جسر: متابعات:
أثار مقتل خمسة أشخاص، يُعتقد أنهم من عناصر الخلايا النائمة لتنظيم “داعش”، إثر انفجار عبوة ناسفة كانوا يحضرونها في منزل أحدهم في قرية جديد عكيدات بريف ديرالزور الشرقي مطلع الأسبوع، تساؤلات جديدة حول انتشار السلاح في تلك المنطقة.
وباتت تلك المنطقة معروفة بانتشار مظاهر حمل السلاح فيها وتداوله على نطاق واسع، بما في ذلك اﻷسلحة الثقيلة والعبوات شديدة اﻻنفجار، وبحسب التقرير اﻷخير لمنظمة “Small Arms Survey” المهتمة بانتشار الأسلحة بين المدنيين، احتلت سوريا المرتبة 89 عالمياً؛ بمعدل 8.2 قطعة لكل 100 شخص، لكن واقع الحال شمال شرق البلاد تحديداً يقول أكثر من ذلك؛ ففي ديرالزور، حيث تقصّت “المدن”، تكررت حوادث إطلاق النار والتي تبدأ باﻷسلحة الفردية وتتطور ﻻستخدام البنادق واﻷسلحة المتوسطة وصولاً إلى العبوات الناسفة واﻷسلحة الثقيلة مع اتساع دائرتها لتشمل العشائر والقبائل.
وإلى جانب المسدسات، تأتي “كلاشينكوف” على رأس البنادق اﻵلية الشائعة، مستحوذة على التسمية المحلية (البارودة)، وتتراوح أسعارها بحسب المنشأ وتصميم اﻷخمص؛ بين 200 دوﻻر للصينية المنشأ ذات اﻷخمص الخشبي، و850 دوﻻر لروسية المنشأ ذات اﻷخمص القابل للطي. إضافة إلى أنواع أخرى أخفض ثمنا كبندقية “آر بي كي” بسعر 100-150 دوﻻر، وأخرى أغلى بكثير كبندقية “إم4” اﻷميركية، والتي يصل سعرها إلى 4000 دوﻻر.
ويقتني البعض رشاشات “بي كي سي” المتوسطة بسعر 1800-2200 دوﻻر، إضافة إلى الرشاشات الثقيلة المضادة للطيران بسعر 2500 دوﻻر، وأشهرها “دوشكا” عيار 12.7، ويعرف صيني المنشأ منها بتسمية “مجلس عسكري”، حيث اقتصر استخدامه أول اﻷمر على “المجلس العسكري لديرالزور” التابع للجيش السوري الحر، قبل أن ينتشر في اﻷسواق، إلى جانب رشاشات “كي بي في” من عيار 14.5.
ويشيع اقتناء قاذف “آر بي جي” الروسي بسعر 300 دوﻻر، إلى جانب نسخته العراقية “الناصر” بسعر 150 دوﻻر، وبعض الصواريخ المحمولة على الكتف وأشهرها “لاو” الأميركي ذاتي اﻹطلاق بسعر 300 دوﻻر. إضافة إلى الذخائر، والمواد المتفجرة المستخدمة في العبوات الناسفة وأهمها “سي4″ و”تي إن تي”.
ومع اتساع رقعة المناطق المحررة وفتح الطرقات إثر تحرير الرقة، شهد وادي الفرات افتتاح أسواق سلاح محلية منها: سوق المصرية في البوكمال، وسوق مدينة العشارة، وسوقي الماكف والدبابات في الميادين.
ومع سيطرته على المنطقة استمر تنظيم “داعش” في استجرار اﻷسلحة وبكميات أكبر مما سبق؛ نظراً لتعدد الجبهات التي خاض فيها معاركه. وبعد دحره ووقوع المنطقة تحت سيطرة “قسد” انحسرت التجارة العلنية بالسلاح؛ لكن التواصل مع تجار كشف ل”المدن” أن بعضهم مازال يملك مئات القطع مختلفة الفئات واﻷنواع، إضافة إلى الذخائر وقطع التبديل.
وتحدث صراف من أبناء المدينة لـ”المدن”، عن تجربته كمشترٍ، حيث لجأ إلى أحد المعارف لترتيب زيارة للتاجر الذي اصطحبه عند وصوله إلى غرفة مخصصة للعرض، اطلع فيها على أصناف من اﻷسلحة والذخائر، واشترى مسدساً وبندقية آلية ورشاشاً متوسطاً مع الذخائر؛ ودفع مبلغ 4000 دوﻻر، 100 منها عمولة الوسيط، الذي يعتبر كفيلاً للطرفين.
ومع منع توريده عبر تركيا، وضبط الحدود مع العراق، انحصرت مصادر السلاح بالداخل السوري، وأهمها الكميات التي خلفها التنظيم واستولت عليها قوات النظام و”قسد”، اﻷمر الذي أكده تاجر تحدث إلى “المدن”، وقال إنه اشترى غالبية بضاعته من مقاتلين وقادة ميدانيين في “قسد” استولوا عليها أو التقطوها في ساحات القتال إبان معارك طرد التنظيم، مضيفاً أن جزءاً كبيراً منها سبق أن صادره اﻷخير من اﻷهالي الذين اعتادوا اقتناء قطعة لكل ذكر في العائلة.
مصادر “المدن” أكدت تورط سلطات اﻷمر الواقع في تسهيل تجارة السلاح لدوافع سياسية، ناهيك عن المنافع المادية؛ فتتذرع قسد بفوضى السلاح للضغط على الجماعات اﻷهلية المناوئة لها، وتقوم قوات النظام والميليشيات اﻹيرانية بضخ كميات كبيرة منه لزعزعة الاستقرار وتسليح خلايا “المقاومة اﻹسلامية”، في محاولة للضغط على اﻷميركيين، إضافة إلى التنظيم الذي يسهّل انتشار السلاح تسلح خلاياه النائمة متصاعدة النشاط.