الممتلئة وتُسلم الفارغة في النقطة المذكورة”، وفقاً لحازم.
بحسب مصدر مطلع على عمليات التهريب في المنطقة، فإن الاعتماد الأكبر في عمليات تهريب المحروقات من لبنان إلى سوريا خلال العام الأخير، أصبح على معبر الزبداني، وهو معبر غير شرعي، كان طريق تهريب بين البلدين منذ أكثر من عشر سنوات، إلا أنه لم يكن مخصصاً لعبور الشاحنات قبل تعبيده في تموز/ يوليو 2020.
الطريق تمر فيه صهاريج المحروقات بمعدل شحنتين أسبوعياً، ويتراوح عددها بين 4 و10 صهاريج في كل دفعة.
وأكّد أنّ هذه الشحنات عادة لا تكون للتجارة في السوق السوداء، بل تكون لخدمات الجيش السوري، ويتم تخزينها موقتاً في مستودعاً يقع بالقرب من الشريط الحدودي بين مدينة الزبداني وبلدة سرغايا، في منطقة تُعرف محلياً باسم “منطقة الخرابات”.
بعد التخزين، تنقل معظم الشحنات إلى مستودعات إدارة الوقود في بلدة “جديدة عرطوز” في ريف دمشق الغربي، ليتم توزيعها على القطع العسكرية في ما بعد، وهناك شحنات تباع في السوق السوداء لتجار في دمشق وريفها.
مهربون من أبناء المنطقة
على طول الحدود السورية- اللبنانية ينشط المهربون لكن هناك طرقات بارزة تشكل مفاصل أساسية وخدمية في العمل على الجانبين، كطرقات مدينة قارة السورية في القلمون الغربي.
تبدأ طريق التهريب إلى قارة، من معبر “الزمراني” الحدودي، وهو معبر رسمي في المنطقة، يقع تحت سيطرة “حزب الله” منذ عام 2015، وبدأ يُستخدم في نقل أسلحة الحزب وذخائره، إضافة إلى المحروقات منذ ذلك الحين.
أبو علي (52 سنة) أحد المزارعين من أبناء البلدة، أكد أنّ الشحنات تدخل بمعدل يقارب شحنة واحدة شهرياً، لكن أصغرها يتكون من 10 صهاريج.
ويضيف: “بعد دخول الشحنات من معبر الزمراني كانت الصهاريج تتوجه إلى مدينة قارة عبر جرودها، وتتم عملية التسليم في مقرات الحزب داخل المدينة، إلا أن الآلية تغيرت بعد انسحاب حزب الله من مقراته في المدينة العام الماضي، فأصبحت عملية التسليم تتم في منطقة ميرا الواقعة بين قارة ومعبر الزمراني”.
أمّا ما يحدث في بلدتي “رنكوس” و”فليطة” الحدوديتين، فهو أنّ عمليات التهريب من جرود البلدتين غالباً ما تكون لمصلحة مهربين من أبناء المنطقة، وفق شهادات من سكان محليين.
وعمليات التهريب من هذه الطرق تكون بكميات قليلة نوعاً ما، أي بمعدل شحنة واحدة أسبوعياً، ولا تتجاوز الشحنة حمولة صهريج واحد.
ويعتبر حاجز قرية الطفيل، وهو حاجز مشترك بين الأمن العسكري والفرقة الرابعة، ويتمركز فيه أيضاً، عناصر تابعون لـ”حزب الله”، من أهم ممرات تأمين الشحنات بين القلمون والطفيل وبالعكس.
تتم عمليات التهريب من جرود رنكوس و”فليطة” عبر سيارات رباعية الدفع في معظم الأحيان، وفي مرات أخرى تكون بوساطة دراجات نارية تحمل كل منها 4 غالونات بسعة 50 ليتراً لكل منها، أي أن كل دراجة تنقل قرابة 200 ليتر فقط، وذلك يعود إلى التشديد الأمني على الشريط الحدودي، بحسب المصادر.
إلى الجنوب قليلاً وعلى طول الحدود السورية- اللبنانية، هنا منطقة جديدة يابوس، وفق شهادات من السكان يتم إدخال المحروقات عبر الدراجات النارية أو الحيوانات في بعض الأحيان، من طريق جبل “الصويري” في البقاع اللبناني، وهو جبل مجاور لنقطة المصنع الحدودية (المعبر الشهير بين سوريا ولبنان)، ويتم إفراغها في مستودعات أحد المهربين المقربين من النظام في جديدة يابوس.
ليس هذا فحسب، بل إنّ ما تورده الأجهزة الأمنية من أرقام حول التهريب يوضح أنه يسجّل يومياً ما بين 200 و300 نقلة بخزانات وقود السيارات، من لبنان إلى سوريا.
تتم تعبئة 60 ألف ليرة لبنانية للتنكة، ويبيعونها بـ40 ألف ليرة سورية أي بحدود 130 ألفاً، بحسب سعر الصرف، وتباع في دمشق بـ70 ألف ليرة سورية، وذلك وسط تواطؤ من بعض محطات الوقود على الطريق الدولية من شتورا الى منطقة المصنع وجوارها.
تمت مقاطعة شهادة السائق كريم مع شهادات أخرى للتعرف إلى حجم اعتماد النظام السوري على البنزين والمحروقات الآتية من لبنان إلى سوريا، وعبر المعابر غير الرسمية لتلبية حاجته وحاجة السوق المحلية حيث تظهر أزمة المحروقات وتتشكل الطوابير أمام مراكز التوزيع العامة والخاصة بين فترة وأخرى في مناطق سيطرة النظام السوري.
وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك السورية، رفعت في تموز/ يوليو الماضي أسعار البنزين “أوكتان 95” (غير المدعوم) بنحو 20 في المئة ليصبح سعر الليتر 3 آلاف ليرة ارتفاعاً من 2500 ليرة، بعدما رُفع سعره سابقاً من 2000 ليرة إلى 2500 ليرة منتصف نيسان/ أبريل الماضي، وهو ما يفسر الحاجة إلى ضرورة خفض الاستهلاك باعتماد سياسة رفع الأسعار، وسط نقص المعروض من المادة.
المصدر: موقع درج