انتقال هذا الصراع إلى حيز علني بشكل ردح متبادل يأتي بشكل خاص بسبب “تجرؤ” الإعلام الروسي على انتقاد شخص رئيس النظام بشار الأسد، خصوصاً أن الانتقادات باتت تصل إلى التلميح بفكرة بدائل للأسد كوكلاء لموسكو في البلاد، علماً انه عندما كانت انتقادات “روسيا اليوم” مثلاً تتناغم مع ما يكرره إعلام النظام عن “فساد الحكومة” أو ما شابه من عبارت تبرئ الأسد شخصياً من مسؤولية كل ما يجري في البلاد على كافة المستويات، كان الإعلام الرسمي يثني على دور “الإعلام الحليف” ويستعين به لتقوية خطابه أمام الجمهور المحلي، بوصفه “إعلاماً أجنبياً محايداً”.
والحال أن الردح الإعلامي بهذه الصورة، قد يكون تخفيفاً من حدة اللهجة بين الجانبين، حيث يتم النشر دائماً لكتاب “يعبرون عن وجهة نظرهم”، مع عدم وجود لهجة مماثلة في الخطاب الدبلوماسي. ويفسح هذا الأسلوب غير المباشر مجالاً لعدم إلحاق ضرر كبير بالعلاقات بين الطرفين، وإن كان يشي بوجود خلل حقيقي.
وإن كان مقال “روسيا اليوم” الأخير يتحدث عن استبداد عائلة الأسد بشكل صريح بالإضافة لمشكلة وراثة بشار الحكم عن والده حافظ، فإن الإعلام الروسي عموماً انتقد بشكل غير مسبوق في الفترة الأخيرة تصريحات الأسد تجاه عدد من الملفات، منها تصريحاته بخصوص اللجنة الدستورية التي شهدت جولتها الأولى للمرة الأولى حواراً مباشراً بين ثلاثة وفود سورية للمعارضة والنظام والمجتمع المدني، وتنصل فيها من وفده المفاوض بالقول أنه وفد لا يمثل الدولة السورية. بالإضافة لتصريحاته التي هاجم فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووصفه باللص، ما استفز شبكات إعلامية مقربة من الكرملين للرد، ومن ضمنها شبكة “روسيا اليوم” التي نشرت بالعربية مقالاً اعتبرت فيه تصريحات الأسد صاخبة وغير مسؤولة.
وظهر الأسد في حوارات متكررة مؤخراً، ما أثار تحليلات كثيرة في وسائل الإعلام المعارضة، والتي رأت أن الأسد خضع لضغوط روسية للمشاركة في أعمال اللجنة الدستورية، ثم حاول بكل السبل التهرب منها وتعطيل أعمالها، ما استدعى رداً روسياً غير مباشر عبر الإعلام الروسي. كما أن هذه المقابلات، وتحديداً حواره مع شبكة “روسيا 24″، بدت محاولة لإصلاح الضرر الذي تسببت به التصريحات سابقة.
يذكر أن رئاسة الجمهورية السورية، أصدرت بياناً قبل أيام يقضيبعدم بث كافة الفعاليات والإطلالات الإعلامية للأسد، “كي لا يستغلها الإعلام المعادي والخصوم”، ما فهم على نطاق واسع أنه إشارة للإعلام الروسي تحديداً.